عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Apr-2018

أثروإنسان - يَوميّات (هَيّة الكَرَك).. و(الحَملة الحُورانية) في الصحافة العربية العثمانيّة (1910 _ 1911) (11)
 
• محمد رفيع
الأحداث (يوم الإثنين 26_12_1910)
الراي - في هذا اليوم، عادت الصحف للحديث عن ماضي الكرك وتاريخها، وعشائرها وأعدادها وشيوخها وأحوالها (فيما يشبه تقريراً أمنياً أكثر من تقرير صحفي..!؟)، وذلك بعد وصول خليل رفعت الحوراني إلى الكرك، كمراسل صحفي، الذي أصبح بعد هذه المهمة لاحقاً عضواً في مجلس إدارة ولاية سورية.
_ كما تمّ البدء بتسريح الطوابير العسكرية، التي أعدّت لإخماد فتنة الكرك، وعودتها إلى مواقعها السابقة عن طريق ميناء حيفا. كما وصلت إلى ولاية سورية برقية شكر من بطريرك اللاتين في القدس للسلطات العثمانية على (محافظتها) وحمايتها لمسيحيي الكرك، خلال إخماد العصيان.
_ كما أعلنت القوة العسكرية العثمانية الموجودة في الكرك مدة محدد لعودة الأهالي إلى منازلهم في الكرك، وأنّ من لا يعود، ستعتبره فاراً وتواصل تعقّبه.
_ وذكر أن رفيفان المجالي، رئيس بلدية الكرك، هو أحد المحرّضين على (الفتنة)، وأنّه لا يزال فاراً. كما أشارت إلى أن المحرضين على العصيان هم (زعماء بني المجالي). وأنّ الحكومة سترسل هيئة تحقيق في البحث عن (أسباب الفتنة).
ذكرنا في الحلقات السابقة أنه؛
_ بدأ الحديث عن محاولة الدولة العثمانية عن أسباب حقيقية لأحداث الكرك. كما بدأت الصحف بالحديث عن عودة موظفي الدولة في الكرك ومأموريها، الذين أشيع في بداية الأحداث أنهم قتلوا، بينما تشير الوقائع إلى اختبائهم في الكنيسة، إلى حين وصول النجدة العسكرية للكرك.
كما بدأت الصحف بالإشارة إلى منح الحكومة راتب شهرين لموظفي الكرك الذين تقل رواتبهم عن ألف غرش،وراتب شهر واحد لمن تزيد رواتبهم عن ذلك، وذلك تعويضا لهم عما لحق بهم من أضرار..
_ واصلت الصحف الحديث عن إصلاح العطال التي لحقت بمحطة جرف الدراويش؛ وعن نجاة المهندس غالب بك الذي كان يُظن أنه قُتل. كما قامت بنشر أعداد القتلى والجرحى والمصابين والغائبين والأضرار حتى محطة جرف الدراويش جنوباً. وذكرت أن أهالي معان ساعدوا حامية الجند هن الجند في مطاحنة (البدو)..؟. كما أشارت أن قائد الحملة سامي باشا الفاروقي أرسل برقية إلى وزارة الحربية بأن قوات الحملة قد دخلت الكرك..؟ وأن (عبد القادر المجالي) قد قدم طاعته للحكومة..؟ وأن بعض الدرك كانوا يقدمون البنادق للمتمردين..؟
_ كما بدأت الصحف بتقديم رواية شبه متماسكة للأحداث على لسان مراسلها في درعا، وكذلك رد فاضل باشا والي سورية السايق على هذه الرواية، حول أسباب الحداث.
_ كما أشارت إلى أن المتمردين اتفقوا مع مسيحيي الكرك في البداية أن يكونوا محايدين، وأن المسيحيين رفعوا على كنيستهم رايتين بيضاويتين، فساء ذلك المتمردين، فنهبوا أملاكهم دون أن يمسوا أرواحهم..؟!
_ كما أشارت إلى إرسال ولاية سورية إلى سامي باشا كمية من (العباءات) لتوزع على مشايخ العربان في قضاء الطفيلة الذين لم يشتركوا مع عصاة الكرك.
_ كما نشرت أرقام ما تم نهبه من صناديق محاسبة مالية لواء الكرك في التمرد.
