عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    11-Aug-2020

رئيس مجلس الأعيان.. كما لم يتحدث من قبل العرش الهاشمي صمام أماننا.. الملك هوالحافظ للدستور،وللهوية الوطنية الأردنية الجامعة لكل المنابت والأصول

 ملك يوسف التل

الراي - أحصيتُ خلال الشهر الماضي، تموز، عدد المرات التي تناوبتْ فيها وسائل الإعلام المحلية والخارجية، على سؤال رئيس مجلس الأعيان، فيصل الفايز، عن مدى دقّة شائعات رئاسة موعودة لحكومة جديدة، فوجدتها ست مرات. نفيه في كل مرة لتلك الشائعة، لم يكن يمنع تكرار الحديث بها، إلى أن اتضحت الرؤية بتحديد موعد الانتخابات البرلمانية.
أكاديميو العلوم السياسية يُسمّون هذه الظاهرة التي يعبّر بها العقل الجمعي، للنُّخب وللشارع، عن نفسه بتصنيع الشائعات وتقبّلها والترويج لها بـ «سطوة الممحي». وهي نفسها الظاهرة التي أضحت أداة الرصد والاستباق، في الجيل الرابع الحالي من أجيال الاتصال والإعلام وتصنيع القرار.
ثلاث جلسات حوار مع رئيس مجلس الأعيان فيصل عاكف الفايز، كان الهدف منها محاولة استقراء «سطوة الممحي» في شخصه وفي المشهد العام الذي يتحرك الآن تحت وطأة ما حدَّده الرئيس فيصل الفايز بأنه ثلاث معضلات مترادفة ومتقاطعة: سياسية واقتصادية واجتماعية، أعطى فيها الأولوية للاقتصاد ولإدامة الاستقرار في الطبقة الوسطى، ببرمجة الهدف القديم المتجدّد حول الاكتفاء الذاتي في الأساسيات، واستعادة الثقة التي توسعت فجوتها بين الشارع ومؤسسات الدولة.
توقيت القراءة المشتركة مع رئيس مجلس الأعيان في متواليات المشهد المُضبّب باللايقين، يأتي اليوم في سياقات حدثين أو مناسبتين: الأول انتخابات برلمانية لمجلس نيابي يتمناه فيصل الفايز مجلساً غير تقليدي، في قوة تمثيله وأدائه، خالياً من المال السياسي وقادراً فعلاً على ممارسة ولايته التشريعية والرقابية.
أما المناسبة الثانية فهي استعداد الأردن لدخول مئويته الثانية، بمهمات يراها الفايز انها توجب استثمار عناصر القوة الذاتية التي تأسست عليها الدولة، والبناء من فوقها بديناميات الحداثة والاصلاح والرسالة الهاشمية العربية الإسلامية التي جعلت الأردن عصيّاً على تحديات كيانية تتابعت بموجات يفصل بين الواحدة والأخرى ربع قرن تقريباً.
لرئيس مجلس الأعيان رؤية، ولا نريد القول نظرية، تقول باستحقاق أن يكون للدولة برنامج رؤيوي عابر للحكومات، بحيث لا يعود كلّ رئيس حكومة جديدة وكأنه يبدأ من الصفر.
ومع انها بديهية سياسية قرأها الفايز في الجامعة، مثل غيره، إلا أنها مُسلّمة غابت طوال العقود الماضية وحان وقت تقنينها، بعد أن تأكّد لنا ولغيرنا في العالم، أن ما بعد جائجة الكورونا سيكون عالماً مختلفاً.. وأن الأردن مطلوب منه أن يستهل مئويته الثانية بقوة دينامية تستوعب المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية.
في مهمّات إعادة انتاج دولة الرسالة المصطفوية، لتأخذ دورها واهليّتها في النظام الإقليمي، يمتلك الرئيس الفايز رؤى قابلة للنقاش وللبرمجة، في مفاهيم الاصلاح، يستلهمها من أوراق جلالة الملك عبد االله الثاني، التي يراها ما زالت تنتظر الاستيعاب الحقيقي والبرمجة التنفيذية.
وفي صلب هذه الرؤية، محرّكات تشغيل اصلاحي مؤسسي، بينها العشيرة والقبيلة التي يراها الفايز جزءاً وثيقاً من نهج الاصلاح المستحق الذي ينبغي أن ينأى بقوة عن الجهوية.
