عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Apr-2024

المرتكزات العقائدية للفكر الإبادي الصهيوني (7)*علاء الدين أبو زينة

 الغد

في أعقاب إعلان الكيان الصهيوني الحرب على الفلسطينيين بعد 7 تشرين الأول (أكتوبر)، قال السيناتور الأميركي المناصر للكيان، لندسي غراهام، لمحطة «فوكس نيوز»: «نحن في حرب دينية. وأنا مع إسرائيل. افعلوا كل ما في وسعكم بحق الشيطان لتدافعوا عن أنفسكم. سووا المكان بالأرض».
 
وفي المملكة المتحدة، كتب محرر مجلة «ذا جويش كرونيكل»، جيك واليس سايمونز: «الكثير من الثقافة الإسلامية واقعة في قبضة عقيدة موت تقدس سفك الدماء».
 
وبطبيعة الحال، ردد قادة الكيان وحاخاماتهم تصريحات تستحضر المرتكزات الدينية العقائدية لصراعهم مع أصحاب الأرض الفلسطينيين وما يلزم من الإشارات التوراتية والتلمودية الوفيرة. وكانت الأفكار «المقدسة» التي عبروا عنها بشكل أساسي هي الاستعلاء اليهودي، وتبرير الوحشية الإبادية باعتبارها وصايا مقدسة تُنفذ بحق «حيوانات» خلقت لتخدم اليهود. وفي النظرية والممارسة، جسد الكيان الاستعماري الصهيوني العقيدة الأصولية/ السلفية المتطرفة التي لا مثيل على الإطلاق في تجريد الآخر –أي آخر/ غير يهودي- من إنسانيته.
ثمة يهود يتنصلون، بطبيعة الحال، من هذا النوع من التعاليم والتأويلات المستغرقة في العدوانية، وينتخبون الجزء الذي ينسجم مع المنطق والحس السليم من اللاهوت. ولا يمكن أن تكون لأحد مشكلة مع هؤلاء الناس العقلانيين وأن يتحدى حريتهم في ممارسة معتقداتهم. لكن المشكلة ليست أقل من وجودية عندما يشهر أحدهم في وجهك مسدسا في يد، وفي الأخرى صفحة من التوراة أو التلمود ويقول لك أن هذا هو صك تمليكه أرضك، ومصيرك، وحياتك نفسها. هذا بالضبط هو التكوين الفضائي المتغّرب عن الإنسانية الذي نواجهه.
ولا يتعلق الأمر بالفلسطينيين كفلسطينيين. إن «الغوييم» هم كل فرد خلقه الله ولم يمنحه امتياز أن يكون يهوديا مصطفى له من الحقوق ما لا يمكن أن يكون لغيره. ومن الطبيعي أن يخفي هؤلاء ازدراءهم لكل الأمم الأخرى وأن يركزوا الآن على الفلسطينيين والعرب. ومن الغريب أنهم ينجحون في إقناع المحتقرين الآخرين بأن يصطفوا معهم في ازدراء الفلسطينيين والعرب بشكل خاص، وعلى أساس نفس الهرطقات اللاهوتية الإقصائية التي تلتقي بحبّ مع النظرية الاستعمارية العنصرية «المقدسة» بنفس المقدار.
إن الذين يعززون وجود الكيان الصهيوني في فلسطين ويقبلون هذا الوجود إنما يصادقون على هذه التعاليم والعقائد التي يرتكز عليها هذا الكيان، والتي ذُكر جزء صغير جدا منها في حلقات هذه المقال. ومن غير نية عنصرية، ولو أن عنصرية لن تقترب من إعلان أحدٍ أن بقية البشر حيوانات وأنه الإنسان الوحيد، فإن هذه العقائد والتعاليم يغلب أن تكون السبب في انعزالية –وعزل- اليهود المتطرفين في أوطانهم الأصلية. إنه هذا الجزء المتعالي من عقيدتهم وتعاليمهم هو الذي لا يتيح استساغة الاندماج والتعايش على قدم المساواة بين البشر و»الحيوانات البشرية» التي في جلد بشر.
يقول التلمود، شولشان أروخ، جوري دياه 122: «يُحظر على اليهودي أن يشرب من كأس نبيذ لمسه أممي، لأن اللمسة جعلت الخمر نجسًا».‏ وفي (عبودة سارة 37 أ): «يمكن انتهاك البنت الأممية التي تبلغ من العمر ثلاث سنوات».‏ وفي (‏جاد. شاس. 2: 2): «يجوز لليهودي أن ينتهك -ولكن لا يتزوج- فتاة غير يهودية».‏
هكذا نحن في عين الصهاينة المتطرفين المتطفلين على جغرافيتنا وثقافتنا والذين يدعمونهم –وإلا لما ارتاحوا مع فكرة الاستمتاع بإفنائنا بلا وخزة ضمير. وانظروا ما يفعل المستوطنون أصحاب الكيباه، أشباه نتنياهو وبن غفير وسموتريتش وأتباعهم.
إذا كان هناك من لا يرى الوصايا والتعاليم المذكورة في أجزاء هذا المقال متجسدة بالكامل في شخصية وسلوك حكومات الكيان، فإنه لا يريد أن ينتصر لإنسانيته هو نفسه، ناهيك عن الانتصار لإنسانية الآخرين. لا يمكن التعايش مع كينونة لا تتكلف عناء إخفاء رؤيتها لكل الآخرين كحيوانات ووحوش بشرية، لا يستثنون منهم أحدًا.
الآن، يتهيأ الصهاينة المتطرفون لذبح البقرات الحُمر التي استزرعوها في تكساس عند المسجد الأقصى. وعندئذٍ، سيكونون «طاهرين» وجاهزين ليدخلوا «الهيكل، إيذانا بعودة المسيح. وعندئذ، كما يقول التلمود، (سمعان هادارسن، فول 56 –د): «عندما يأتي المسيح سيكون لكل يهودي 2800 عبد».‏ فليساعد من يريد مساعدة قدوم ذلك بما تبقى من «حرية» قبل أن ينتصروا في حربهم الدينية، ويُهدم الأقصى، ويقام على أطلاله «عالم اليهود»، حيث الأقربون أولى بوشم العبيد.