عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    24-Nov-2019

كيف ضربت الاحتجاجات الإيرانية نظرية الشعبوية العالمية؟ - أحمد زيدان
 
الجزيرة - كل من تابع الاحتجاجات الإيرانية لفته حجم الشتائم والهتافات التي نالت من رموز الثورة الإيرانية، الأموات منهم قبل الأحياء، وتدحرجت كرة ثلج الشتائم والهتافات لتنال من رموز كانت مقدسة بالأمس في لبنان والعراق، وواصلت كرة ثلج الاتهامات هذه لتصل إلى بوليفيا وغيرها من دول أمريكا اللاتينية، وبينهما كانت الاتهامات والشتائم تنهال على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مظاهرات موسكو قبل أسابيع.
 
ظاهرة الشعبوية التي حكمت ساحة كبيرة من العالم خلال العقود الماضية بدأت تنهار، وذلك مع انطلاق الموجة الثانية لربيع الشعوب الذي لم يعد حكراً وقصراً على الشعوب العربية، هذه الظاهرة اليوم تتعرض لضربة قاضية من قبل الشعوب، وقودها الفجوة الاقتصادية المتسعة بين الحاكم والمحكوم، وبين طبقات الشعوب بشكل عام، وهو الأمر الذي يهدد بثورات وارتدادات ثورات، ما إن تخمد في مكان حتى تظهر في آخر، وما إن يتم قمعها في زمن حتى تخرج في زمن آخر، أكبر مثال على ذلك ما جرى في ثورة 2009 الإيرانية ثم تجددت العام الماضي، وتجددت اليوم، ونفس الأمر ما يحصل في لبنان، فالمارد الشعبي خرج من قمقمه ومن الصعب إعادته إليها .
 
اللعبة الدولية التي صيغت عقب الحرب العالمية الثانية شاخت، ولم تعد صالحة لبيئة شبابية تعيش أجواء وبيئة تتغاير تماماً عن تلك البيئة التي صيغت من أجلها
الواضح تماماً أن العالم لم يعد قادراً على البقاء متماسكاً بصمغه القديم الذي فقد قوة تماسكه، فاللعبة الماضية للحكم أصبحت بالية قديمة بحيث انتهت صلاحيتها، ولم يعد في مقدورها البقاء صامدة أمام مطارق التغيير ومعاول الرغبة في الانتقال إلى مربع الحرية بعد أن جثم الاستبداد والاستعباد على صدورهم لعقود متتابعة، ومثل هذه اللعبة ليست بالضرورة لعبة داخلية، وإنما هي لعبة يتداخل فيها الداخلي مع الإقليمي والدولي، ولذا نرى التحدي العالمي كله غربه وشرقه بوجه أي تغيير حقيقي في أي مكان يتعرض لثورة، فالإقليمي يدرك أنه سيفقد اللعبة كله إن تخلى عن الداخلي، والدولي يدرك تماماً أنه سيفقد دوره الاقليمي إن هو تخلى عن الأخير المهدد بالخروج عن السيطرة والتحكم، عنوان ذلك كله سياسة الدوائر تكبر وأحياناً تصغر، لكنها دوائر متداخلها لا يمكن فصل واحدة عن الأخرى.
 
إذن اللعبة الدولية التي صيغت عقب الحرب العالمية الثانية شاخت، ولم تعد صالحة لبيئة شبابية تعيش أجواء وبيئة تتغاير تماماً عن تلك البيئة التي صيغت من أجلها، ولذا فليس هناك مناص من وضع قواعد لعبة جديدة، ويبدو أن العالم كله عاجز عن تلبية مطامح الشعوب التي هي أُس اللعبة وأساسها اليوم، خصوصاً وأن ما يهدد قواعد اللعبة الجديدة هو أن عدوها ليس الشعوب فقط وإنما نخب الشعوب المطالبة بالتغيير، وهو ما كان العالم يفتقره عقب الحرب العالمية الأولى والثانية، حيث كانت النخب أقرب إلى الاحتلال والأجنبي منها إلى الشعوب ومطامحها.