مثلها قي ذلك مثل البيروقراطية التي تحتاج إلى رؤية استشرافية وكذلك التعددية التي كان الفايز أول من استحدث لها وزارة التنمية السياسية.
على قاعدة أنه رجل دولة غير خلافي، موصول ٌبما يصفه أنه مزيج جينات البداوة والحضر، وهي التي نهضت بشراكات بناء الدولة قبل مائة سنة، وتتحمل الآن مسؤولية تجديدها في المئوية الثانية ببرنامج عابر للحكومات، فإن الحديث مع «أبو غيث» اليوم، يأتي أقرب لأن يكون «بعيداً عن السياسة».
لكم رؤية اصلاحية تدعو لوضع استراتيجية وطنية عابرة للحكومات. ما هي المستجدات التي استوجبت التفكير بهذه الاستراتيجية وطرحها الآن؟
يواجه الأردن اليوم ثلاثة تحديات (سياسية واقتصادية واجتماعية)، سياسيا كما نرى يسير الإصلاح السياسي بتدرج، ويأتي موضوع الضمّ الإسرائيلي لبعض أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن بتبعات خطيرة على الأردن، وكما قال جلالة الملك (لا للوطن البديل، لا للتوطين، والوصاية الهاشمية خط أحمر)، هذه اللاءات الثلاثة هي التي نرتكز عليها، على المستوى السياسي كما ان موقف الأردن ثابت تجاه مختلف القضايا العربية العادلة وخاصة القضية الفلسطينية، هذا بالإضافة الى أن السياسة الخارجية الأردنية يقودها جلالة الملك عبداالله الثاني بكل حكمة واقتدار، لكن المشكلة الآن أنه لا يوجد استراتيجية ثابته، في مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية.
جلالة الملك طرح فكرة الاعتماد على الذات ووضع خارطة طريق لتنمية القطاع الزراعي في مختلف أنحاء المملكة ووجه الحكومة إلى تنفيذها، إضافة الى ضرورة التركيز والاهتمام بالصناعات الدوائية والغذائية ودعم المنتج الوطني، هذه التوجيهات الملكية توجب أن يكون هنالك استراتيجية للدولة في هذه القطاعات تكون عابرة للحكومات، بمعنى أن لا تأتي حكومة وتتجاوز وتلغي ما وضعته سابقتها من استراتيجيات.
وفي الجانب الاجتماعي هناك تحديات كبيرة ومشاكل اجتماعية عديدة، العنف الأسري والمجتمعي، وانتشار للمخدرات وخاصة بين الشباب وطلبة المدارس والجامعات، إضافة إلى التعدي على الحريات الخاصة للأفراد من خلال وسائل التواصل الاجتماعي بفضائه الواسع، هذه الوسائل التي بتنا نشهد فيها وللأسف انتشاراً لخطاب الكراهية والخطاب الطائفي المقيت، وبث بذور الفتنة بين مختلف مكونات نسيجنا الاجتماعي وشرائح شعبنا الأردني من كل المنابت والأصول، وهذا أمر مرفوض يجب التصدي له بحزم فاستقرارنا الاجتماعي أساس قوتنا ومنعتنا.
صاغ مجلس الاعيان برئاستكم ورقة عمل بالأولويات التنفيذية المفترضة.. كم نسبة ما جرى تنفيذه من هذه الأولويات؟
ما زال الوقت مبكراً، نحن أرسلنا التوصيات وهي غير ملزمة للحكومة، وبذات الوقت نحن لسنا جهة تنفيذية، لكن الحكومة كما يبدو تعاملت مع هذه التوصيات بجدية، حيث وردني كتاب من رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز اعلمني فيه بأنه قام بتحويل جميع التوصيات إلى الوزراء المعنيين، لكن كم أخذوا منها حتى الآن؟ لا أدري فجميعها توصيات لصالح الاقتصاد الأردني من وجهة نظرنا في مجلس الأعيان، وهي توصيات قابلة للنقاش والحوار.
