عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Sep-2020

كبار سن عن الخطاب الرسمي والإعلامي حول كورونا: إحنا والله بشر

 الغد-غادة الشيخ

“احنا والله بشر وإلنا مشاعر”.. قالها السبعيني ماهر “اسم مستعار” ضمن مجموعة من كبار السن الذين تحدثت معهم “الغد” ولن تكشف أسماءهم حفاظا على خصوصيتهم ومشاعرهم، حيث “بكفي اللي ذقناه” بحسب توصيف بعضهم.
حديث “الغد” مع مجموعة من كبار السن، جاء من وحي التقرير الذي تدور فكرته حول تحليل حقوقيين وقانونيين تحدثت معهم “الغد” يرون أن الخطاب الحكومي والإعلامي حول ملف كورونا “غير محايد” وفيه شيء من “عدم مراعاة لمشاعر فئة كبار السن” ويخلو من الجانب الحقوقي والأخذ بعين الاهتمام للآثار النفسية عليهم حتى المصابين بالأمراض المزمنة في بعض التوصيفات والعبارات التي تخرج في ذلك الخطاب.
تحليل أولئك الحقوقيين، جاء وفق قراءاتهم لبعض العبارات التي تستخدم في خطاب ملف كورونا وهي التي تكون بمثابة “تبرير” لحالات إصابات وحالات وفيات من كورونا وكأن كبار السن ومرضى الأمراض المزمنة خارج خريطة الرعاية الصحية الخاصة، معتبرين أن من الأولى أن يتحول الخطاب غير المحايد بحقهم إلى خطط من أجل كفالة الحماية المضاعفة لهم.
وعودة للسبعيني ماهر الذي قال: “إحنا والله بشر وإلنا مشاعر” ففي حديث له مع “الغد”، اعتبر أن الخطاب الحكومي والإعلامي في تطورات أحداث كورونا “تشعره وكأن كبار السن فئة على حافة الخطر، وإصابتهم بالفيروس، وحتى وفاتهم بسببه تبرره أعمارهم وأمراضهم المزمنة”.
وأضاف، “أصبحت أتجنب متابعة أخبار تطورات كورونا لأنني اكتفيت من العبارات والتوصيفات التي تخرج على لسان مسؤولين بحق كبار السن، بت أشعر أن كلمة كبير في السن بمثابة خطر على صاحبها وعلى من حوله، وبمثابة ذريعة تسوقها الحكومة باعتبار أنها لا تؤثر في جهودها في مواجهة الفيروس”.
وختم، “أنا أعلم أن الأردن من المستحيل أن يلجأ إلى خيار اتخذته بعض الدول الأوروبية التي اتبعت سياسة أقرب للتخلص من فئة كبار السن عندها ومنح أولوية الرعاية الصحية من كورونا لفئة الشباب، لكن التمييز الذي أشعر به بحق فئة كبار السن من قبل الرواية الرسمية في بلدي حول كورونا، لا يقل أثره النفسي علي عما اتبعته تلك الدول الأوروبية”.
إلى ذلك، وصفت المحامية والخبيرة الحقوقية نسرين زريقات الخطاب الرسمي تجاه كبار السن في ملف كورونا أنه “خطاب غير مدروس وتغيب عنه مراعاة الجوانب الحقوقية والآثار النفسية، حيث أصبحت فئة كبار السن تتخوف أن يطالها ما طال كبار سن في بعض الدول الأوروبية من تراخ متعمد في حمايتهم ورعايتهم”.
