الدستور-محمود كريشان
لعلها واحدة من أهم حوادث المواجهات مع الإرهاب في التاريخ الأردني، تلك العملية التي اشتهرت باسم عملية الهجوم على فندق الأردن «انتركونتيننتال» في الدوار الثالث جبل عمان عام 1976 ونفذ العملية أربعة مهاجمين يتبعون لمنظمة المجلس الثوري الإرهابية جماعة المجرم صبري البنا «أبو نضال»، وقاد عملية تحرير الفندق المرحوم اللواء الركن المظلي أحمد علاء الدين الشيشاني، قائد القوات الخاصة حينها، حيث جرت عملية إنزال على سطح الفندق، والإشتباك مع المهاجمين، وبالنتيجة قتل 3 من الإرهابيين، وجرح الرابع الذي أدلى بتصريحات نشرت فورا في الصحف الأردنية.
أسفرت العملية كذلك عن استشهاد اثنين من القوات الخاصة هما الملازم أول محمود عبدالعزيز الكايد العدوان من شفا بدران، والرقيب ابراهيم لباد، من قرية سوف، كما استشهد اثنان من نزلاء الفندق، وتابع جلالة المغفور له بإذن الله الملك الحسين، العملية وحضر إلى موقع الفندق، كما حضر رئيس الوزراء مضر بدران والقائد العام للقوات المسلحة الأمير زيد بن شاكر.
وعن معركة اقتحام الفندق التي كانت صفعة أخرى قوية يضربها قائد قواتنا الخاصة المرحوم احمد علاء الدين في ذلك الوقت في وجه الإرهاب القذر، حيث كان الباشا علاء الدين قد سرد لـ»الدستور» تفاصيل هذه المعركة قائلا: في صباح يوم 16 تشرين ثاني 1976 خرجت من منزلي مرتدياً لباساً مموهاً، الأمر الذي أثار دهشة ابنتي الصغيرة «علياء» حينما كانت تبلغ من العمر الثلاث سنوات، لأعلل لها هذا الأمر بأنه ما هو إلا محاولة لاسترجاع أيام القتال التي أحن لها.
واضاف: بالفعل غادرت المنزل متجهاً لمقر القيادة ودعوات ابنتي لله لحفظي ورعايتي، ما زال صداها يدق في مسمع إذني حتى هذه اللحظة، وبعد فترة وإذا بهاتف يبلغنا عن معلومات حول وجود مجموعة من الإرهابيين، وقد أحدثوا بعض المشاكل في فندق الأردن، الأمر الذي دفعني مباشرة للتوجه لهذا المكان، بعد أن سبقتني الكتيبة التابعة لي هناك، ووصلنا للموقع، وإذا بالقائد العام للقوات المسلحة الأمير زيد بن شاكر ومدير شرطة العاصمة العقيد بسام الحمود ينتظراني، لينقلا لي معلومات عن وجود أربعة إرهابيين مسلحين بشتى أنواع الأسلحة والذخائر قابعين في مبنى الفندق، محدثين فيه الكثير من المشاكل، مما جعلنا نتخذ الكثير من التدبيرات والإجراءات الاحترازية قبل بدء الهجوم، لنقرر بعدها على أن آلية اقتحام الفندق ستتم من جهتين، تماماً كما حصل في حادثة فندق ليبتون، لأقتحم أنا ومن معي من الجنود المبنى من الطوابق السفلية للفندق، فيما تتم عملية إنزال لطائرات الهيلوكبتر من الأعلى كما الساندويش، حتى استطعنا أن نسيطر على مجريات الأحداث في وقت قصير لا يتجاوز الثلاث ساعات، وبأقل الخسائر، فقتلنا ثلاثة من الإرهابيين، فيما القينا القبض على رابعهم، الذي كان من الضروري بقاؤه حياً لمعرفة الجهة التي أرسلتهم لتنفيذ هجماتهم، وإذا هم من جماعة صبري البنا «أبو نضال».
ويضيف: كنت سعيداً جداً لما أنجزته، محققاً بذلك الوعد الذي قطعته على نفسي أمام القائد العام الأمير زيد بن شاكر، حيث وعدته بأن أنهي عملية اقتحام الفندق والقضاء على جيوب الإرهاب في وقت لا يتجاوز الثلاث ساعات وهذا ما حصل.
إذاً.. هذا هو الأردن الذي يتعرف على وجهه في مرايا العزة والكرامة.. ويقرأ اسمه في كتاب الجيش الاردني العظيم وزمازم الشهادة.. ومزامير النصر.. يقرأه في فرح المغامرة والإقدام، وأبجدية الشجاعة وروح الاقتحام.. يقرأه على معاطف الجنود المسافرين إلى ري سنابل الكبرياء بدمهم الأرجواني.. يقرأونه في جراحهم المتلألئة تحت الشمس كأحجار الياقوت.. وحقول شقائق النعمان والدحنون..ويكتشف الأردن صوته في رصاص مقاتليه الأبطال.. ولأرواح الأبطال والشهداء سلام، ولقواتنا المسلحة الباسلة في عطر الذكرى.. وعد ورايات عالية الطيب والنبل.. والبهي من زهر الكلام، وسحائب الخير في الغمام..و:
هذي النُّجودُ مِنَ الزنود رمالُها والأوفياءُ الطّيبّونَ: رِجالُها العادياتُ: خيولُها، لم تَفْترِقْ عَنْ ساحِها.. والصّابراتُ: جِمالُها! صَحْراءُ.. إلاّ أَنّ سَعْفَ نَخيلهِا قُضُبٌ.. يَعزُّ على الدّخيلِ مَنالُها وفقيرةٌ.. لكنّ يابِسَ شيحهِا لا الأرضُ تَعْدِلُهُ، ولا أموالُها!