في مؤتمر «النظر معا نحو المستقبل» بشهر نيسان 2019 حذرتم «المراهنين على الفوضى». لم تحددهم. واليوم بعد ما يزيد عن سنة كيف تختصرون ما حصل على أرض الواقع؟ كيف جرى اجتياز مرحلة التحدي؟
الدولة الأردنية قوية، متينة ثابتة راسخة بقيادة جلالة الملك، وبوعي الشعب الأردني، وبمنعة قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية، وما أريد التأكيد عليه أيضاً أن شعبنا الأردني واعٍ ومؤمن بوطنه ومليكه ومعدنه أصيل وطيب، بغض النظر عن الخلافات التي تحصل أحياناً، وبغض النظر عمّا يجري على مواقع «التناحر الاجتماعي» كما سمّاها جلالة الملك. إن أي شخص يطعن في هذا الوطن ويسىء له فأنني اعتبره من «المراهنين على الفوضى»، وهذا لن يحصل إن شاء االله، فالأردن دولة ضاربة جذوره بعمق التاريخ وجميعنا يفديها بدمه.
وفي هذه الظروف الدقيقة، علينا جميعاً أن نلتف حول قيادتنا الهاشمية، فنحن نواجه أزمة غير مسبوقة، جائحة كورونا أثرت على اقتصادنا ومعيشة مواطنينا، ولدينا تحديات عديدة، تقتضي منا أن نلتف حول قيادتنا الهاشمية لنتجاوز الصعوبات التي تعترضنا.
وهنا ومن خلال هذا المنبر الإعلامي الذي احترم، فأنني أناشد الجميع وأقول (اتقوا االله في وطنكم) فليس الوقت الآن للتناحر، ولا يجوز ان نبقى كما تصف مقولة الحال في الأردن، (بأننا نحن الشعب الأردني ما بنحكي مع بعض بل بنحكي على بعض)، مطلوب من الجميع تغليب لغة الحوار المسؤول الذي يسعى إلى الصالح العام وخدمة قضايانا الوطنية ومصالحنا العليا، فالإنكفاء والتمترس خلف رأي محدد وافكار محددة لا يقودنا إلى مواجهة تحديات بل يصعبها، علينا تغليب الحوار الهادئ والمتزن والعقلاني بين الجميع، وبالاحتكام إلى قضائنا العادل عند الاختلاف، فالدولة للجميع وهي المعنية بحماية الجميع.
لقد كنّا السباقين في احتواء وباء كورونا بشهادة دول عدة اقوى منّا اقتصادياً ومالياً، ويعود الفضل بذلك إلى المتابعة الحثيثة من قبل جلالته واشرافة المباشر على كافة خطوات التصدي لهذه الجائحة، بالاضافة إلى أننا مأسسنا إدارة الأزمات الأمر مكننا تجاوز الأزمة، وللأسف فانه وفي أوقات سابقة كانت إدارتنا للعديد من الأزمات تأتي كردة فعل واجتهادات لحظية.
أعود للقول بأن بلدنا يواجه تحديات عصيبة، يجب أن نكون على قدر المسؤولية في هذا الظرف العصيب، وعلينا أن نتخذ كدولة إجراءات استثنائية في هذا الظرف الاستثنائي،لتجاوز تحدياتنا والانتصار عليها وتحويها إلى فرص للبناء والنهوض الوطني الشامل.
في مقابل الذين يدعون الى تحديد الهوية الأردنية، كانت لكم مقولة تربط الهوية بالعرش وتراه عنوانها وميزانها.. لو نفصل في ذلك:
بالنسبة لي فأنني أؤمن بأن الأردني مهما كانت أصوله ومنابته وعِرقه ودينه هو من يؤمن بالأردن وطنا وينتمي إلى ترابه الطهور، ويكون بذات الوقت ولاؤه مطلق إلى العرش الهاشمي ممثلاً بجلالة الملك عبداالله، الذي هو صمام أماننا، والحافظ للدستور، والحافظ للهوية الوطنية الأردنية الجامعة، وكل من يدعي بأن هذه الهوية ترتبط بفئة معينة لا يريد مصلحة الأردن، لذلك يجب نعزز وحدتنا وهويتنا الوطنية الأردنية الجامعة ونتغنى بها، هذا هو الأساس بالنسبة لي.
كم هي ملحة حاجتنا إلى قوانين جديدة للانتخاب والأحزاب واللامركزية؟
أعتقد أن القانون الحالي فيه بعض الثغرات لكنه قانون مقبول، وفي المستقبل يمكن أن يجري تعديل عليه، فوفق الدستور لا يجوز وضع قوانين مؤقتة وأي تعديل على القانون يحتاج إلى موافقة مجلسي الأعيان والنواب، كما أن اجراء تعديلات مستقبلية على القانون مرتبط بظروف المرحلة وطبيعتها ووجود حاجة إلى إجراء التعديل، حيث يمكن أن تقضي الظروف حينها إعادة النظر في قانون الانتخاب، لكن الآن لا أعتقد أن هناك وقتاً لذلك.
