عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Jul-2024

مشروبات الطاقة: "تأييد مبطن" من الآباء وتجاهل لمخاطر صحية "قاتلة"

 الغد- تغريد السعايدة

 بحجة شراء علبة عصير، غافل الطفل يوسف (12 عاماً) عائلته وتناول إحدى عبوات مشروب الطاقة المتعارف عليها في الأسواق، لتتفاجأ الأم بأن هذه العبوة هي الثانية على التوالي في اليوم ذاته، ما جعلها تراقب سلوكياته خلال هذه الفترة، لتلاحظ تغييرا في زيادة منسوب التوتر والقلق والحركة الزائدة.
 
وتقول والدة يوسف إن ابنها، منذ بضعة أشهر، وبينما كان برفقة أصدقائه في رحلة مدرسية، قد جرب للمرة الأولى مشروب الطاقة. ومنذ ذلك الحين، أصبح يتناوله بشكل متقطع، من دون علم عائلته. لاحظت العديد من التغييرات السلوكية، كان أبرزها النشاط الزائد في تحركاته اليومية، رغم محاولاتها المستمرة منعه من شرب هذه المشروبات لكونه يتناولها بعيدا عن الأنظار.
 
ميساء عزايزة تحذر من إقبال الأطفال والمراهقين على مشروبات الطاقة، وسهولة الحصول عليها، حيث تتواجد في ثلاجات العرض العادية بالمحال كافة؛ الكبيرة والصغيرة، وبأسعار "منخفضة" نسبيا، من دون قيود أو رقابة عند شرائها من قبل الأطفال.
وترى ميساء، وهي أم لثلاثة أطفال، أنها تمنع تواجد هذه المشروبات بالبيت، وتنبه أبناءها بعدم تناولها، مع توعيتهم بمخاطرها، وتنبه دائماً أصحاب المحلات التجارية التي ترتادها ألا يبيعوها لأبنائها مهما كانت الظروف.
تقول ملك، التي تعمل في المجال الطبي، في تعليق لها، إنها شهدت العديد من الحالات لأطفال ويافعين تعرضوا لمضاعفات صحية خطيرة نتيجة تناولهم مشروبات الطاقة، موضحة أن أجساد الأطفال والمراهقين ما تزال في طور النمو، مما يجعلها أكثر عرضة للتأثيرات السلبية والمضاعفات لهذه المشروبات. وتعد مشروبات الطاقة، على اختلاف مسمياتها التجارية، كما جاء في دراسة خاصة حولها تم نشرها في العديد من المواقع الطبية، أنها من المواد التي تحتوي على كميات عالية ومركزة من الكافيين والمنشطات الأخرى، بما في ذلك السكر، والمحليات، والمكملات العشبية، والفيتامينات، والتوراين، والتي عادة ما يتم تقديمها كمنتج يزود الجسم بالطاقة والنشاط وزيادة القدرة على التركيز في مختلف الأوقات، على الرغم من وجود آثار سلبية لها الجسم، وخاصة الأطفال دون سن الثامنة عشرة، والأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب والأعصاب.
وتبين الدراسة ذاتها أن الذكور ما بين 11 و18 سنة أكثر إقبالاً عليها من الإناث، وأن مشروب الطاقة الذي يتناوله الطفل قد يزود جسمة بحوالي 50 إلى 500 ملغ من الكافيين، والتي تعد نسبة عالية جداً، ما يترتب عليها أعراض صحية خطيرة في كل مرة، وقد تزداد خطورتها حين يتكرر تناولها في اليوم ذاته.
في حين توصلت دراسة حديثة في العام 2024 لمركز مايو كلينيك الطبي إلى أن "استهلاك مشروبات الطاقة قد يكون مرتبطا بالسكتة القلبية المفاجئة، وأن كمية المواد المنشطة بها قد تشكل خطرا على الأشخاص الذين يعانون أمراض القلب الوراثية"، كما تم رصد 144 ناجيا من السكتة القلبية المفاجئة، حيث تبين أن سبعة مرضى ضمن هذه المجموعة كان قد تناول مشروبا واحدا أو أكثر من مشروبات الطاقة قبل وقت قريب من حدوث النوبة.
ويحذر اختصاصي الصحة النفسية والعلاج النفسي الدكتور أحمد عيد الشخانبة، من مخاطر مشروبات الطاقة على صحة الأطفال، مشيرًا إلى أنها تحتوي على كميات عالية من السكر والكافيين والأصباغ والمواد غير الصحية الأخرى والتي تؤدي بدورها الى فرط في النشاط أو ما يعرف بالنشاط الزائد وتشتت الانتباه.
وينبغي على الأهل أن يكونوا صارمين في التعامل مع هذه المشروبات التي تحتوي على نسبة كبيرة من المواد التي تؤدي لظهور أعراض جسدية وسلوكية سلبية على الأطفال، كونها تزيد من منسوب الطاقة في الجسد خلال وقت قصير بعد تناولها.
وهذا يؤدي، كما يبين الشخانبة، إلى ملاحظة أعراض معينة على الطفل أو اليافع، كما في تحوله إلى شخص عدواني، ومششت الانتباه ويعاني من فرط الحركة، وهو ما يؤدي بدوره الى انخفاض التحصيل الدراسي ومشاكل في العلاقات مع الأقران ومشاكل في النوم، والعديد من الممارسات بحسب بيئة الطفل وعلاقته مع الآخرين.