واعتبرت زريقات أنه كان من الأولى على وزارة الصحة والجهات المعنية بدلاً من أن يكون خطابها فيه “استسهال” في تبرير الإصابات والوفيات بكورونا لكبار السن، أن تخصص رسائل توعوية وتطمينية لهذه الفئة وجميع الفئات المستضعفة، بل وأن تشكل فريقا من وزارة الصحة في التركيز على حماية ورعاية هذه الفئات وأن تخصص خطا ساخنا لهم على سبيل المثال لاستقبال اتصالاتهم. وقالت، “إذا كانت الحكومة حريصة على ترجمة مقولة الإنسان أغلى ما نملك فإن كبار السن هم أغلاهم ذلك أن لهم الفضل في بناء مجتمعنا ونهوضه، ولا بد من إعادة النظر في التعاطي الرسمي معهم من منطلق حقوقي”.
ونوهت إلى أن هناك قصورا حقوقيا دوليا بشكل عام تجاه فئة كبار السن، فحتى اليوم لا توجد اتفاقية دولية تختص بهم، فضلاً عن أنه حتى على المستوى الوطني الأردني طالما كانت هناك وما تزال دعوات بإقرار قانون خاص لحماية كبار السن، وهذه دعوة جديدة لإقرار هذا القانون على غرار دولة عربية لحماية هذه الفئة.
وفي السياق ذاته، أشار الخبير الحقوقي رياض صبح إلى ملاحظات تتعلق بالخطاب الحكومي والإعلامي في ملف كورونا نحو فئات معينة ليس فقط كبار السن، فبحسب رأيه هناك أوصاف يتم استخدامها في الخطاب لا داعي لها، مثل ما حصل عن ذكر عبارة “لديها سمنة” لسبعينية توفيت بكورونا، أو عندما تم ذكر صفة “عمياء” لزوجة مصاب سابق، وتساءل: ما المقصود من وراء استخدام هذه التوصيفات: هل لها داعٍ؟.
وفيما يخص بفئة كبار السن وطريقة الخطاب الحكومي والإعلامي في التعاطي معهم في ملف كورونا، اعتبر صبح، أنه “بدلا من الاستمرار في تكرار عبارة كبار السن واستخدامها كعذر لسرعة الإصابة بالفيروس أو حتى الوفاة بسبب الإصابة فمن الأولى أن يتجه الجهد الرسمي نحو تأمين حماية أكبر لفئة كبار السن من خطر تعرضهم للفيروس”.
وأضاف، إن “الحق في الصحة هو حق للجميع دون تمييز”، داعياً إلى استبدال الخطاب الرسمي الذي يبرر بعض إصابات ووفيات كورونا بأنها لـ”كبار بالسن” إلى جهود مختصة لحماية هذه الفئة.
“السيدة سبعينية وكانت تعاني من أمراض ومن السمنة” إحدى العبارات التي خرجت في مؤتمر صحفي للحكومة حول تطورات كورونا ونقلتها وسائل إعلامية حول سيدة توفيت بكورونا، مثلها مثل تكرار عبارة “كبير، كبيرة في السن” بعد كل خبر وفاة أو إصابة.
وتعلق المحامية والحقوقية نور الإمام على ذلك بقولها: أحياناً “يصل الخطاب الرسمي والإعلامي يمارس شيئا من التنمر والذم والتشهير بحق فئات وأشخاص معينين من مصابي كورونا ليس فقط من ذوي كبار السن”، معتبرة أن هذا “الخطاب ليس محايدا، ومن المفترض أن يكون على درجة عالية من المسؤولية ومراعاة حساسية التوصيفات”.
واستشهدت الإمام بمثال استخدام توصيف “سمينة” لمصابة توفيت بكورونا وهي كما تبين تعتبر إساءة وفيها تتنمر، مشددة على أن “الخطاب الإعلامي أيضاً يجب أن يراعي أخلاقيات العمل الصحفي وأن يتجه نحو أن الفئة العرضة للإصابة بالفيروس هي جميع فئات المجتمع”، وأن الحق في الرعاية الصحية يجب أن يكون متساويا لجميع الفئات.
يشار إلى أن المادة السادسة من الدستور الأردني جاء في فقرتها الخامسة: “يحمي القانون الأمومة والطفولة والشيخوخة ويرعى النشء وذوي الإعاقات ويحميهم من الإساءة والاستغلال”.