عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Nov-2024

"الأنواع الأدبية للأطفال: المواصفات والشروط".. محاضرة في رابطة الكتاب الأردنيين

 الغد-عزيزة علي

نظمت لجنة "أدب الطفل"، في رابطة الكتاب الأردنيين، أول من أمس، محاضرة بعنوان "الأنواع الأدبية للأطفال: المواصفات والشروط"، تحدث فيها الدكتور ناصر شبانه، وأدارها محمد جمال عمرو.
 
 
استعرض المحاضر أدب الأطفال الذي ينقسم إلى قسمين كبيرين يتفرع كل منهما إلى فروع عديدة، وهما: الشعر والنثر. فنحن هنا لسنا في صدد تعريف الشعر، لافتا إلى أن تعريف الشعر، القصيدة الشعرية الصالحة للطفل يجب أن تتسم بما يأتي: أن تكون قصيرة رشيقة مناسبة لسرعة ملل الطفل ونزقه، لا تزيد على اثني عشر بيتًا شعريًا وبحسب المرحلة العمرية التي يتوجه إليها الشاعر بقصيدته.
Ad 
 Unmute
 
وأضاف شبانه، أن الطفل كائن نزق وسريع الملل، ومدة التركيز لديه قصيرة، والطول المفرط للقصيدة، يكون على حساب التفاعل، التركيز والتشويق، ويخشى من انصراف الطفل عنها قبل إكمال قراءتها.
وأوضح المحاضر أن القصيدة تكتب على البحور الغنائية وافرة الموسيقا كالكامل أو المتقارب أو المتدارك أو الرمل، وتجنب الكتابة على البحور الطويلة خافتة الإيقاع كالبحر الطويل أو البسيط وغيرهما، من البحور ذات التفعيلات الكثيرة والمتنوعة، وأن توظيف الصورة الفنية والمجاز لتحريك آلة الخيال عند الطفل الذي يبدو مغرمًا بجماليات التصوير، والتحليق في فضاءات المجاز، بعيدًا عن الغموض الشديد الذي يصل حد الاستغلاق.
وتناولت القصيدة موضوعات طفولية تخص الطفل وتتحدث عنه، وتعالج قضاياه، وفيها الكثير من اللعب والمرح، وبعيدة عن عوالم الكبار الكئيبة، والقضايا الكبرى التي لا تخص الطفل في شيء، كالموضوعات السياسية والاجتماعية التي تخص الكبار.
أما الأنشودة، فهي القصيدة الشعرية التي يتم أداؤها إنشادًا بصوت الشاعر أو الطفل القارئ، ولا تسمى أنشودة حتى تؤدى صوتيًا وبطريقة الإنشاد، ويستحسن كي تكون أقوى تأثيرًا، أن تؤدى بصوت مناسب، وأداء يليق بغرض القصيدة، فإذا كانت القصيدة حماسية فهي بحاجة إلى صوت قوي وجهوري يثير الحماس في النفوس، وإذا كانت القصيدة عاطفية، فيستحسن أن يكون الصوت هادئًا وخافتًا يحمل معه موجة عاطفية وإحساسًا عاليًا بالمعنى.
وأشار شبانه إلى أن الأغنية ارتبطت بالشعر منذ قديم الزمان، فعبر العصور المتتابعة كان الشعر يؤدى غناء على ألسنة الجواري ذوات الصوت العذب الجميل، مما يكسب الشعر حلاوة لم تكن فيه، وقد تضاعف اهتمام الناس بغناء الشعر في العصر الحديث الذي حمل معه وسائل تضخيم الصوت والتحكم به والآلات الموسيقة العديدة والمتنوعة، ووسائل التواصل الاجتماعي التي مكنت من عرض القصيدة الشعرية مغناة ترافقها الأنغام والألحان.
