عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    18-Jan-2021

الدعاء على.. أميركا!*د. زيد حمزة

 الراي

لن ‏اناقش جدوى الدعاء على أميركا بالانهيار والدمار تشفيا او رغبة في أن تذوق بعض‏ ما اذاقتنا وشعوب العالم من عذابات الغزو والاحتلال والإذلال،لكني وأنا المتفهم لدوافع الدعاء وثقافته المتجذرة لدى كثير من الناس في العالم إنما أقصد التذكير بأن اميركا كغيرها من الدول تضم مواطنين مثلنا، بشراً سوياً او غير سوي،معذبين في الارض او منعّمين،ظالمين او مظلومين، وحين تنهار هذه الدولة الامبراطورية كما انهارت عديدٌ قبلها فسوف يسّاقط الركام عليهم جميعاً بيضاً وسوداً وشقراً وسمراً ومن كل الاعراق والقوميات التي انصهرت في بوتقتها ثم يفيض على ابعد نقطة في كوكبنا، فهل يرغب الداعون عليها حقًا ان يصاب هؤلاء جميعهم بأهوال الانهيار كما أُصبنا نحن العرب يوم كانت لنا امبراطورية حكمت الاندلس لقرون حتى طردتنا شعوبها بالقوة لا بالدعاء وحده واصبحنا مهاجرين اذلٌاء في بعض ديارنا!؟
 
ترى هل يتبادر لذهن عاقل في الدنيا أنني بهذا الكلام احابي الامبراطورية الاميركية وقد قضيت عمري اعارض هيمنتها الاقتصادية على العالم وافضح استعمارها الظاهر والخفي لباقي شعوب الارض، وتضيف فوقه عندنا علاقتها العضوية الانتهازية بالكيان الصهيوني.. العنصري الاستيطاني.
 
ألم يحن الوقت لأن نفكر عالمياً وانسانياً؟ فلقد علمتنا تجارب القرنين الماضيين على الاقل أن معظم البشرية تخضع لنظام اقتصادي واحدٍ تحميه من وراء الستار ثمانمائة قاعدة عسكرية أميركية تتحكم بمعظم حكومات العالم وجيوشها وترسّخ قسرًا وبوسائل جهنمية ثقافةً تقول بأن الشر باقٍ الى الابد وألا مناص من جياع يموتون وملايين تطحنهم الحروب، لكننا نعتقد بان ذلك هراء فالعدالة الاجتماعية قادرة ذات يوم ولو بعيد على قلب الصورة البشعة ونشر الخير والسلام بين كل الناس، بنضال مشترك وفي وحدة عالمية لا تفرق بين لون وآخر.. أو بين عربي واميركي! ولعل من الضروري ملاحظة بشائر هذا التحرك وهو يمور الآن في نفوس الاميركيين كما في نفوس غيرهم من الثائرين وربما بزخم أكبر وفهم أعمق، ولا غرو ففيهم المهمشون والمضطهدون والجياع والمشردون والمنهوبة أراضيهم وثقافاتهم والمحرومون من حقوق أساسية كالتعليم والصحة، وفيهم العلماء الشرفاء والمفكرون من اصحاب الضمائر الحية فضلاً عن انهم يعيشون في أهم وأقوى وأغنى دولة في العالم وهم القمينون بأخذ زمام المبادرة مع باقي الشعوب كرفاق درب لا كأسياد وأتباع، لتحقيق عصر العولمة الانسانية الأصيلة.. العادلة.
 
وبعد.. مع تقديرنا للتجربة الاشتراكية القصيرة لكوميونة باريس في القرن التاسع عشر والتي لم تعش الا سبعين يومًا، واجلالنا لأطول تجربة اشتراكية في التاريخ صمدت في الاتحاد السوفياتي سبعين سنة، وإعجابنا بثورة كوبا الصغيرة الباسلة وسط حصار خانق منذ اثنين وستين عامًا، فإننا بتنا نؤمن بان العمل مع الأميركيين التقدميين من اجل تغيير اقتصاد السوق رمز الجشع اللا محدود حول العالم هو ما سيقود البشرية الى ازدهارها الحقيقي..