عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Jul-2020

إسرائيل تمارس الجرائم في الضفة الغربية من خلال «الأبرتهايد» - ميخائيل سفارد
 
مرّ الأول من تموز دون ضم، وكذلك أيضا الأيام التي بعده. ربما أننا نشاهد تبدد السياسة الأكثر جرأة لليمين بالنسبة للنزاع الإسرائيلي ــــ الفلسطيني، سياسة حذر كبار مؤيدي إسرائيل من أن تتحول دولة «ابرتهايد». هل حقاً أنّ رفع الضم من على جدول الاعمال سيدفع ايضا خطر «الابرتهايد»؟ للأسف، لا.
 
هناك استخدام متنوع لكلمة «ابرتهايد»، في سياقات مختلفة. معناه في الحياة العامة لا يطابق معناه في العلوم السياسية وفي التاريخ وفي القانون. «ابرتهايد» بمعناه القانوني وصف لطريقة حكم ولجريمة دولية. 
 
يجب إطفاء النور ووضع سدادات في الأذن واغلاق جميع الستائر من اجل تجنب الفهم القائل، إن النظام الإسرائيلي في الضفة الغربية هو نظام «ابرتهايد»، وان الضم فقط سيعمقه ويوسعه. إسرائيل اختارت توطين المنطقة بمواطنيها، وهكذا خُلق واقع انه تحت النظام نفسه تعيش مجموعتان: الاولى ذات حقوق وامتيازات، قوة سياسية وتمثيل، والثانية لا يوجد لها وجود سياسي ما في المؤسسات التي تحكمها.
 
النتيجة هي بالضبط ما يستهدف منعه حظر اقامة المستوطنات: نقل كل موارد المنطقة الى المجموعة المحتلة على حساب من تم احتلالهم. هكذا وعلى مر السنين، فإن 99.76% من الاراضي العامة التي خصصتها الادارة المدنية في الضفة حولت لاهداف إسرائيلية واقل من 0.25% خصصتها لاستخدام الفلسطينيين. هذا الرقم المخيف بحد ذاته يعتبر صادماً اكثر على خلفية حقيقة انه بالمقابل سلبت إسرائيل تجمعات فلسطينية اكثر من مليون دونم من الاراضي التي كانت تستخدمها وكانت مخصصة لتطورها.
 
منذ 1967 اقيم في الضفة 130 مستوطنة (وكذلك حوالي 100 بؤرة استيطانية) وباستثناء حي للبدو الذين تم اجلاؤهم بالاكراه من منطقة الخان الاحمر ومن مدينة روابي التي سمحت إسرائيل للسلطة بإنشائها، لم تنشأ أي اماكن سكنية للفلسطينيين. التجمعات الفلسطينية في المناطق التي وضعت إسرائيل عينها عليها لكونها قليلة السكان، تحولت الى هدف لسياسة تهجير بوساطة عدم إعطاء رخص بناء واعمال هدم متواصلة (بالأساس جنوب جبل الخليل، غور الاردن والشارع الالتفافي الذي يتجاوز القدس).
 
يتمتع الإسرائيليون بموارد مياه سخية وبحقوق للتنقيب عن الموارد الطبيعية وبالسيطرة على الينابيع، وعلى المواقع الاثرية وعلى المحميات الطبيعية. الى جانب كل هذا اوجدت إسرائيل نظام محاكمة مزدوجا فيه يطبق قانون معين على الفلسطينيين وقانون آخر على الإسرائيليين: الإسرائيليون يحظون باجزاء واسعة من القانون الإسرائيلي الحديث في حين ان الفلسطينيين يصارعون تحت اوامر عسكرية قمعية. هكذا لا يوجد للفلسطينيين الحق في التظاهر، وفي حين انه يوجد هذا الحق للمستوطنين، لهذا فإن الإسرائيلي الذي تورط في مشكلة يحاكم في محكمة مدنية يضمن فيها حقه في محاكمة نزيهة في حين ان جاره الفلسطيني المتهم بالمخالفة ذاتها يحاكم في محكمة عسكرية، لا تجري بلغته. كما ان الإسرائيلي يخرج بحرية الى خارج البلاد في حين ان الفلسطيني عليه ان يحصل على تصريح من الجيش. كل سياسة نزع ملكية، وكل ممارسة فصل (مادية وقانونية)، وكل منع للتنمية وأي نقل قسري لفلسطينيين – كل واحدة من هذه تحقق مكون «الاعمال اللاانسانية» الموجود في تعريف جريمة «الابرتهايد».
 
جريمة «الابرتهايد» استهدفت الدفاع عن قلب الاخلاق الانسانية كما صيغت بعد الحرب العالمة الثانية: فكرة الانسانية المشتركة لنا جميعاً. النظام الذي يتنكر لهذه الفكرة ويسعى لتقويضها هو نظام غير شرعي، يجب انهاؤه. ليس جميعنا، نحن الإسرائيليين، مذنبين بجريمة «الابرتهايد» ولكننا جميعا مسؤولون عنها، ومن واجبنا وقف الجريمة التي ترتكب باسمنا. من أجلنا ومن اجل الاجيال القادمة، ومن اجل مستقبل قائم على الفكرة اليهودية التي تقول، ان كل بني البشر خلقوا على هيئة الإله.
 
«هآرتس»