ھآرتس
الغد- اللقاء المخطط لھ الیوم في موسكو بین رئیس تركیا رجب طیب أردوغان والرئیس الروسي فلادیمیر بوتین، ینظرون الیھ بعصبیة في واشنطن والقدس ودمشق وطھران. المحادثات المكثفة التي اجراھا الرئیس الأمیركي ترامب ومستشاریھ في بدایة الاسبوع مع أردوغان، وخریطة الطریق التي ترسمھا تركیا لحل السیطرة على المناطق الكردیة، ستكون في مركز ھذه المحادثات. ولكن المواجھات الاخیرة بین إسرائیل وإیران في سوریة واطلاق الصواریخ المتبادل یتوقع أن تطرح أیضا على جدول الاعمال المكتظ للرئیسین.
صحیح أن إسرائیل حظیت مؤخرا بید حرة نسبیا في معالجة وجود إیران في سوریة: ترامب یدین النشاطات العسكریة كجزء من استراتیجیتھ المشتركة مع رئیس الحكومة بنیامین نتنیاھو، والموجھة لتقلیص وجود إیران في سوریة، وروسیا أیضا لم ترد بصورة عدائیة على الھجمات الاخیرة؛ لكن طول المنطقة التي ستحصل علیھا إسرائیل لا یتعلق فقط بشبكة العلاقات التي تحسنت مؤخرا مع موسكو، بل أیضا بتقدم الخطوات السیاسیة التي تقوم بھا روسیا.
من ناحیة عسكریة، إسرائیل تتفوق طالما أن روسیا لا تصدھا بواسطة أنظمة سلاح متطورة تملكھا في سوریة مثل أس 300 وأس 400 .لیس لإیران قوة جویة في سوریة والدفاع عن قواتھا متعلق بأنظمة السلاح الروسي. أمس قال المركز السوري لحقوق الانسان الذي مقره في لندن، إن 12 شخصا من عناصر الحرس الثوري الإیراني قتلوا في ھجوم سلاح الجو الإسرائیلي ھذا الاسبوع في سوریة. ولكن حسب تقاریر إیرانیة فإن من بین القتلى 6 اشخاص من الجیش السوري و4 اشخاص آخرین.
اطلاق الصواریخ على إسرائیل یبدو في ھذه الاثناء عملیة رد محدودة لا ترغب إیران كما یبدو في توسیعھا، بالأساس بسبب تقدیرھا أن إسرائیل یمكن أن تقصف مؤسسات النظام السوري وبذلك التسبب للرئیس السوري وسوریة بالتعامل مع الوجود الإیراني كخطر استراتیجي. مع ذلك من الواضح أن الھجمات الجویة وحدھا لن تكفي من اجل طرد القوات الإیرانیة، واذا كان التطلع ھو تحقیق ھذا الھدف بالكامل فلن یكون مناص من عملیة بریة لا ترید إسرائیل التورط فیھا كما یبدو.
من ھنا، كل عملیة عسكریة إسرائیلیة من اجل القضاء على القوات الإیرانیة متعلقة بتطور الخطوات السیاسیة والتعاون مع روسیا، التي حتى الآن تظھر الرغبة والقدرة القلیلة في التأثیر على خطوات إیران. حتى وعدھا بإبعاد القوات الإیرانیة عن الحدود مع إسرائیل إلى عمق المناطق السوریة، لم تنجح في استكمالھ.
حسب المواقف العلنیة التي تبدیھا روسیا وسوریة فإن انسحاب القوات الاجنبیة یمكن أن یكون على الاجندة فقط بعد تحقیق اتفاق كامل حول تشكیلة النظام الجدید في سوریة، وحول طریقة حمایة الحدود السوریة التركیة من نشاطات الملیشیات الكردیة ونشطاء حزب العمال الكردي، وحول دور روسیا وتركیا وإیران في استقرار النظام الجدید.
