عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    30-Aug-2023

رحل الصوت بقي الصدى| حافظ البرغوثي

شبكة راية الإعلامية
 رحل صوت من لا صوت لهم وبقي صداه يتردد في الرواق العربي داعيا الى النضال والحرية . رحل الكبير طلال سلمان بعد ان توقفت صحيفته السفير عن الصدور بسنوات   وظل في السنوات الاخيرة للسفير يكافح لمنع توقفها لكن لا أحد مد له يد المساعدة مع افول الصحافة الورقية .

التقيته في سنة 2017 في ابو ظبي يحاول ان يجد تمويلا لصحيفته ورسالتها القومية لكنه فشل .فانكفأ يكتب مقالته الجديرة بالقراءة .عرفنا طلال سلمان في السبعينات عندما انطلق صوته نيابة عن من لا صوت لهم في بيروت ،وكنت وقتها ابحث عن فرصة عمل في الصحافة لكن الصحافة اللبنانية كانت لا توظف غير اللبنانيين مع انها كانت ممولة من غير اللبنانيين  في الغالب. وتجرأ طلال ونشر مقابلة مطولة مع العقيد القذافي وكأنه يعلن ان ليبيا تمول صحيفته.

ولاحقا التقيته في طرابلس ليبيا في احتفالات الفاتح من سبتمبر سنة 1979 وكان متحرجا من توجيه سؤال لمسؤول ليبي حول مصير موسى الصدر الذي اختفى بعد زيارته لطرابلس كشيعي وكصحفي تموله  ليبيا  فطلب مني توجيه السؤال ففعلت  وسط دهشة المسؤول الليبي والحضور وكان الجواب انهم يحققون وانه غادر ليبيا الى ايطاليا

صارت السفير فعلا صوت من لاصوت لهم .اليها لجأ ناجي العلي بعد مغادرته الكويت في مطلع الثمانيات بعد مهاجمة التيار الاخواني له في الكويت والى مقرها دخل الاحتلال بعد احتلال بيروت سنة 82  وكأنه يبحث عن طلال  او ناجي العلي الذي كان في حينه في عين الحلوة  واعتقل مع مئات اخرين وصفوا في طابور على البحر للتدقيق وبدا ناجي بشعره الأشيب وانحناءة ظهره رجلا عجوزا ولم يتم التعرف عليه واطلق سراحه ليتسلل بعدها الى بيروت.

تعرض طلال لعدة محاولات اغتيال وتم تفجير مبنى صحيفته لكنه ظل وفيا لصوته. التقيته في مؤتمر   في القاهرة كأول اجتماع قمة في القاهرة بعد عودة مصر الى الجامعة العربية سنة 1996 اثناء هبة النفق. وهناك بعد يوم عمل في كواليس المؤتمر سألني طلال كيف يمكن ان نسهر في مكان نظيف فاقترحت  مطعما في فيللا على ترعة المريوطية على طريق اهرامات سقارة  اسمه كان زمان وتوجهنا وثلة من زملائه الى المكان كان متحفا للفنون الجميلة يملكه عميد كلية الفنون الجميلة وزوجته الرسامة وسهرنا على ايقاع تخت شرقي يختتم سهرته عند الثالثة فجراعلى ايقاع اغنية ام كلثوم كان زمان . وكان الزملاء في حالة طرب فطلب طلال من صاحب العود استئجاره مقابل مئة جنيه لبضع ساعات وعدنا الى فندق سمير اميس واجلس طلال العازف في غرفة  واغلق عليه وفتح الاخرى وجلسنا على  الارض وتولى صحفي لبناني مبدع  العزف  على العود والغناء حتى الثامنة صباحا.


كان يحب الحياة ويحب الكتابة والتدخين ايضا حتى انه لا يبالي في التدخين في اي مكان فاثناء قمة الدوحة كنت ترانزيت في مطار بيروت متجها الى قطر  فوجدته مسافرا وزملاء  على الطائرة نفسها وجلس يدخن غير عابيء بمنع التدخين وعندما توجهنا الى الطائرة توقف عند الباب  واشعل سيجارة  واكملها قبل الدخول.

ظل طلال مخلصا للقضايا القومية حتى آخر رمق وعندما زرت بيروت قبل عقدين لحضور مؤتمر عن القدس  سألت الزميل صقر ابو فخر عنه وفي اليوم التالي تلقيت منه  دعوة للعشاء في احد الفنادق وكان الحضور وفد حزبي ايطالي جاء للاطلاع على المخيمات فدعاهم طلال للعشاء لانه كان في حينه الواجهة العلنية لفلسطين في لبنان مثلما قال ابو فخر لغياب مكتب للمنظمة في بيروت في حينه فهو من كان يتولى ضيافة كل من يزور المخيمات من الاجانب 

وقد ارسلت بعدها مقالا لطلال نشره في صحيفته لكنني تقاعست عن الاستمرار في الكتابة  . عندما عدت ابلغت ابو عمار عن رحلتي الى لبنان  ولقائي مع طلال وقلت له ان كل اللبنانيين الذين قابلتهم كانوا يطلبون منه حسم وجود جند الشام في عين الحلوة حتى يبقى الوضع مستقرا فقال ابو عمار هو انا اللي بدخلهم المخيم ما هم عارفين انهم يدخلون بمساعدة   دمشق.
رحم الله طلال  كان صوتا قوميا قل وجوده فهو عمليا    آخر الاقلام الحرة  وخاتمة مقال القومية وصوتها.