حكومة بلا رتوش*د. محمود عبابنة
الراي
للوهلة الأولى فإن المتمعن بتشكيلة وزارة الخصاونة لا يملك إلا أن يستبشر خيراً، لقد ضمت هذه الوزارة عدداً وفيراً من أصحاب الخبرة والكفاءة العلمية، ونأمل أن يكون هذا مؤشراً على عزم الحكومة لتحقيق مفهوم دولة القانون والمؤسسات، التي أكد عليها وأوردها جلالة الملك في أوراقه النقاشية والتي يجب أن تكون مشعلاً وهادياً لهذه الحكومة التي تأتي في أصعب الظروف الصحية والاقتصادية والمالية والتعليمية.
بات عُرفاً متجذراً أن تأخذ هذه الحكومة الثلاثة أشهر الأولى، أو ما يسمى بالعطوة الشعبية حتى نستطيع أن نسلط سهام النقد او الإشارة الى مواضع الخلل إن ظهرت أو بقيت، بالتأكيد فإن الوضع الصحي والعجز المالي والاصلاح الإداري يجب أن تكون على رأس أجندة الحكومة الجديدة، التي ليس لنا إلا أن نستبشر خيراً بها ونتمنى لها النجاح بإحداث التغيير النوعي الملموس الذي تعهدت به.
شعبنا لم تعد تنطلي عليه الانجازات التي تتحقق على الاحصائيات غير الصحيحة ومؤشرات الأداء بلغة Power Point، وقيمة هذه الأدوات يجب أن تكون دليل اثباتٍ لما يتم تحقيقه على الأرض، بحيث ينعكس ذلك على حسن تقديم الخدمات للمواطن الذي ضاق ذرعاً بإدارة المؤسسات التي وصلت الى طريق مسدود، فلا الموظفون موجودون على مكاتبهم ولا أيٍ منهم قادر على اتخاذ قرار وأصبحت مراجعة إحدى الدوائر بمثابة عقوبة للمواطن، مضمونها التعذيب والمرمرة والشحشطة بين مكتب وآخر وتوقيع يتبعه عشرات التواقيع، ثم ينتهي الأمر بغياب الموظف المسؤول ثم عرض ذلك على المستشار القانوني في الدائرة ثم التمسك بحرفية النص الذي يؤولونه على غير معناه الصحيح.
عملية الإصلاح الإداري تحتاج الى ثورة بيضاء وقد لعب الوضع الحالي المسدود الى هروب الكثير من المستثمرين، الذين يحسدوننا على الأمن والأمان وعلى قيادتنا الهاشمية الرشيدة، إلا أنهم يشتكون من الإجراءات البيروقراطية ومحاولات الاستغلال التي تصادفهم، ولقد استبشرنا خيراً بالنهج والخطط التي تقودها مؤسسة تشجيع الاستثمار بقيادتها الجديدة، أن تُخرج لنا ملف الاستثمار من أدران التعقيد والعرقلة، ولعل الوقت لم يكن كافياً ولكننا نراقب عن كثب وندعو هذه الحكومة الجديدة لتوفير الدعم والمساندة لمؤسسة تشجيع الاستثمار، التي يعلق الناس عليها آمالاً باعتبار أنها هي وتنشيط السياحة من أهم أدوات مكافحة الفقر والبطالة وتعزيز الموازنة.
ليس لنا إلا أن نتفاءل بنخبة من الوزراء المخضرمين والمؤهلين تأهيلاً عالياً–وإن كان ذلك لا ينطبق على كل واحد منهم–وعلى رأسهم رئيسها الذي بالاضافة الى تأهيله العلمي وخدمته المتنوعة، فقد تربى في بيت سياسي عريق، نأمل أن تكون للمبادئ قيمة ومصداقية لديه.
المستقبل قد ينبئ أو لا ينبئ عن الحكمة من توزير اثنين وثلاثين وزيراً، وبالمناسبة فإن حظهم ليس وفيراً، فقد جاؤوا بأصعب الظروف وورثوا تركةً ثقيلة تتصدرها جائحة كورونا، وعلى هذا الاعتبار يجب محاسبتهم بعد انقضاء الأشهر الحُرم بالتكافل والتضامن سلباً أم إيجاباً.