زلزال أو رجفة المغرب بلغة المؤرخين العرب*د. مهند مبيضين
الدستور
لطالما حاول العلماء توقع الزلازل، وقدموا أبحاثاً وأوراقاً لإثبات صحة علمهم، وكانت الطبيعة أقسى من أن تروض للمختبرات والعلم، والنتيجة هي الدمار الكبير حسب درجة الهزات الأرضية.
في التاريخ القديم اعتبرت بعض المعتقدات أن الزلازل جزء من العقاب الذي تفرضه الألهة على البشر، وهو تفكير عميق وعتيق ولا يناسب العلم، الذي يعطي أسباباً واضحة للهزات الأرضية. واقدم قياس لقوة الزلازل جاء من الصين يعود للعام 132ميلادي.
ما يهمنا أن التراث العربي زاخر بالمخطوطات العربية عن الزلازل، التي وثقها المؤرخون والفقهاء، واطلقوا عليها اسم الرجفة، واما الزالة الكبرى فهي واقعة يوم القيام ومختلفة عما يحدث اليوم واعتبرها اهل التفسير بأنها من آيات الله .
وقد ذكر ياقوت الحموي ذلك في كتابه معجم الأدباء حين ابحر معنا في ذكر اهتمامات مؤرخ دمشق الشهير ابن عساكر الذي وضع مصنفا بعنوان «الإنذار بحدوث الزلزال» وللسيوطي اهتمام بذلك الأمر أيضا لكن هناك تفسيرات قدمها العلماء والمؤرخون للزلازل لا ترقى لنظريات العلم الحديث، بيد أن افضلهم في التفسير العلمي البعيد عن نظرية العقاب الإلهي هو ابن سينا الذي فسر حدوث الزلزال بقوله: حركة تعرض لجزء من الأرض نتيجة بخار ريحي أو ناري في باطن الأرض، ولا شيء يحرك الأرض تلك الحركة السريعة غير الريح أو مياه تسيل بقوة».
لم يكن ابن سينا وآخرون بعيدين في علمهم عن آراء اليونان وفلاسفتهم أمثال ديمقريطس، وارسطو في كتابه «الآثار العلوية» .
وقد اسمتر رصد الزلازل او الرجفات في التاريخ العربي، بعد العصر المملوكي حيث كان لعلماء دمشق بعد ابن عساكر وابن كثير اهتمام فيها، كما هو حال اسماعيل العجلوني الذي صنف رسالة عن زلزال دمشق الذي عاصرة منتصف القرن الثامن عشر بعنوان: «السلسلة فيما يتعلق بالزلزله» وهو بذلك يحاكي مصنف سلفه السيوطي الذي جاء بعنوان:» كشف الصلصلة عن وصف الزلزلة».
لكن أفضل الاعمال العربية الحديثة في رصد تاريخ الزلازل هي للمؤرخ والمنقب الكويتي يوسف عبدالله الدغيم الذي جاء بعنوان:» أحداث الزلازل وآثارها في المصادر العربية» وهو سجل لتاريخ الزلازل وتعامل التراث العربي معها طيلة خمسة عشر قرناً من الزمن.
الزلزال الأخير الذي ضرب صبح أمس اقليم الحوز مركز الزلزال في المغرب هو جزء من تاريخ طويل، وكارثة انسانية نسأل الله للاشقاء في المغرب الشقيق الخروج منها بأقل الخسائر في الأوراح، وهم بحاجة للدعم والتضامن الحقيقي.