_ كما بدأت السلطات العثمانية بتقديم رواية تفصيلية، وشبه متماسكة، بالإضافة إلى التلميح عن رواية أخرى متعارضة. وتمهيداً لذلك، عادت الصحف للحديث عن ماضي الكرك، وعن تاريخ تأسيس الإدارة العثمانية فيها، أي قبل 17 عاما من أحداث العام 1910، أي في العام 1893م (1309 شرقي).
_ ومنها أن متصرفية الكرك تأسست في العام 1893م (1309 شرقي)، على يد المتصرف حسين حلمي باشا. ومن المعلومات العمرانية المستفادة، أنه في عهد المتصرف رشيد باشا تم بناء؛
المدرسة الرشدية في الكرك؛ ودار البرق والبريد ومدرسة الإناث وتجديد بناء الجامع العمري؛ وتجديد بناء مقام نوح؛ ودار الحكومة في السلط؛ ودار الحكومة في مأدبا؛ ودار الحكومة في الطفيلة وغيرها.
وأنه تمّ تعيين غالب بك والياً جديداً لسورية، وهو قاض في محكمة التمييز. كما تمّت إشاعة أن مشايخ الكرك المتمرّدين بدأوا يطلبون الاستسلام والعفو من الحكومة، وأنّهم نادمون على ما فعلوا، وأنّ الحكومة عازمة على تأديبهم، وأنّه تم إلقاء القبض على أربعة من المحرضين وتوقيفهم في القدس. ونشر أن اليوزباشي جلال بك الذي أشيع أنه قتل، لا يزال حياً، وأن عائلته اختبأت في بئر في دار سليمان أفندي الحدّادين.
كما نشرت الصحف خطاب الصدر العثماني الأعظم (رئيس الحكومة) محمود شوكت في مجلس المبعوثان (النواب)، الذي أشار فيه تلميحاً إلى أعمال التمرد في المملكة العثمانية، فرد عليه عبد الحميد الزهاوي عضو المجلس ومبعوث حماة. كما تم نشر مزيد من الوقائع الجارية في الكرك باسم أعضاء حكومة الكرك المحلية، وهم؛
(المتصرف طاهر. النائب شكري. المحاسب محي الدين. مدير التحريرات خيري. المفتي صالح. العضو عودة القسوس).
هذا ومع بدء الأحداث، فإن الصحف كررت النشر عن تاريخ الكرك وماضيها، منذ العهد المملوكي، وفي صفحاتها الأولى، ولأغراض إعلامية وسياسية مفهومة؛ وفي الوقائع؛ إرسال 18 طابورا عسكريا من دمشق إلى القطرانة؛ حديث عن تعداد نفوس بعض العشائر في جبل العرب؛ عودة موكب الحج من مكة؛ إشاعات عن مشاركة بعض دروز الجبل في عصيان الكرك؛ إشاعات عن تعيين غالب بك واليا لسورية؛ حديث عن ديوان الحرب العرفي.
مقدّمة تاريخيّة وملاحظات؛
_ هَيّة الكَرَك؛ هي عصيان مدنيّ، ما لبث أن تحوّل إلى ثورة مسلّحّة، ضدّ التجنيد الإجباري وتعداد النفوس. حيث اندلع العصيان في 22 تشرين الثاني (11 (عام 1910، واستمرّ نحو شهرين، وكان أعنف الاحتجاجات ضدّ العثمانيين، التي اندلعت قبيل الحرب العالميّة الأولى، حيث قمعتها السلطات العثمانيّة بعنف شديد.
_ المصدر الصحفي الدمشقي لهذه الوثائق هو من أكثر المصادر الصحفية توازناً في تلك الفترة، وهي صحيفة (المقتبس) الدمشقيّة لصاحبها محمد كرد علي، غير أنّها تبقى صحيفة موالية للسلطة العثمانية، ولا تخرج عن طوعها. لا يتدخّل الكاتب في الوثائق المنشورة إلّا في أضيق الحدود، بهدف الشرح أو التوضيح فقط لا غير. هنا في صفحة فضاءات، سننشر الرواية الصحفية العربية العثمانيّة الرسميّة لأحداث الكرك، والتي استمرّت لما يزيد عن شهرين، كما رأتها السلطات العثمانيّة في حينه، على هيئة يوميات ومتابعة صحفية للأحداث. وتشكّل هذه المادّة جانباً وثائقيّاً صحفياً لـِ(هَيّة الكَرك)، كرؤية رسمية للسلطات آنذاك. أما السلطات العثمانيّة فقد أسمتها؛ (فتنة الكَرَك)..!