عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-Feb-2020

رئيس الوزراء محمد علاوي.. لماذا لا يثق العراقيون به؟ - حسين تقريبا
 
الجزيرة - بعد التحول الأخير الذي طرأ على مقتدى الصدر عقب حادثة اغتيال قاسم سليماني - سنتعرض لهذا التحول ربما في مقال منفرد- ليتحول الصدر من التأرجح بين المتظاهرين والسلطة إلى اختيار جانب السلطة والدفاع عنها بل وتنسيق الهجوم على المتظاهرين حيث كانت أبرز هجمة قلبت موازين نظر الشارع العراقي إلى الصدر هي هجمة القبعات الزرقاء على المتظاهرين في التحرير وفي بناية المطعم التركي بشكل خاص، وتزامن معها الهجوم على ساحة الصدرين في محافظة النجف وهجمات اخرى في محافظات اخرى مُحتجّة.
 
تذرع الصدر والصدريون لتبرير هذه الهجمة بأنهم يحاولون تهذيب التظاهرات والمتظاهرين من "المندسين" بينهم ممن يعاقرون الخمر ويتناولون الحبوب المخدرة بين المتظاهرين! غير أن هذه حيلة يبدو أنها لم تنطلي على أي مراقب، فمع كم الأكاذيب التي سيقت في هذا الصدد عبر الإعلام والسوشيال ميديا عن المتظاهرين تزامنت هذه الهجمات مع ليلة تكليف مرشح رئاسة الوزراء الذي بارك ترشيحه الصدر: محمد توفيق علاوي! لنعرف أنها كانت هجمات لتهذيب المتظاهرين أنفسهم لا المندسين بينهم ولخنق أصوات الساحات العراقية الرافضة لتكليف علاوي واسكات صوتها بعصي القبعات الزرقاء على ظهور المتظاهرين، الأمر الذي ترك محمد توفيق علاوي بعنوان لدى العراقيين والمتظاهرين تحديدًا حيث وصفوه بـ (مرشح التواثي) و"التواثي" جمع "توثية" وهي العصا باللهجة العراقية!
 
لم يتذكر الصدر والصدريون مهمات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتنظيف ساحات التظاهر من "قواطي البيرة" إلا في ليلة تكليف علاوي! ثم انهم احتلّوا هذه الساحات لخنق الاصوات المعترضة على علاوي وبل وضُرَبَ المنادين برفض علاوي من المتظاهرين، ويراد للعراقين الآن ان يصدقوا بأن غزوة "ذات التواثي" هي من أجل "قواطي البيرة" لا من اجل تكليف علاوي.
 
"مرشح التواثي" يكذب!
في يوم تكليفه ظهر لنا محمد توفيق علاوي متربعًا على عنوان "المكليف برئاسة الوزراء محمد توفيق علاوي" حيث يبدو ان طريقة تنصيبه "بالتواثي" على ظهور المتظاهرين كانت مقنعة له ومشبعة لغريزة التسلط فيه وفي الصدر الذي بارك تكليفه ونسبه اختياره إلى الشعب! دون أن يدري أحد من الشعب متى اختار الشعب علاوي وكلّفه برئاسة الوزراء؟! غير أن هذا موضوع آخر سنعرض له في مكان آخر للحديث عن هذه الحكومة التي يمكن تسميتها بكل ثقة (حكومة الصدر).
 
ظهر علاوي في فيديو مصور ليلقي علينا خطابًا مكتوبًا ادعّى أنه خطاب عفوي قريب من الشعب لكنه لم يكن عفويًا ولا قريبًا من الشعب، خطاب حاول استجداء عواطف الناس ودعمه لتظاهراتهم ومطالبتهم لاستمرار التظاهر دون الاعتداء عليهم، في نفس الوقت الذي هجمت فيه مجاميع الصدر لضرب واسكات كل من يرفض تكليف علاوي! مشهد تحاول فيه السلطة واحزابها ان تلعب على العراقيين فيه دور (Good cop / bad cop) فعلاوي يخاطبنا بحنان الأم المزيف، ومن لا يقنعه حنان الام المزيف هذا تقنعه "التوثية" في ساحة التظاهر!
 
على شاشات التلفاز وقبل توليه كذب علينا علاوي غير مرة لادعائه أنه مرشح ساحات التظاهر! على الرغم من كون المتظاهرين كانوا قد طرحوا "صفات" لا اسماء، وعلاوي جاء مخالفًا لكل تلك الصفات، فلا هو غير مشارك بالعملية السياسة، ولا هو من الذين لا يعيشون مزدوجين الجنسية، ولا هو سياسي مستقل، ولا هو حازم وشجاع لمحاسبة قتلة المتظاهرين والتمهيد لانتخابات مبكرة، جاء علاوي مخالفًا لجميع الصفات التي طرحتها ساحات التظاهر، ويدعّي كذبًا انه مُرشح ساحات التظاهر وأن لا مقبولية لأحد عند المتظاهرين أكثر منه!
 
الأحزاب تظهر لعلاوي العداء
بعد أن وجدت أحزاب السلطة -وخاصة الشيعية منها- التي وضعت علاوي موضعه في مأزق حيث أن حكومته ماتت قبل أن تولد في نفوس الناس وساحات العراق، تحاول هذه الاحزاب إنعاش سمعة علاوي التي باتت نكتة من خلال اظهار العداء له، وابرازه عدوًا لها! يريد العراقيون من يحاسب ويحاكم هذه الأحزاب على من قتل متظاهريهم واعتقلهم وجرح أكثر من ٢٠ ألف إنسان بينهم آلاف تمت إعاقتهم إعاقة دائمة!، هذه اللعبة السياسية بين علاوي والاحزاب التي كلفته الآن هي لإظهار علاوي بمظهر الشجاع المحارب للأحزاب والذي يحاول الاقتصاص منهم ولا داعم له من بينهم فينال بذلك تعاطف ودعم الطبقات الشعبية!
 
لكن هذه مسرحية بحمد الله كشفها العراقيون منذ أول فصولها وبدأوا بالسخرية منها على تويتر وفيسبوك، ولم تعد تجدي نفعًا، ولا يمكن تصديق ان علاوي هو المحارب الذي سيقتص لنا من قتلة المتظاهرين ومن قمعنا وقمع اخواننا وكتم اصواتنا.. الأمر الذي انقلب الآن إلى رفض علاوي من قبل الكُرد والسنّة وبعض أحزاب الشيعة لاستعادة ثقة الناس بهم لا بعلاوي لأنه بات ورقة منتهية، وأيضًا من السهل جدًا رفضه والادعاء بأن سبب الرفض هو عدم قبول الشعب والمتظاهرين به، وكأنهم لم يعرفوا رأي المتظاهرين من قبل في أيام تنصيبه!!
 
لماذا لا يمكن الثقة بعلاوي؟
بات الجواب واضحًا، فالذي يتم تنصيبه عنوة بهذه الطريقة، ويرتضي لنفسه التشبث بالمنصب وتسلقه والكذب على شاشات التلفاز ونسبة ترشيحه زورًا إلى الشعب، لا يمكن التفكير للحظة ولا الأمل لدقيقة في انه مرشح حازم وعادل وشجاع سيحارب عن المتظاهرين ويقتص من قتلتهم ويمهد لانتخابات مبكرة نزيهة إلى حد ما، فمن يأتي "بالتوثية" على ظهور الناس، لا يمكن ان يلعب دور نصرتهم والوقوف إلى جنبهم، وما هذه الدعوات منه ومن مؤيديه الا استغفال واضح لم يعد ينطلي على أصغر طفل عراقي ولا أكبر عجوز عراقية.