ومما قد يزيد من خطورة الوضع الصحي لليافعين، على وجه الخصوص، لجوء الأهل في فترة ما من المرحلة الدراسية إلى تقديم مشروبات طاقة لأبنائهم حتى يكونوا أكثر تركيزاً وقدرة على السهر من أجل الدراسة في الامتحانات، وبخاصة خلال فترة الثانوية العامة، كما فعلت والدة أحد الطلبة قبل سنوات عدة.
وتقول والدة أحمد، إنها قبل ما يقارب خمس سنوات قدمت لابنها مشروب طاقة ولكن بمعدلات بسيطة جداً، وتحت إشرافها، على حد تعبيرها، كي يتمكن من السهر لساعات طويلة، وخلال فترة الامتحانات فقط، ومن ثم توقفت عنها بعد الانتهاء من الامتحانات، ولكنها كما تقول "ليست واثقة من أن ابنها توقف عن تناولها أم لا بعد أن دخل الجامعة"، كونها لم تعد تراقبه كما كان خلال دراسته في الثانوية العامة.
ولكن ما يطمئن والدة أحمد، أن ابنها لم يتعرض لأي مخاطر صحية منذ ذلك الوقت، ولم يحدث له أي طارئ، فهو لا يتناول كميات كبيرة منها، بيد أنها تقول "لن أكرر هذه التجربة مع أبنائي الآخرين بعد أن أدركت خطورة تلك المشروبات".
الشخانبة يحذر أيضا من الأعراض والمشاكل الصحية التي يمكن أن تلحق بالطفل لاحقا نتيجة تناوله مشروبات الطاقة، لذلك ينصح الأهل بضرورة متابعة الأبناء ومراقبتهم، فهذه مسؤولية الأهل بتوجيههم وتعليمهم الآثار السلبية لتلك المشروبات.
اختصاصي الطب العام والأسري الدكتور زياد النسور، يبين المخاطر التي تهدد صحة الأطفال والمراهقين، والسلوكيات غير الصحية المتزامنة مع استخدام الهاتف والألعاب الإلكترونية لساعات متواصلة، خصوصا لمن هم دون سن الثامنة عشرة، خاصة مع تناولها بشكل متكرر.
ووفق النسور، فإن هذه المشروبات تحفز النشاط البدني والذهني بشكل عام، ولها قدرة على تقوية الذاكرة والشعور بالنشاط، ولكنها في الوقت ذاته تحتوي على نسبة كبيرة من المواد التي ينتج عن تفاعلها مخاطر صحية بالغة الخطورة وبخاصة لدى صغار السن، كما في حصولهم على نسبة كبيرة من الكافيين الذي لا يمكن للجهاز العصبي لديهم أن يتحمله، وبالتالي حدوث انفعالات عصبية ودماغية كبيرة محتلمة، تؤثر على صحة النشاط العقلي للطفال.
وينتج عن ذلك، وفق النسور، آثار تتمثل في إمكانية حدوث تشنجات عصبية، توثر على الدماغ وعمله، بسبب الطاقة الكبيرة غير المحتلمة لدى الطفل، وهو ما يؤدي إلى حدوث انفعالات وسلوكيات غير مقبولة أو منطقية لدى الطفل.
أما فيما يتعلق بأمراض القلب، وهي الأكثر خطورة، فيقول النسور إن منظمة الصحة العالمية لطالما حذرت من المخاطر التي تتعلق بسلامة القلب جراء تناول مشروبات الطاقة، كما في حدوث ضرر في نشاط كهرباء القلب، وعدم انتظام نبضاته، عدا عن ارتفاع ضغط الدم، وخطر الإصابة بالتجلطات القلبية وغيرها الكثير من الأعراض الأخرى الخطيرة، وخاصة لمن هم دون سن الثامنة عشرة.
إلى ذلك، فإن نسبة السكر الكبيرة في هذه المشروبات تتسبب بالإصابة بتسوس الأسنان بعمر مبكر، فكل علبة منها قد تحتوي على ما لا يقل عن 12 ملعقة صغيرة من السكر، لذلك يدعو النسور، الجهات المختصة، لمنع بيعها لمن هم دون السن القانونية بشكل كامل عدا عن دور الأهل في ذلك.
ووجدت دراسة حديثة أن أكثر من 40 بالمائة من جميع المكالمات الواردة إلى مراكز مكافحة السموم في الولايات المتحدة متعلقة بسمية مشروبات الطاقة كانت مخصصة للأطفال تحت سن 6 سنوات، حيث كان يعاني العديد منهم من أعراض خطيرة على الجهاز العصبي والقلب.
يمكن أن تحتوي علبة أو زجاجة من مشروبات الطاقة على ما يصل إلى 500 ميلليغرام من الكافيين، وهو ما يعادل حوالي 14 علبة من الصودا.
وفي بعض الأحيان، لا يتم تصنيف هذه المشروبات بشكل جيد، وقد يعتقد الطفل أنها مماثلة لأي نوع من المشروبات مثل الصودا أو العصير والتي يوافق الآباء على إعطائها للأبناء.
ومن الأعراض التي يمكن أن تصيب الاطفال؛ الصداع أو بعض الارتعاش والعصبية، ولكنها قد تكون أكثر خطورة مثل مشاكل في ضربات القلب وحدوث نوبات وتشنجات. وينصح الآباء بالتعامل مع مشروبات الطاقة كما يتعاملون مع أي نوع من الأدوية أو المواد الكيميائية المنزلية، وإبقائها بعيدا عن متناول الأطفال وتشجيعهم على ممارسة الرياضة.