عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Jan-2021

الإذاعة الأردنيّة وذاكرة طفل: «5» أصواتٌ*أ.د. وائل عبد الرحمن التل

 الدستور

شاهدتُ وسمعتُ صوتَ» إذاعة المملكة الأردنيّة الهاشميّة» بين (1972-1980م) في استديوهاتها، وشاهدتُ وعَرفتُ سِماتَه الطبيعيّة، وسِماتَه التصويريّة، وحركتَه النّفسية، وتدفُّقَه العاطفي، وتماثُلَه خصائِصَ خُطوطها صفةً وتحديداً، فشعرتُ أنّه جناحٌ أحلّقُ به في سماء عَمّان أطوفُها حين كان يَصْدَحُ بِـ(هُنا عمّان)، وأنه سيمفونية عبقريّة في الوفاء والولاء عندما كان يقرأ خبراً عن (جلالة الملك)، وأنّه مقامات الكبرياء وصهيل الخيل وسيف الفارس عندما كان يقرأ خبراً أو تعليقاً أو تقريراً عن (الأردن)، وما زلتُ حتّى اليوم أُسامرُ في مُتَّكآتي ذاكرةَ الطّفل فأشاهدُ وأسمعُ صوتَ أصحاب القامات الرّفيعة: جبر حجّات، عدنان الزعبي، سلامة محاسنة، منير جدعون، علي غرايبة، سالم العبّادي، سَحوم المومني، محمود أبو عبيد، شاكر حداد، خلدون الكردي، عصام العُمري، مروان البشابشة، نشأت السّلايطة، رياض الزيادات، فريال زمخشري، عبلة الصغيّر، ريما عازار، كمال أباظة، محمد نويران.
هذا ما كان في استديوهات البثّ والتّسجيل الإخباري أمّا في استديوهات البرامج فقد شاهدتُ وعَرفتُ كيفَ حوّل صوتُ» إذاعة المملكة الأردنيّة الهاشميّة» بين (1972-1980م) هذه البرامج بكل خطوطها لتكون أبَدِيّة الأثَر في العقل والوجدان والتّدوين بما يمتلكه من حيويّةٍ وطاقةٍ تأثيريّة، وبما يمتلكه من مُحرّكاتٍ إبداعيةٍ تَستَنْطقُ التعبيرَ والحوارَ والثّراءَ الجَمالي في مُحتواها، وما زالت النّفسُ إلى اليوم تتوقُ إلى صوت عمالقة الابتهاج والتألّق الفريد فأتنقّلُ معها في ذاكرة الطّفل أُشاهدُ جنائِنَ الأرض وأسمعُ بوحَها في صوت» جُمان مجلي، نعيمة الدبّاس، بتول عبّاسي، ضياء فخر الدين، هدى السادات، نداء النابلسي، ليلى القطب، نظمي السّعيد، سوسن طنّوس، كوثر النّشاشيبي»، وأشاهدُ عَظَمةَ الكون وأسمعُ نبضَ الطبيعة في صوت: «إبراهيم زيد الكيلاني، علي عمر فريج، محمد الصّرايرة، يوسف العُمري»، وأشاهدُ عناقيدَ الأمل وأسمعُ دَبيبَ التّنمية في صوت: «هاني الفرحان»، وأشاهدُ غِلالَ الأرض وأسمعُ تغاريدَ المواسم في صوت: «مازن القبّج»، وأُشاهدُ سحرَ البادية وأسمعُ أنغامَ مهابيجِها في صوت «محمود عودة الحويان»، وأشاهدُ ذاتَ الرَّفيفِ وأسمعُ حَراتَها في صوت: «زهور الصّعوب، عائشة التيجاني، محمود أبو عبيد، نبيلة السلّاخ، محمد الخشمان الذي ودّعني إلى الشّوبك قبل وفاته بساعاتٍ فبكيتُه وما زلت».
كما تشرّفتُ بمعرفة قامات صوت أخرى في «إذاعة المملكة الأردنيّة الهاشميّة» بين (1972-1980م)، وعرفتُ بعضَهم في أيامي المتفرّقات حتى نهاية عام 1983م، لكنّي لم أشهد أصواتَهم في استديوهات البثّ والتّسجيل إمّا لعدم توافق الوقت، وإما لأن التسجيل كان ميدانياً بجهاز التسجيل المحمول، وما زالتْ ذاكرة الطفل تستحضرُهم كلّهم وتنشِدُ بقيمتِهم لكنها في هذه اللحظة تتذكّر الذّوات: محمود فضيل التل لانتقاله في أولِ عامٍ لي 1972م إلى موقع آخر، حيدر محمود، موسى عمّار لكنّي شاهدتُ فَنَّهُ في الإخراج، نهاد زمخشري، سليمان خير الله، حمد القطارنة، جمال ريّان، راكان قدّاح، علي الفزّاع، زكية البوريني، محمد المعيدي، محمد المناصير، مروان المجالي، مصطفى عيروط، حاتم الكسواني، سمراء عبدالمجيد، مازن المجالي، عُلا القريوتي، مريد حمّاد، عسّاف الشوبكي، شاهة القضاة.
أخيراً، هذه ذاكرة الطّفل لصوت «إذاعة المملكة الأردنيّة الهاشميّة» في استديوهاتها، بقي فيها أن هذا الصّوت كانت تحتَكِمُ إليه مذاهبُ الصّوت وتَستَفتيهِ إذاعاتٌ، هو أمْنٌ كالقَمْح، ثروةٌ كالزيتون، مُعمِّرٌ كالسّنديان، ماردٌ كالصّنوبر، قويٌّ كجذر البُلّان، طيّبٌ كالبُطُم، نادرٌ كالمَيس، ولبلوغه حَبَتْ أصواتٌ لكنّ بلوغَه صعبٌ كإنبات اللَّزّاب، وللحديث بقيّة في غَرْفاتٍ غَرَفتُها.