وأشار المحاضر إلى أنه مع ظهور الفضائيات ووسائل التواصل انتشرت أغنيات الأطفال، وبات من الشائع أن يقوم مغن باختيار نص للأطفال لتلحينه وأدائه بصوته، مصاحبًا للألحان والنغمات، ولا تستغرق الأغنية عادة أكثر من دقيقة أو دقيقتين، ويمكن أن تزيد قليلا مع المراحل العمرية المتفدمة للأطفال، مبينا أن موسيقا القصيدة ضرورة من ضرورات النص الشعري؛ فإن تلحين القصيدة وأداؤها بصوت المغني يمنحها المزيد من الدفقات الموسيقية التي يترنم الطفل لها، ويستمتع فيها، وتبدو فيه القصيدة بحيرة عذبة من الموسيقا تحمل الطفل على موجاتها إلى عوالمه البعيدة والسعيدة.
ورأى شبانه، أن السيناريو الشعري ظهر مع ظهور مجلات الأطفال، فقد بحث محررو المجلات عن تنوع في المواد، وتعدد في الزوايا، فظهر فن الحوار (السيناريو) على ضربين: نثري وشعري، وإذا كان السيناريو ظهر وعرف وانتشر بلغة النثر؛ فإن الشعراء فطنوا إلى ضرورة ظهور حوار متوازن باللغة الشعرية. أما فن المسرحية الشعرية، فقد بدأ عند اليونان القدماء، إذ يليق بهذا الفن الراقي العريق اللغة الشعرية الأسمى والأرقى، ثم تطور المسرح وتحول إلى اللغة النثرية مع نزول النص المسرحي من برجه العاج إلى أرض الواقع، وكأن لغة المسرحية جزء من كاريزما الشخصيات التي تؤدي أدوارها على خشبة المسرح، فالطفل تليق به اللغة العالية، واللغة الموقعة المنغمة، فهو يتفاعل معها، ويحبها، ويفضلها على لغة النثر.
ثم تحدث شبانه عن النثر الأدبي، الذي ينقسم إلى "القصة القصيرة"، وهي حكاية قصيرة مصوغة بقالب فني، ولها عناصرها التي تعرف بها، كـ"الحدث، الشخوص، الزمان، المكان، والعقدة"، وهي عناصر تزيد عند بعض النقاد، وتنقص عند بعضهم الآخر، وللقصة القصيرة مساحتها التي ينبغي ألا تتجاوزها، وتتراوح هذه المساحة بين بضعة أسطر وبضع صفحات بما يناسب المرحلة العمرية التي تكتب لها، فهناك مرحلة الطفولة الأولى: 1-2 سنة، مرحلة الطفولة المبكرة: 3-5 سنوات، مرحلة الطفولة المتوسطة: 6-8 سنوات، ومرحلة الطفولة المتأخرة: 9-12 سنة. والطفل في كل مرحلة لديه مدى انتباه يقصر كلما كان أصغر ويطول كلما تقدم في العمر إلى مرحلة أخرى، فكلما كان الطفل أصغر احتاج مساحة أقل من القصة، وكلما تقدم في العمر تناسبه قصة أطول وهكذا.
ونوه المحاضر إلى أهمية أن تكون قصة الطفل تتضمن عنصر التشويق الذي يحمله على التعلق بقراءة القصة حتى آخرها، ويستحسن توظيف الحوار وتلوين لغة الشخصيات المتحاورة، ومراوحة لغة الكاتب بين السرد والوصف، أو بين السرد والحوار، ويتم السرد بضمائر: الغائب وهو الأشيع، أو المتكلم، أو المخاطب في أحيان قليلة. وأن تكون لغة القصة واضحة مبسطة خالية من التعقيد والكلمات الصعبة والغريبة، والتراكيب فصيحة سليمة لا غرابة فيها ولا التباس، وجميلة مختصرة بعيدة عن التفاصيل والاستطراد، قريبة من الإفهام، فيها من السهولة والسلاسة ما يمتع الطفل ويسعده. وتكون القصة القصيرة محدودة في زمانها ومكانها وعدد شخوصها وأحداثها غير متفرعة ولا متشعبة، وتحتوي على الأفكار الطفولية، وتتناول قيمًا إنسانية عالية، وتوظف فيها الشخصية الطفولية، وتنتهي نهاية إيجابية سعيدة للطفل، فالحق فيها ينتصر، والعدل يرتفع لواؤه، والمجتهد يقطف ثمرة اجتهاده، والمخطئ ينال جزاءه؛ لأن شعور الطفل بالعدالة وضرورة تحقيقها واضح لا ريب فيه.