أمّا موضوع قانون اللامركزية فيجب إعادة النظر فيه، لوجود ثغرات برزت عند تطبيقه ويجب معالجتها.
وبخصوص قانون الأحزاب فقد جرى عليه تعديلات مهمة أبرزها ربط الدعم المالي لها بمقدار مشاركتها في الحياة العامة وايصال مرشحيها إلى البرلمان والمجالس المحلية للمحافظات والبلديات، لكن المشكلة في كثرة الأحزاب وتشابه برامجها، وعدم قدرة غالبيتها التفاعل من المجتمع وتقديم مقترحات تعالج تحدياتنا، ورغم ذلك فأنني أجد ان هناك أحزاباً واعدة، وإذا كانت هناك حاجة لتعديل القانون لا ضير بذلك.
هل ترون أن نظام الكوتات في حياتنا السياسية ما زال ضروياً ويلبي الحاجة الوطنية في
المرحلة القادمة؟
الكوتا ضرورة، حتى نضمن عدالة التمثيل لمختلف مكونات مجتمعنا وخاصة المرأة.
نأخذ على سبيل المثال المرأة. نحن مجتمع ذكوري علينا أن نقتنع بذلك، فإذا لم يكن هناك كوتا للمرأة فستكون نسبة الاناث في مجلس النواب قليلة أو شبه منعدمة، لذلك يجب أن نحافظ على الكوتا لحين تطور حياتنا وثقافتنات الديمقراطية، والمهم أن نغير من قناعتنا الانتخابية بانتخاب الأقدر والشخص المناسب القادر على تمثيلنا وتمثيل الوطن بعيداً عن المناطقية والجهوية.
في موضوع الولاية العامة قيل من بعض رجال الدولة الذين يعتقدون انها ولاية تنفيذية غير متحققة.. قيل ان حصة رئيس الحكومة في تشكيلة حكومته لا تزيد عن سبع حقائب؟ كم هو دقيق هذا التوصيف؟
أي رئيس حكومة عليه أن يمارس صلاحياته الدستورية كاملة، رئيس الحكومة حسب الدستور هو الرجل الثاني بعد جلالة الملك، لكن عندما نتحدث عن الولاية العامة فانها تعتمد على شخص رئيس الوزراء، كما أن العلاقة ما بين رئيس الوزراء ومختلف مؤسسات الدولة، يجب أن تكون بعيدة عن الشخصنة، ويحكمها الدستور والمصلحة الوطنية العليا، وبالطبع يجب ان يكون رئيس الوزراء منفتحاً على الجميع، وأساس قراراته ومنطلقات عمله، هو المصلحة الوطنية العليا، وعليه ايضا مواصلة التشاور مع جلالة الملك، والانفتاح على مؤسسات الدولة المختلفة، خاصة التي لها دور رئيسي في الحفاظ على الأمن والاستقرار الوطني والسلم الاجتماعي.
استراحة
ما هو اليوم الذي يمكنك وصفه بأنه «أعظم يوم في حياتك»؟
أعظم يوم في حياتي من ناحية طبية، الطفل الذي أعطاني كليته وكان قد توفاه االله بحادث سيارة، هذا أعظم يوم في حياتي.. الطفل أنقذ حياتي بفضل االله أولاً وثانياً بفضل الدكتور داوود حنانيا الذي زرع لي الكلية.
- من ناحية ثانية فإن العمل السياسي في الدولة الأردنية وتعرفي على جلالة الملك الحسين طيب االله ثراه، عندما عملت في الديوان الملكي عام 1986 ،وأيضاً نفس الأمر عندما تعرفت على جلالة الملك عبداالله الثاني، فهذه جميعها منارات مضيئة في تاريخي السياسي في هذا الوطن العزيز.
ما هي العقبات التي تواجهها في حياتك حالياً وتحتاج للتغلب عليها من أجل حياة أفضل؟
لا أستطيع أن أقول عقبات، وأملنا باالله أن يديم علينا الصحة والعافية، ففي سجلّي الطبي تعرضت لزراعة كلية كما قلت، ولمرض السرطان، وأيضاً تعرضي مؤخراً الى تسمم في الدم، كل ذلك مررت به، وبرضا رب العالمين ورض الوالدين، استطعت أن أتجاوز هذه المرحلة والحمد الله أنني بخير.