عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Jun-2020

أثرياء الطين والعجين* رمزي الغزوي

الدستور - أعترف أنني أفرط في التفاؤل أحياناً. ففي بداية جائحة كورونا تملكني شعور حالم أن صندوق همة وطن سيحقق أرقاما تصل إلى المليار دينار في حدها الأدنى. كان في بالي أننا سنتألف ضد ظرفنا القاسي، وأن أثرياءنا لن يتركوا معوزينا يعانون الضنك وبؤس الحال.

 
 بكل أسف لم يحقق الصندوق عشر ما توقعته أو تفاءلت به. وقد لمست مرارة خيبة الأمل بين كلمات رئيس لجنة الصندوق رئيس الوزراء الأسبق عبدالكريم الكباريتي، وهو يعلن جفاف الاستجابة للنداءات وانقطاع الرجاء ممن عولنا عليهم، واعتقدنا للحظة أنهم سيكونون ظهراً لمن لا ظهر ولا بطن له. 
 
 في بنوكنا أكثر من 40 مليار دينار ودائع للمواطنين. وأثرياء البلد معروفون جيداً. ولكنهم بكل ما في الخيبة من خيبة لبسوا أذنا من طين، وأخرى من عجين، وتركوا أهلهم في أضيق الأوقات وأحلكها. ولم تؤثر فيهم الاستغاثات لا تلمياحا أو تصريحا. 
 
 للأسف غابوا كليا عن مشهد تحمل جزء من مسؤوليتهم الأخلاقية تجاه بلدهم. وأحجم أكثرهم عن مد يد العون للمتضررين. وقد طالب البعض أن يتم تفعيل شوكة قانون الدفاع، بما يخوّل رئيس الوزراء وضع اليد على جزء من أموالهم لصالح التكافل الإجتماعي. ولكن لم يتم هذا مع أنه كان خيارا متاحا.
 
 أين اختفى هؤلاء؟ أين لاذوا؟ وكيف انسلخوا عند جلدتهم؟. كيف لهم أن يسمعوا أنين المتعبين ويغضوا الطرف عنهم؟. أم أنهم يتهربون من المواجهة الإنسانية، كما دأب بعضهم على التهرب من الضرائب والاحتيال على مقدارها؟.
 
 الكبار يظهرون عند اشتداد الخطوب والكروب. الكبار لا يخنسون في جلودهم السميكة؟. أم أن بعض أثريائنا يعيشون الفقر وخوفه حقاً رغم ثرائهم. فثمة فرق بين الثراء والغنى. أم إنهم يعيشون حياة مرهونة للهاث وراء التزايد في الأرباح ومفاقمتها خصوصا في مثل هذه الظروف. ويؤلمهم أن تنقص أرصدتهم فلساً فهذا يشعرهم بالفقر.
 
 أين اختفى كبار الأطباء؟ وشركات المقاولات؟ والتجار والسماسرة. واثرياء المغتربين. أم أنهم هنا فقط معنا بأجسادهم، بينما عقولهم في مدرات أخرى لا تعنينا بشيء، ولا تخرج عن أنانية قميئة. ولربما لو كان السفر مفتوحاً لم يبق منهم أحد في حيزنا الجغرافي. 
 
 البعض وصفهم بالعلق الذي مهمته تنحصر في مص الدماء. وآخرون يصفونهم بالفقراء نفسياً وروحياً. فيما يرى كثير من الناس بأن كثيرا من أثريائنا، وخاصة الطارئين منهم، لم يعتادوا التفكير في الصالح العام. هم رهنوا أنفسهم لأنفسهم فقط. ولا يفكرون إلا في كيف يغدو القرش ديناراً.
 
 وسيبقى أن أغلب الأثرياء يزدادون ثراء في ظل الجوائح التي تمر بها الشعوب.