متحف الأردن يحتضن معرضا للصور الفوتوغرافية بعدسة فنانين إسبان
الغد-أحمد الشوابكة
احتضن متحف الأردن في عمان معرضاً للصور الفوتوغرافية بعنوان "النظرات الأخيرة - قصر الحمراء"، نظمته السفارة الإسبانية بالتعاون مع رئاسة مقاطعة الأندلس، المركز الأندلسي للتصوير الفوتوغرافي. ويضم المعرض أعمالاً لفنانين ومصورين إسبان، مستعرضا جماليات قصر الحمراء من زوايا عدة.
شهد المعرض، الذي حضر افتتاحه السفير الإسباني، إلى جانب سفراء اليابان وألمانيا والتشيك والاتحاد الأوروبي في الأردن، مشاركة عدد من المهتمين بالشأن الثقافي والفني والسياحي وفن التصوير الفوتوغرافي. تضمن المعرض 47 لوحة فوتوغرافية متنوعة الأحجام، تمزج بين الأبيض والأسود وألوان السيفيا الدافئة.
رحب السفير الإسباني في عمان، ميغيل دي لوكاس، بالحضور، متحدثاً عن تميز الهندسة المعمارية والهندسة المائية لقصر الحمراء، مقدماً نبذة موجزة عن القصر وما يحتويه من فنون معمارية، خاصة في الهندسة المائية التي اعتبرها من أبرز ملامح العمارة العربية الإسلامية في تلك الحقبة الزمنية. وأشاد السفير بالعلاقات الإيجابية التي تجمع المملكة الإسبانية والمملكة الأردنية الهاشمية، مشيراً إلى آخرها، وهي زيارة ملك إسبانيا فيليب السادس ولقاؤه مع جلالة الملك عبد الله الثاني، التي تعد دليلاً قوياً على متانة العلاقات بين البلدين والشعبين الإسباني والأردني.
تحدث السفير عن اتفاقية التوأمة بين قصر الحمراء والبترا، التي تهدف إلى تعزيز التعاون والتآزر بين الموقعين التاريخيين. وأشار إلى أن كلا الموقعين تم إدراجهما في قائمة التراث العالمي لليونسكو، حيث يعتبران من الأمثلة البارزة على المواقع الأثرية الفريدة التي تحتاج إلى الحفاظ عليها والإعجاب بها في الوقت ذاته. كما أكد أهمية "الخزانة" الثقافية الغنية التي تمتلكها كل من إسبانيا والأردن، التي تساعد في فهم المزيد عن الحضارات الماضية. وأوضح أن البلدين سيعملان معا للاستفادة من هذا التراث المشترك، لتمكين السياح من الاستمتاع بهذه المواقع مع ضمان حمايتها بعناية.
من جانبه، رحب مدير عام متحف الأردن، المهندس إيهاب عمارين، بالحضور، وقدم نبذة عن المتحف، نشأته، والرؤية الملكية التي كانت وراء إنشائه. وأوضح دور المتحف في حفظ الموروث الأردني عبر العصور، مشيراً إلى مكانته كبوابة للسياحة الأردنية. كما تحدث عن المقتنيات التي يضمها المتحف، التي تروي قصة المكان وتسهم في الحفاظ على التراث ليظل حياً في ذاكرة كل من يزوره ويطلع على محتوياته.
وأكد عمارين أن المتحف يحتل مكانة مميزة على الخريطة السياحية، ويعد وجهة رئيسية للزوار من داخل الأردن وخارجه.
وفي الإطار العام لإقامة هذه المعارض في دول العالم كافة لمعرفة أهمية هذا القصر وترويجه كمقصد تاريخي وحضاري وسياحي مهم، أكد مدير المركز الأندلسي للتصوير الفوتوغرافي خوان ماريا رودريغيث، في رسالة المعهد الدائمة، أن إقامة هذا المعرض تأتي بتنفيذ من مجلس أمناء قصر الحمراء ووزارة الثقافة في حكومة الأندلس المحلية العام 1990، وعمل على إدارته المركز الأندلسي للتصوير الفوتوغرافي، حيث يعد مثالا رائعا على قمة الحداثة لهذا المعلم الذي تم البدء في بنائه في القرن الثالث عشر، وما يزال يحافظ على قدرته على جذب أنظار المبدعين المعاصرين المفتونين بهذا الجمال والحداثة الرائعة.