عندما سیتم انجاز ھذه التفاھمات، یمكن أن تطلب سوریة حینھا بانسحاب جمیع القوات الاجنبیة
ومنھا القوات الروسیة والتركیة والإیرانیة، وطلب ضمانات من روسیا والمجتمع الدولي للحفاظ على سیادتھا، وضمن امور اخرى ضد الھجمات الإسرائیلیة. ھذا السیناریو ما یزال بعیدا عن التحقق.
تركیا والولایات المتحدة لم تتوصلا إلى اتفاق حول الموضوع الكردي. واشنطن تطلب من أنقرة الامتناع عن أي ھجوم في المناطق الشمالیة التي تقع شرق نھر الفرات، المأھولة بالأكراد.
وتركیا لا تعد بذلك. صحیح أن الولایات المتحدة مستعدة للضغط على الاكراد من اجل سحب السلاح الثقیل شریطة أن تتعھد تركیا بحمایة أمنھا. لكن ھذه الصیغة غیر مقبولة على تركیا التي تدرك أنھ یمكنھا تحقیق أكثر من واشنطن طالما أن ترامب مصمم على نیتھ سحب قواتھ من سوریة.
روسیا من ناحیتھا تسعى إلى استكمال سیطرة الأسد على سوریة، لكن من اجل ذلك سیترتب
على روسیا وسوریة السیطرة على جیب المتمردین المسلحین في منطقة ادلب. تركیا التي تخشى من عملیة عسكریة واسعة في ادلب، التي یمكن أن تؤدي إلى ھرب جماعي للاجئین إلى اراضیھا، حصلت من روسیا على مھلة من اجل التوصل إلى اتفاق مع المتمردین، لكن تركیا حتى الآن لم تنجح في تحقیق ھذا الخیار.
إیران التي ھي شریكة في الخطوات السیاسیة مع روسیا وتركیا، دفعت إلى وظیفة ھامشیة بالأساس، لأنھا ھي أیضا تخضع لإملاءات موسكو التي تمنحھا انبوب الاوكسجین أمام ضغط العقوبات الأمیركیة. ظاھریا، روسیا تملك رافعة ضغط اخرى على إیران. ولكن طالما أن الخطوات السیاسیة لم تنضج فھي لا تنوي استخدامھا من اجل اجبارھا على الانسحاب من سوریة، وھذا طلب وصفتھ كخدمة روسیة لإسرائیل وأمیركا.
من ھذا الموقف تستطیع روسیا النظر من الجانب إلى الھجمات الإسرائیلیة طالما أنھا غیر موجھة مباشرة للجیش السوري وتھدد نظام الأسد. أي أن روسیا لا تعتبر نفسھا مظلة دفاع للنیران في سوریة. وصد إسرائیل یتوقع ابقاؤه للحظة التي یھدد فیھا التصعید بالمس بسلامة نظام الأسد أو كعقاب على ضرب اھداف روسیة.
إسرائیل یمكنھا أن تفكر بأن التقارب بین عدد من الدول العربیة مثل دولة اتحاد الامارات والبحرین التي اعادت فتح سفاراتھا في دمشق، وكذلك دعم مصر للأسد وسعي روسیا إلى منحھ شرعیة دولیة وعربیة، یمكنھا ان تساعد في ابعاد إیران. ولكن ھذا یمكن أن یتضح كرغبة اكثر من كونھ خطة سیاسیة، حیث أن سوریة لم تنفصل عن إیران، حتى عندما كانت عضوا في الجامعة العربیة.
من ناحیة سوریة، تجدید علاقاتھا مع الدول العربیة، لیست نظام من الاواني المستطرقة، التي فیھا علاقتھا مع كتلة عربیة ستأتي على حساب علاقتھا مع إیران. اضافة إلى ذلك، استمرار التواجد الإیراني في سوریة ولو بقوات رمزیة یمكن أن یخدم الأسد كورقة سیاسیة تمكنھ من ترسیخ سیطرتھ في لبنان أیضا. ازاء سیناریو كھذا ستجد إسرائیل صعوبة في طرح رد عسكري للوجود الإیراني، ویبدو أنھ سیجب علیھا ”الاكتفاء بمناوشات تكتیكیة محدودة“.