وقال شبانه: "إن الرواية القصيرة تناسب الأطفال اليافعين، أو الراشدين، الذين اجتازوا سن الرشد، ويمكن تحديد هذه الفترة زمانيًا بالسنوات (12-18)، فعدد صفحاتها أكثر من القصة القصيرة، وقد تصل إلى ما بين 30-60 صفحة، وتتنوع أحداثها، ويتسع زمانها ومكانها، ويزداد عدد شخصياتها وتتنوع ما بين شخصيات أساسية وثانوية، وتتنوع تقنياتها الفنية، فقد يلجأ الكاتب إلى تقنية الاسترجاع أو الاستباق، ويعول على السرد تارة وعلى الحوار في تارات أخرى،  وتتعدد فيها ذروات التأزم، فهي عالم واسع مضطرب، كثير التحول، يتناول قضايا تمس الطفل في هذه المرحلة الحساسة من عمره".
ورأى المحاضر أن الرواية القصيرة تتنوع ما بين رواية اجتماعية، أو تاريخية، أو رواية خيال علمي، وتتفاوت في حجم الخيال فيها، وتبدو اللغة فيها ناضجة فيها شيء من العمق، يتداخلها المجاز، وتتنوع فيها ضمائر السرد، ويؤدي فيها الحوار دورًا مهمًا؛ لأن الحوار يحقق هدف المشاركة، ويستحضر شخصية الطفل/ البطل، ويترك له أن يعبر عن نفسه بنفسه، ويكسر احتكار الحقيقة، ويزيد في منسوب تعدد الآراء للوصول إلى الحقيقة، وهو ما ينشده الطفل ويبحث عنه.
كما تحدث شبانه عن المسرحية التي هي فن أدبي عريق وراق، بدأ شعريًا ثم تحول ليغدو من فنون النثر، ومسرحية الطفل ينبغي أن تحقق شروط أدب الطفل، وأولها أن تكون مناسبة للفئة التي توجه إليها في لغتها وتقنياتها وموضوعها وقيمها، وأن تثير الفرح والسعادة في نفس الطفل، بعيدة عن المآسي والأحزان، قريبة من قيم الحق، العدل وحقوق الطفل، تلبي رغباته، وتشبع تطلعاته، تنتهي نهاية سعيدة، وتعالج قضايا الطفولة، فيها خيال وتجسيم، تنطق فيها الحيوانات، وتتحرك الأشجار والأزهار، وتمتلك الجمادات حسًا إنسانيًا، من خلاله تتحدث وتعبر عن نفسها، ترافقها الرقصات والضحكات، ويصاحبها الإيقاع الموسيقي المعبر، معظم شخوصها من الأطفال، أو من يعبر عنهم من شخصيات موازية من العوالم الأخرى، كعالمي الحيوان والنبات.
أما السيرة الأدبية، فهي فن من الفنون الأدبية المهمة، وفق المحاضر، ولها حضور قوي في عالم الكبار، ويجب أن تتوافر في هذه السيرة الأدبية عناصر الأدب، منها لغة أدبية فصيحة وصحيحة وعالية، لها رونقها الأدبي، وحين نجول في عالم أدب الطفل، فإننا في أدب الأطفال لا نستطيع أن نكون صرحاء، وأن نقدم الواقع للطفل كما هو من دون تعديلات، لأن الطفل في مرحلة التعلم، والبحث عن قدوات، ونحن نحب أن نقدم له الواقع كما يريده ويحبه، وليس كما هو بكل عيوبه وتشوهاته.