ويقول "إذا كان هذا التقارب بين الصورة والهندسة المعمارية يمثل وثيقة ونوعا من الحوار بين قوتين كبيرتين، فقد كان دائما حاضرا في تاريخ التصوير الفوتوغرافي".
ويضم المعرض في جنباته أعمال ثلاثة فنانين مميزين حاصلين على جوائز وطنية في مجال التصوير الفوتوغرافي في إسبانيا، وهم: خوان فونتكوبيرتا والبيرتو غارثيا اليكس وكريستينا غارثيا روديرو، حيث تؤكد هذه الأعمال أن قصر الحمراء هو الوجهة المثالية للمسافرين الرومانسيين، وهو الوعد المجازي لفكرة ورمز الجنوب في مخيلات الجميع، وهو الهذيان للكمال المطلق الذي لا يمكن أن نشهد حقيقته إلا بالنظر بأعيننا باندهاش يتجاوز الكمال المعماري في رحلته عبر القرون الذي ما يزال ينقل لنا هذه القوة الاستثنائية والاستفزازية المجازية لتفتح أمامنا آفاقا ولغات جديدة لفن التصوير الفوتوغرافي.
ويضيف "على سبيل المثال لا الحصر، نذكر هنا عددا من الفنانين لهذا المشروع الجماعي البارز، ومنهم مانويل ايسكلوسا الذي يتجول من خلال أعماله عبر سحر المساء للأقواس والزخارف النباتية، أما غارثيا اليكس، فإنه يدمج صورا مدعمة بشحنات إيجابية عميقة من خلال المناظر الطبيعية للحدائق، أما غارثيا روديرو فتعمل على خلق مؤاخاة بين الحياة اليومية والجمال الخالد للمعلم، أما جوان فونتكوبيرتا وفي اقتراح جريء فيتكهن برحلته المفاجئة عبر الزمن حيث التقاء النصوص والتسجيلات الصوتية المستوحاة من "حكايات قصر الحمراء" للشهير واشنطن ايرفينغ بصورة الملتقطة بكاميرا View Master ذات التقنية الرقمية العالية في زمنها".
ويختتم "إن أي نظرة جديدة كانت أو طلائعية أو أي شكل من أشكال الإبداع مهما كان حرفيا أو بتقنيات عالية ليس غريبا عن قصر الحمراء. إنها قوة وعظمة المكان، فهو أكثر من مجرد معلم هو استعارة لا تنضب. استمتعوا بهذه الصور التي تم التقاطها".
وأثنى الفنان والمصور الفوتوغرافي والرحال عبد الرحيم العرجان، على ما تم عرضه من أعمال فوتوغرافية لموقع تاريخي عالمي التقطت صورة بعدسة أمهر المصورين في إسبانيا ومن أصحاب الخبرة الطويلة وبتقنيات عالية وأساليب تجعل من الصورة ذاكرة لا تنسى للمشاهد، وذلك ضمن معايير مدارس فنية مختلفة من الواقعية والانطباعية والسريالية، ناقلين رسالة ضوئية أبلغ من الكلمات وتفهم بعيون كل من يشاهدها، حيث تم مراعاة حوار الضوء والظل من دون استخدام أي مؤثرات أخرى، ومنها ما يجعلك تتفكر ما بعد اللقطة وما لم يظهر من معالم جمال، ولم يقف الفوتوغرافيون عند اللقطة فقط، بل تعدوها لأسلوب العرض بين الحجم والشكل المربع والمستطيل أو تقطيعها إلى أجزاء، مع المحافظة على التكوين في البناء، إلى جانب اختيار الإطار المناسب بالحجم واللون والمحيط.
ويوضح أن هذا المعرض يأتي تجسيدا لعلاقات الصداقة بين البلدين واعتزازا بدور المصور الذي يحمل رسالة خالدة تعبر الحدود، ليؤدي دوراً كبيراً في نقل الثقافة والمعرفة وتحفيز الناس لزيارة هذا المكان الذي استحوذ على اهتمامنا، حتى لو كان ذلك عبر جزء من تفاصيله. كما أن اختيار الرواق في متحف الأردن يحمل أهمية بالغة في إيصال الرسالة إلى أكبر عدد من الزوار.