عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    18-Jul-2025

الحرب على «الفلسطنة»: من الكنيست إلى الضفة الغربية وغزة*علي ابو حبلة

 الدستور

ما جرى مع النائب أيمن عودة داخل الكنيست الإسرائيلي مؤخرًا لم يكن مجرد جدال سياسي أو خلاف برلماني، بل يعكس توجهًا استراتيجيًا متصاعدًا لدى المؤسسة الإسرائيلية لمحاربة الهوية الوطنية الفلسطينية أينما وُجدت. هذه السياسة تمتد لتشمل الداخل الفلسطيني، الضفة الغربية، القدس، وقطاع غزة، في إطار رؤية أيديولوجية هدفها اجتثاث الفلسطيني من المكان والتاريخ.
أولاً: الكنيست كمنصة للفصل العنصري
الهجمة على النائب أيمن عودة، ومحاولات تقويض دوره البرلماني، تكشف الطبيعة الحقيقية للكنيست بوصفه أداة لتكريس التمييز العنصري. تشريعات مثل «قانون القومية» الإسرائيلي لعام 2018، الذي نصّ على أن «إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي»، تُعتبر انتهاكًا صارخًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما فيها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي ينص على عدم التمييز على أساس العرق أو القومية.
ثانياً: الضفة الغربية والقدس – انتهاك جسيم للقانون الدولي
في الضفة الغربية والقدس، تسير سياسات التهويد والاستيطان بوتيرة متسارعة، وهو ما يتعارض مع المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التي تحظر على دولة الاحتلال «نقل جزء من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها». كما تعتبر قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وخاصة القرار (2334) لعام 2016، الاستيطان الإسرائيلي «غير قانوني» ويشكل «انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي»، ويطالب بوقف جميع الأنشطة الاستيطانية فورًا.
ثالثاً: غزة – العقاب الجماعي والإبادة الصامتة
أما في قطاع غزة، فقد اتخذت إسرائيل سياسات أكثر فتكًا تصل إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية كما يعرفها نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. الحصار المستمر، وتدمير البنية التحتية، والاستهداف الممنهج للمدنيين يشكل خرقًا لــ المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر «العقاب الجماعي» بشكل صريح، وكذلك انتهاكًا لمبدأ التمييز والتناسب في القانون الدولي الإنساني.
رابعاً: الحرب على الهوية الوطنية الفلسطينية
المشترك بين الداخل الفلسطيني، الضفة الغربية، وغزة هو أن إسرائيل تخوض حربًا شاملة على «الفلسطنة»؛ أي على كل تعبير عن الهوية الوطنية الفلسطينية. ما بين الإقصاء السياسي في الكنيست، والتطهير العرقي في القدس، والإبادة الجماعية في غزة، يتضح أن السياسة الإسرائيلية تقوم على نزع الشرعية عن الفلسطينيين كأفراد وكشعب.
نداء عاجل إلى المجتمع الدولي
إن استمرار هذه الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي يتطلب موقفًا حازمًا من المجتمع الدولي:
أولاً: تفعيل آليات المساءلة الدولية، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية، للتحقيق في الانتهاكات الإسرائيلية كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ثانياً: إلزام إسرائيل بالامتثال لاتفاقيات جنيف الرابعة بصفتها دولة قائمة بالاحتلال، وفقًا لما نصت عليه المادة الأولى المشتركة من الاتفاقيات التي تلزم الأطراف المتعاقدة «باحترام وضمان احترام» أحكامها.
ثالثاً: فرض عقوبات اقتصادية وسياسية على إسرائيل حتى تنهي ممارسات الفصل العنصري والتطهير العرقي، على غرار ما جرى مع نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا سابقًا.
رابعاً: دعم الشعب الفلسطيني في نضاله المشروع من أجل تقرير مصيره، وفقًا للقرار (242) لعام 1967 والقرار (338) لعام 1973، اللذين يشددان على انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
إن تقاعس المجتمع الدولي عن التحرك سيؤدي إلى تقويض النظام القانوني الدولي برمته، ويمنح إسرائيل ضوءًا أخضر للاستمرار في ارتكاب انتهاكاتها دون مساءلة.