عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    05-Apr-2019

"زفة" إعلامية للسيسي بالخارج.. على حساب من؟

 

 
 عبد الكريم سليم-القاهرة - يتوجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأسبوع المقبل إلى العاصمة الأميركية واشنطن في زيارة رسمية مصطحبا معه جيشا من الإعلاميين والصحفيين أثارت نفقات سفرهم الباهظة استياء الأوساط الإعلامية، خاصة مع تصاعد الحديث عن خسائر المؤسسات الإعلامية الحكومية والاتجاه إلى إعادة هيكلتها ترشيدا للنفقات.
 
ليس السيسي وحده من يحرص على اصطحاب حشد من الصحفيين والإعلاميين في زياراته الخارجية، إذ جرت العادة على اصطحاب الوزراء مندوبي الصحف لدى الوزارات مع تحمل الوزارات تكاليف السفر.
 
المفارقة أنه رغم اقتطاع هذه النفقات من الأموال العامة فإنها لا تعود بالنفع على المصريين عبر تغطيات معمقة لتلك الزيارات بزوايا مختلفة، حيث ينشر هؤلاء الإعلاميون والصحفيون البيانات الصحفية الرسمية التي ترسلها الهيئات والوزارات للصحفيين عبر موظفي قسم العلاقات العامة والإعلام.
 
واعتاد المصريون استقبال تغطيات شبه موحدة وأحيانا بعناوين واحدة لكل الأنشطة الخارجية للمسؤولين، بداية من السيسي ونزولا لصغار المسؤولين.
 
بيان احتجاج
هذه المفارقة دفعت المرشح السابق لمنصب نقيب الصحفيين رفعت رشاد إلى مطالبة المسؤولين بضرورة وقف نزيف إهدار الأموال الذي تتحمله المؤسسات الصحفية الخاسرة، متمثلا في نفقات سفر صحفييها وقادتها مع الرئيس.
 
وقال رشاد -وهو عضو بمجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم الحكومية- إنه "في الفترة الأخيرة صار الوفد الصحفي المصاحب للرئيس يسافر بطائرات محملة بالكامل بعدما استمرأ رؤساء مجالس إدارات وتحرير الصحف القومية السفر على حساب صاحب المحل (يقصد المؤسسات) طالما أنه ليست هناك محاسبة".
 
وسيسافر من مؤسسة أخبار اليوم على سبيل المثال خمسة أو ستة صحفيين مع السيسي في زيارته المقبلة، وتصل قيمة تذكرة السفر إلى نحو 52 ألف جنيه (الدولار نحو 18 جنيها)، وعلى رأس المسافرين رئيس مجلس الإدارة ياسر رزق الذي يصفه الكثيرون بأنه أقرب الصحفيين المصريين للسيسي.
 
ويتساءل رشاد بدهشة "يمكن تفهم سفر محررين، ولكن ما هو دور رئيس مجلس الإدارة في السفر؟".
 
وتابع في منشور على صفحته الشخصية "ولكن لماذا خمسة أو ستة؟ مع العلم بأن المؤسسة خاسرة لحوالي 300 مليون جنيه لهذا العام المالي كما ورد في موازنة المؤسسة للعام المالي 2019/2018، ودعمت الدولة في هذه الفترة مؤسسة أخبار اليوم بحوالي 700 مليون جنيه".
 
وتساءل رشاد "كيف لمؤسسة خاسرة كل هذه المبالغ أن تتحمل تذاكر سفر لأميركا بخلاف بدل السفر الدولاري الذي يصل إلى 700 دولار في اليوم؟ وأين الأجهزة الرقابية من حماية المال العام؟ وأين السلطات الإعلامية الأعلى؟ أين هيئة الصحافة؟".
 
ليست مؤسسة أخبار اليوم استثناء في الخسائر والمعاناة، فكل المؤسسات الصحفية خاسرة بحسب تقارير الهيئة الوطنية للصحافة، وهي تتلقى دعما من الحكومة لمرتبات موظفيها وصحفييها ونفقات تشغيلها، ورغم ذلك تتحمل هذه المؤسسات نفقات باهظة لسفر الوفود المصاحبة للسيسي.
 
