عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Jul-2024

ملاحظة نقديّة جميلة من أستاذ جميل*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور

قبل أن أذكر ما لاحظه جميلون في مجمع اللغة العربية، حول مقالتي المنشورة أمس في زاويتي اليومية بجريدة «الدستور»، والتي كانت بعنوان «طعة وقايمة»، وبما أن الحديث عن الجميلين، فلا أنسى أن أترحم على الفقيد الجميل، فهد باشا العموش، الذي حاولت في الشهرين الأخيرين سماع صوته هاتفيًا، ولم أتمكن، وعلمت بأنه كان يعاني ظروفًا صحية مؤسفة، فرحمه الله وجعل الجنة مأواه.
في هذا الزمن الذي طال ليله على أمة كانت «مضيئة»، ارتضت بل تشرّفت بأمانة إخراج الناس من ظلمات الجهل إلى نور العلم، وحملت رسالة كتاب الله سبحانه «نور السموات والأرض»، الذي «مثل نوره كمشكاة فيها مصباح»، وعن المصباح فهو «في زجاجة»، والزجاجة التي يتوقد فيها المصباح وصفت بـ»كأنها كوكب درّي»، أما عن الكوكب الدرّي المتوهج، فمصدر نوره أنه يوقدُ من «شجرة مباركة».. زيت زيتونة لا شرقية ولا غربية، ويكاد الزيت يضيء ولو لم تمسسه نار.. وهي صور وأمثلة عن المعرفة العظيمة، قدمها رب الكون سبحانه عن نفسه باللغة العربية، وصولا إلى الصورة التشبيهية الأبرز «نور على نور».. ثم أورد خبرًا يقينًا بأن الله يهدي لنوره من يشاء، وعطف سبحانه الخبر كله بقوله «ويضرب الله الأمثال للناس»، ثم جاء التقرير الحاسم بأن الله بكل شيء عليم.. وهذا التصوير والتقرير الإلهيان، سيقودان للاستنتاج بل القناعة الكبيرة بأن «العلم نور».. وهو مهنة أمة، بلغها كل هذا العلم بواسطة اللغة العربية، التي يؤثر بأنها ستكون لغة أهل الجنة..
ويوردون معلومة عن لغتنا العظيمة في هذا الزمن، وبما أنني لم أحصِ كلمات لغتنا الجميلة، فالنص كله من شبكة «الإنترنت» وعلى ذمة كاتبه: «عدد كلمات العربية يتجاوز 12 مليون كلمة ما يعادل 25 ضعفًا من عدد كلمات الإنجليزية بحسب المصادر والمراجع ومعاجم اللغة العربية، فإن عدد كلمات اللغة العربية يبلغ 12.302.912 كلمة دون تكرار، ومقارنة باللغة الإنجليزية فإن عدد كلمات اللغة العربية يعادل 25 ضعفًا لعدد كلمات الإنجليزية التي تتكون من 600 ألف كلمة».
المشكلة؛ تتلخص في أنني كاتب صحفي يتذوق اللغة العربية «قليلًا»، وذلك مقارنة بأساتذتها وبكثيرين في مجالي، هم أفضل مني وأكثر تذوقًا وإحاطة باللغة العربية، لكنني كاتب صحفي، وأقلامنا «كسّرت» الكثير من مباني وربما معاني اللغة، لصالح توصيل معلومة لجمهور تتقاذفه عاديات الزمان، فتلونت ذائقته على طريق ذوبان هويته اللغوية، حيث تاهت، تيهًا، هو أشد مضاضة على عقل وقلب الحرّ.. فمشكلتي مع مقالتي أمس بأنني لم أتوفق باختيار كلمة أخرى – من بين 12 مليون كلمة- غير كلمة «طعّة» أضعها في العنوان، ولم أستخدم «أقواسًا» للتأكيد لغويًا، بأنها مقتبسة من لهجات عامّية دارجة بين شعوب وقبائل عرب القرنين «العشرين والواحد وعشرين» من قرون الانحدار والانحطاط.
تشرفت أمس، بأن هاتفني أستاذنا الكبير، الأستاذ الدكتور «محمد عدنان» البخيت، رئيس مجمع اللغة العربية، وزادت سعادتي حين أورد تلك الملاحظة «النصيحة»، وهي أول نصيحة من نوعها تصلني من هذه المؤسسة الأردنية الرشيدة، حيث كانت كل الملاحظات الواردة منها قبل ذلك، حول لغتي «الكتابية الصحفية»، مختلفة، فيها إشادة بمخزوني اللغوي «الصحفي»، فجاءت هذه الملاحظة الجميلة الناقدة، لتعزز في نفسي حقيقة بل أمنية، بأن يتعزز دور هذه المؤسسة التي من بين واجباتها «حراسة اللغة العربية» في كل أدبياتنا ومساقات التفاعل التنويري.. ولا أتحدث عن اقتصار المتابعة على سلامة النص الرسمي، بل كل النصوص العربية في الحياة السياسية والاقتصادية وفي التعليم والثقافة والفن.. وفي «الصحافة»، فأرجو أن يحرسوا لنا ما تبقى من لغة عربية في الصحافة، على الأقل في صحفنا الرئيسة، التي ينضوي تحت سقوف مطابخها الصحفية زملاء لغويون، يقومون بعملهم، بتدقيق كل كلمة قبل طباعتها ونشرها، لكن لدينا اليوم «مذاهب» ووجهات نظر مختلفة، في اللغة الصحفية، تجنح أغلبها لتقديم لغة سهلة، ملتصقة بالعامية، وتبريرهم مبني على ذائقة القارئ، الذي لا يكاد يحفل بل قل لا يفهم بجماليات وقوالب لفظية، و»تقع» المعلومة في ذهنه دون عناء، ثم لا تلبث طويلا وتتطاير من ذاكرته.
علما أن «الطّعَّ» له معنى في معجم القاموس المحيط، لكنني استخدمته في المقالة بغير ذلك المعنى، وبلا علامات اقتباس ولا تنصيص، حيث أختصر هذه العمليات حين أكتب مقالتي باستخدام هاتفي، أكتبها خلال دقائق، وقلّما أقرؤها قبل إرسالها «إلكترونيًا» للجريدة، تاركًا المهمة المهنية للمحرر واللغوية لأساتذة التدقيق اللغوي.