عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    04-Jun-2020

مفاوضات بين رؤساء عصابات - تسفي برئيل

 

هآرتس
 
شخصان يمسكان بالضفة، الذي يقول ضم الآن والذي يقول ضم بعد فترة. الاول هو مجلس يشع للمستوطنين الذي يدعي أن فرض السيادة الآن يعني الموافقة على خطة ترامب التي تشمل اقامة دولة فلسطينية. والثاني هو عدد من رؤساء المجالس المحلية الذين يصممون على أخذ ما يعطونها الآن، وسنناقش ما تبقى. المعسكران يقومان بأعداد حملة لاحتلال القلوب، هدفها اقناع الحكومة، لا سيما نتنياهو، بالموافقة، أو عدم الموافقة، على الضم الآن. وكأنهم عادوا الى عهد الاستيطان الاول الذي فيه شنوا صراعات ضد حكومات الشر لليسار.
إنهم يتجولون في اروقة الكنيست، كل معسكر يمسك بخريطته. الاول يعرض “الخريطة المفاهيمية” التي رسمها ترامب في خطة السلام خاصته والتي تشمل رسم مدهش لدولة فلسطينية مقسمة ولكنها رغم ذلك دولة. والمعسكر الآخر يعرض “خريطة مثالية” وفيها ضم نحو 38 في المائة من الضفة بدون دولة فلسطينية.
هؤلاء يسمون انفسهم براغماتيين واولئك يسمون راديكاليين. رئيس مجلس افرات، البراغماتي عوديد رفيفي، قال “نحن لا يمكننا قول لا لكل شيء. أنا مع المقاربة التي تقول إن الخطة تتطرق أولا وقبل كل شيء لما سيحدث في الغد، فرض السيادة”. وفي المقابل، رئيس مجلس يشع، دافيد الحياني، قال إن “ما لا يقوله رئيس الحكومة هو أنه توجد هنا خطة تقسيم. وكل هذا الاتفاق هو في الحقيقة مؤشر على اقامة دولة فلسطينية”.
الفروقات الدقيقة بينهما هي فروق نظرية فقط. الحديث يدور عن الانشغال بالمستقبل الذي مصيره معروف مسبقا. والامر غير النظري هو غياب الاعتراف بأنهم يتفاوضون فيما بينهم حول منطقة مسروقة، حول تقسيم غنائم ليست لهم، وعلى الطريقة التي فيها سيجسدون الاملاء السياسي الذي رسموه على مدى عشرات السنين وبنجاح كبير. هم لم يعد مطلوب منهم “استيطان القلوب” واقناع “شعب اسرائيل”، وأن يقوموا بحربهم عن طريق خدع في الظلام. هم السيد ليس فقط في المناطق المسلوبة، بل بالاساس في دولة اسرائيل.
اقوال الحاخام حاييم دروكمان كانت تفتح العيون، وهو من الآباء المؤسسين لحركة الاستيطان، الذي قال في مقابلة مع “صوت اسرائيل” إن “فرض السيادة هام من اجل تحطيم الرؤية بأنه يوجد هنا احتلال… هذا ليس احتلال. لقد عدنا الى الوطن، هذه ارضنا”. ها هو التناقض، المستوطنون الذين لا يهمهم القانون الدولي وخرقه الفظ، يحتاجون فجأة الى خطوة رسمية ومعترف بها وقانونية ظاهريا، من اجل الغاء ما لا يعترفون هم أنفسهم به، الاحتلال. وهم الذين قاموا بلي ذراع الدولة وشكلوا الثقافة في اسرائيل وحملوا عليها كل القوانين العنصرية والانقسام بين اليهود وأملوا عليها كيف وأين تقوم ببناء مدن اللجوء في مناطق ليست لهم، فجأة اصبحوا بحاجة الى وثيقة شرعنة من الدولة.
حسب رأيهم، الامور التي تعرض للخطر استقرار اسرائيل وكل المنطقة، لا تتعلق مطلقا بالجمهور. المتحدث في نقاش داخلي بين العصابات على طريقة توزيع الغنائم وعلى طرق استثمار الارباح، كما يبدو حتى لرئيس الحكومة لا يوجد دور في هذا النقاش المشوه. هو مثل ترامب، يفعل ما يريده المستوطنون. فاذا ارادوا الضم الآن فسيحصلون عليه. واذا ارادوا التأجيل فسيجد التبرير المناسب.
على أي حال، الجيش تلقى التحذير. وهو مستعد دائما لأي سيناريو. نحن نستطيع تدبر امرنا ايضا بدون سلام مع الاردن وبدون سلام على الاطلاق. فقد تدبرنا امورنا مع انتفاضتين سابقتين بصورة لا بأس بها. عقوبات اوروبية؟ اضحكتموني. نحن سنقوم بالبيع للصين وروسيا والهند. وأميركا في الاصل في ايدينا. ومثلما قال ذات مرة بينيت “العالم بحاجة الينا والى التكنولوجيا لدينا”. مظاهرات ضد الضم؟ لدينا قوانين الطوارئ وصلاحيات مستبدة لرئيس الحكومة. ومثلما اوضح لنا الحاخام دروكمان “نحن لم نعد الى هنا، الى بلادنا، من اجل أن نعيش حياة سهلة”. “نحن”؟ وليس دروكمان، نحن نريد حياة سهلة. أنتم تخربون أملنا. ولكن للرهائن لا يوجد دور.