عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Apr-2024

هل سيشتد الطوفان ؟!*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور

منذ السابع من أكتوبر الماضي، الذي أطلقت عليه المقاومة الفلسطينية اسم «طوفان الأقصى»، والذي لا يمكننا أن نتجاوزه دون تغيير كثير من قناعاتنا ومفاهيمنا السياسية، فعلى صعيد القناعة التي عملت طويلا لأجلها أمريكا وأوروبا والكيان المجرم، وهي ترسيخ مفهوم أسطوري عن جيش وأجهزة استخبارات وتجهيزات عسكرية وتكنولوجية لا تقهر، فقد تبخرت تلك القناعة خلال ذلك اليوم، وخسرت هذه الأطراف كل جهودها السابقة، وعلى صعيد آخر، متعلق بالمقاومة الفلسطينية نفسها، حتى وإن كانت مفاهيمها السياسية خاصة، ولا يمكن لغير المنخرط في صفوفها تفهمها، أعني من حيث الربح والخسارة، فالسابع من أكتوبر يوم بالنسبة للسياسيين الموضوعيين في تفكيرهم، هو يوم مشكوك في مجريات أحداثه، وفي جدوى نتائجه، ولا يمكن أن يحدث وتتمخض عنه تلك النتائج دون علم من الطرف الآخر.. لكن منذ ذلك اليوم كشف داعمو الكيان المجرم عن حقيقة موقفهم، وكلنا يتذكر ومقتنع تماما بأن الذي يقوم بالرد على أحداث السابع من اكتوبر هي أمريكا وبريطانيا وفرنسا بالدرجة الأولى، واتخذت أمريكا ومن معها تدابير «حربية»، قبل أن تتوجه كاميرات ورادارات حرب الإبادة إلى شعب تعداده حوالي 3 ملايين مواطن فلسطيني، محاصرين في سجن مغلق يمتد على مساحة جغرافية صغيرة.. فأمريكا وسائر أعضاء الحلف الصهيوني، دخلوا الحرب قبل أن تدخل ماكينتهم التكنولوجية التي تحتل فلسطين، والرغبة في توسيع جبهة الحرب هي احتمال قائم وبديل أمريكي، لكنه أصبح ضمن قائمة «التكتيك» في إدارة حرب الإبادة والتطهير العرقي.
كنا وما زلنا نتوقع دورا وموقفا في هذه الحرب، لما يسمى بمحور المقاومة، ولم يبلغ مواقفهم سقف توقعات أمريكا نفسها قبل شعوب المنطقة وحكوماتها، التي كانت وما زالت توقعاتها أكبر من موقف محور المقاومة الحالي، ومع ذلك فالدروس والرسائل السياسية الصادرة عن جبهات هذه الحرب مستمرة، وما زالت تفاجئ المتابعين، وتغير في القناعات والانطباعات وسقوف التوقعات.
تحاول العصابة المجرمة بقيادة المجرم نتنياهو أن توسع جبهة الحرب، وتورط حلفاءها بمزيد من التحديات، وقد نجحت فعليا بتقريب إيران من ساحة المعركة، بعد أن كانت خطواتها محسوبة على صعيد جبهاتها في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، فإيران بدورها تعلم بأن «رأسها» مطلوب، وهي لم تغفل عن هذا الهدف ولا لحظة واحدة خلال تمددها في البلاد العربية، لكنها تقدمت خطوة كبيرة باتجاه ساحة النيران، عندما نجح نتنياهو بإثارتها لتقوم برد على قصف قنصليتها في سوريا، وقامت إيران برد عسكري استعراضي يهتم بالرسائل السياسية أكثر من اهتمامه بالنتائج العسكرية.
بعد الرد الإيراني الكرنفالي، الذي لم يتمخض عن قطرة دم واحدة، مقارنة بشلال الدم في غزة، يمكننا أن نلتقط رسائل ونتائج سياسية مهمة، من شأنها أن توسّع جبهة الحرب «الطوفان».
المتطرفون الصهاينة بقيادة نتنياهو وبن غفير، نالوا دفعة جديدة من التعاطف الدولي الذي كان قد فتر قليلا بسبب الجرائم البشعة الكثيرة التي تحدث في غزة.. وقامت أمريكا بمشاركة بريطانيا وفرنسا بتوليف مسرح المواجهة الإيرانية - الإسرائيلية، للدفاع عن اسرائيل، ونجحت حسب التقييمات بصد أكثر من 90% من الهجوم الإيراني، ولا يمكننا أن نعتبر قيام الدول العربية بأي دور للدفاع عن سمائها بأنه يقع ضمت التحالف الذي تقوده أمريكا للدفاع عن إسرائيل، فمن حق أي دولة أن تحمي سماءها وأراضيها من أي خطر عابر في عالم تتولى فيه التكنولوجيا وبشكل أوتوماتيكي مهام دفاعية وطنية، لكن الحقيقة المهمة تتعلق بموقف امريكا وبريطانيا وفرنسا، فهم دافعوا عن الكيان الصهيوني وجرائمه بشكل واضح.
أما بالنسبة لإيران فقد حققت نتائج سياسية لا يمكن إنكارها، فهي عززت نتائج السابع من أكتوبر بنتيجة أخرى مهمة على صعيد هشاشة الكيان المجرم الذي يحتل فلسطين، فقد أثبتت إيران بهذا الهجوم الاستعراضي بأنها وانطلاقا من أراضيها البغيضة، يمكنها الوصول إلى فلسطين المحتلة بأسلحة يمكن اعتبارها تقليدية، ودون الحاجة لصواريخ باليستية، ودون الاستعانة بجهود أذرعها القريبة من فلسطين، وهذه حقيقة سياسية وعسكرية مهمة بالنسبة لجميع الأطراف.
احتمال اتساع رقعة الحرب بات كبيرا اليوم، سيما وأن عصابة اسرائيل تعتبر هذه الخطوة الإيرانية، نجاحا لجهودها في اقتياد ايران لمواجهة مع أمريكا والغرب، وتخفيف الضغط عن حكومتها المتطرفة المجرمة، وتناسي جرائمها البشعة في غزة، وتخفيف حدة الغضب الشعبي الأوروبي على الصهيونية وحكوماتها ومنظماتها وسياسييها في أوروبا وأمريكا.
كلها نتائج تبين اقترابها من مواجهات أوسع وربما أبعد عن القضية المركزية لكل هذا الصراع، وهي فلسطين وأراضي ومقدرات الأراضي العربية.