عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    01-Dec-2025

اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأميركية: قراءة جديدة بعد الحرب على غزة !!* رجا طلب
الراي -
بعد ما يقارب عقدين على صدور كتاب "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأميركية" لجون ميرشايمر وستيفن والت، يعود هذا العمل إلى الواجهة بقوة غير مسبوقة. فالكتاب الذي أثار عاصفة سياسية وفكرية عام 2007، واتُّهم مؤلفاه آنذاك بمعاداة السامية وتشويه التحالف الأميركي ـ الإسرائيلي، يبدو اليوم وكأنه عمل استشرافي سبق زمنه، وكشف مبكراً طبيعة الخلل العميق في العلاقة بين واشنطن وتل أبيب.
 
ما طرحه الكتاب قبل عشرين عاماً لم يعد موضوعاً نظرياً اليوم، بل أصبح جزءاً من النقاش السياسي الأميركي نفسه، بعد فظائع الحرب على غزة وما رافقها من انقسامات داخل الولايات المتحدة، وتراجع غير مسبوق في صورة واشنطن الدولية، لذلك باتت إعادة قراءة الكتاب ضرورة لفهم كيف وصلت الولايات المتحدة إلى هذا المأزق الأخلاقي والاستراتيجي الذي تعيشه اليوم في ظل تحولات فكرية وسياسية عميقة في الوعي العام ووعي الشباب الاميركي بصورة خاصة.
 
في هذا الكتاب قدّم ميرشايمر ووالت أطروحة جريئة مفادها أن اللوبي المؤيد لإسرائيل، وعلى رأسه "إيباك"، تمكّن من خلق بيئة سياسية وإعلامية تجعل انتقاد إسرائيل شبه مستحيل وعمل محرم ومجرم، ولكن هذا الواقع تغير بعدما ظهرت وثائق جديدة تؤكد الضغط المكثّف على الكونغرس والإدارة الأميركية والإعلام لإبقاء الدعم غير المشروط لتل أبيب، حتى في لحظات كان فيها الرأي العام الأميركي يشهد تحولاً واضحاً ضد الحرب.
 
من أهم النقاط التي توقعها الكتاب أن تُستخدم تهمة "معاداة السامية" كسلاح سياسي لإسكات أي نقاش حول سياسات إسرائيل. إلا أن هذا السلاح تراجع أثره بشكل كبير بعد الحرب على غزة، مع اتساع موجة الانتقادات داخل الجامعات الأميركية، وخروج يهود تقدميون يرفضون أن تُستخدم معاداة السامية لحماية سياسات إسرائيل من المساءلة. لقد كان هذا التحول أحد أبرز التطورات التي أعادت الاعتبار لأفكار ميرشايمر ووالت، كما كشف العدوان الهمجي على غزة وارتكاب مجازر وابادة جماعية ضد الفلسطينيين أن التحالف الأميركي ـ الإسرائيلي لم يعد مصدر قوة للولايات المتحدة بقدر ما أصبح عبئاً سياسياً وأخلاقياً، فالقصف الواسع والتوحش الاسرائيلي المدعوم بلا حدود من واشنطن تسبب بموجة من الانتقادات الدولية الحادة لواشنطن كما دفع بعض حلفاء واشنطن للابتعاد عنها تدريجياً وهو واقع يتطابق مع تحذير الكتاب بأن الدعم غير المشروط سيقود الولايات المتحدة إلى صدام مع الرأي العام العالمي ومع الدول العربية والإسلامية، وهو تماماً ما حصل فعليا وحاولت ادارة ترامب احتواءه من خلال خطة ايقاف الحرب على غزة.
 
لم يعد فضح "اللوبي الإسرائيلي" وطبيعة الدور الذي يلعبه في التاثير على سياسيات البيت الابيض من المحرّمات. بل أصبح جزءاً من النقاش الأكاديمي والإعلامي المفتوح، مع اعتراف شخصيات سياسية نافذة بأن المنظومة التي كانت تمنع النقاش بهذا التابوة بدأت تتفكك وهذا الانفتاح منح الكتاب مكانة جديدة، لأنه لم يكن مجرد تحليل سياسي، بل دعوة مبكرة لكسر الصمت وكشف آليات التأثير الخفية وفضحها .
 
كما تكمن أهمية الكتاب اليوم في أنه يضع الحرب على غزة ضمن سياق أوسع من خلال طرح السؤال التالي: كيف سمحت واشنطن ولعقود طويلة بتكوّن نفوذ سياسي يوجّه سياستها الخارجية وفق اعتبارات لا تنسجم دائماً مع مصالحها القومية، ومع التحولات المتسارعة في الشرق الأوسط، وتغيّر المزاج الأميركي الداخلي، تبدو الحاجة ملحّة لقراءة نقدية جديدة لهذا التحالف، والبحث عن سياسة أكثر توازناً وعدالة واستقلالاً.
 
لقد قدّم ميرشايمر ووالت تشخيصاً مبكراً للخلل، أما الأحداث الحالية فقدّمت الأدلة الكاملة على صحة هذا التشخيص. ولذلك فإن الكتاب، الذي كان صادماً في زمنه، أصبح اليوم مرجعاً ضرورياً لكل من يريد فهم المأزق الأميركي في الشرق الأوسط، وكيف يمكن للسياسة الأميركية أن تتحرّر من الإرث الثقيل للدعم غير المشروط لإسرائيل.
 
واستطيع باختصار ان احدد ابرز النقاط التى اوردها ميرشايمر ووالت بشان طبيعة العلاقة بين تل ابيب وواشنطن وهي ما يلي:
 
اولا : الدعم الأميركي لإسرائيل غير مشروط وغير مبرر استراتيجياً، وان إسرائيل اليوم ليست حليفاً ضعيفاً بحاجة للحماية كما ان الدعم الأميركي لها يتجاوز المصالح الواقعية للولايات المتحدة.
 
ثانيا: اللوبي كان عاملا رئيسيا في دفع واشنطن نحو غزو العراق 2003 والتى اتضح لاحقا ان هذا الغزو لم يكن فيه مصلحة لاميركا .
 
ثالثا: اللوبي يدفع أميركا إلى صدام مع العالم العربي والإسلامي وهو امر ليس في مصلحة اميركا على المدى الاستراتيجي .