وعلى مستوى الوزراء، يحرص كل وزير على اصطحاب مجموعة من الصحفيين لتغطية أنشطته وتنقلاته الخارجية، مع فارق أن من يتحمل التكلفة هو الوزارة نفسها من ميزانية الدولة مباشرة وليس عبر المؤسسات الصحفية.
 
وتعاني الخزانة المصرية من أزمة كبيرة، إذ تذهب معظم مواردها المالية لسداد أقساط وفوائد الديون التي تضاعفت في ظل سنوات حكم السيسي.
 
اختيار دقيق
بعناية بالغة يجري انتقاء مندوبي الصحف والفضائيات لدى المؤسسات الحكومية، وكشف مندوب سابق لدى مجلس الوزراء للجزيرة نت أن أهم المعايير التي كانت مطلوبة للموافقة على تغطيته أنشطة المجلس هو إبداء الخضوع لإدارة الإعلام بالمجلس والاستجابة لتعليمات الموظفين بالإدارة، وألا يكون مزعجا للمسؤولين بأسئلته، وأن يكتفي بتلقي البيانات الصحفية ونشرها.
 
وفي فبراير/شباط الماضي أبدى رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك سخرية من الصحفيين المصريين الذين صفقوا للسيسي عقب كلمته في المؤتمر الصحفي الذي عقد بختام القمة العربية الأوروبية التي عقدت في شرم الشيخ المصرية لبحث قضايا الهجرة.
 
وقال توسك بعد انتهاء تصفيق الصحفيين الحاد إنه "من المستحيل أن نحصل على مثل رد الفعل هذا في أوروبا.. أهنئك على هذا" موجها الحديث للسيسي.
 
ويعتقد مراقبون أن المسؤولين لن يمكنهم الاستغناء عن جيش الإعلاميين المرافقين بالخارج، لأنهم "درع واق لهم إزاء الأسئلة المحرجة الآتية من طرف الإعلام الأجنبي".
 
وكشف صحفيون رافقوا مسؤولين في زياراتهم الخارجية قيام المستشارين الإعلاميين للمسؤولين بتنسيق أدوار كل صحفي في الحديث منعا لإحراج المسؤول أو للتشويش على الصحفيين غير المصريين عند توجيه أسئلة محرجة إلى المسؤول.
 
وفي لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والسيسي مؤخرا بدا واضحا أن صحفيين بعينهم تم اختيارهم لتوجيه أسئلة محددة إلى المسؤول الفرنسي استهدفت إحراجه عقب تصريحه بأنه طالب السيسي بالإفراج عن المعتقلين السياسيين والمدونين وإتاحة حرية التعبير.
 
ووجه الصحفي محمد الباز سؤالا لماكرون بشأن سر تغيير فرنسا سياستها من عدم التدخل في الشأن المصري الداخلي إلى التدخل، ملمحا لتصريح سابق لماكرون بعدم التعليق على قمع السيسي معارضيه، في حين انتقد ماكرون في اللقاء الأخير أوضاع حقوق الإنسان.
 
وغالبا ما يواجه الصحفيون الأجانب السيسي ومسؤوليه بأسئلة محرجة تتعلق بتدهور أوضاع حقوق الإنسان في مصر.
 
ولا يجيد معظم الصحفيين المرافقين للسيسي لغات أخرى غير العربية، وتبدو أسئلتهم في كثير من الأحيان مفتعلة وموجهة وغير احترافية، بحسب متابعين.
 
ويحرص السيسي على مصافحة الإعلاميين والصحفيين الذين يصطحبهم، مما يدعم التفسير القائل إن اصطحابهم لمجرد "الوجاهة"، إذ يصطف الصحفيون والإعلاميون لمصافحته فيما يشبه "التشريفة" بالتعبير المصري الدارج.
 
المصدر : الجزيرة