بین برلین وتل أبیب - بقلم: د. رویتل عمیران
معاریف
انتصاران شھدت اسرائیل في نھایة الاسبوع الماضي. الاول في المانیا والثاني في تل ابیب. كلاھما
مھمان لقوة اسرائیل، ولكن واحد فقط اعترفت بھ الحكومة.
اقر البرلمان الالماني في نھایة الاسبوع مشروع قانون یقضي بأن حركة المقاطعة بي دي اس ھي
حركة لاسامیة. قرار البوندستاغ، الذي اتخذ باغلبیة كبیرة، اكد القول ان الاسالیب التي تتخذھا
حركة مقاطعة اسرائیل ھي ذات طابع لاسامي ینسجم مع سلوك النازیین الذین دعوا الى مقاطعة
الیھود. كما یدعو مشروع القانون الحكومة الالمانیة الا تسمح بتمویل جھات ترفض حق دولة
اسرائیل في الوجود. لا شك ان قرار مجلس النواب الالماني ھو انتصار اسرائیلي ینبغي التھنئة
علیھ، مثلما ھو انتصار ایضا لكل من لا یؤمن بسیاسة المقاطعات. فھو لا یعود للیمین او للیسار.
ھو یرتبط بحق دولة اسرائیل بالوجود وبالاشكالیة الاخلاقیة الكامنة في المقاطعة. اسحق ھرتسوغ،
كرئیس للمعسكر الصھیوني وكرئیس للمعارضة، ادعى في حینھ وعن حق بأن المقاطعة ھي
ارھاب لاسامي خطیر ومن نوع جدید.
على مسافة مئات الكلومترات من المانیا احتفلت اسرائیل بانتصار آخر من نوع آخر. انتصار
مسؤول عنھ اساسا ھیئة البث كان 11 وبلدیة تل ابیب: الایروفزیون. انتاج لامع، مھني على
مستوى دولي، أظھر للعالم الوجھ الجمیل، المنتعش، الدافئ واللیبرالي لاسرائیل. لاكثر من 200
ملیون مشاھد في ارجاء العالم كانت فرصة للتعرف على اسرائیل لیس عبر التقاریر العسكریة
ومظاھرات الغضب. ان نجاح الایروفزیون لا یرتبط ھو الاخر لا بالیمین ولا بالیسار. یرتبط
بالعلاقات العامة الافضل التي یمكن لاسرائیل أن تتوقعھا، والتي ستنتج اغلب الظن في المستقبل
سیاحة وتعاونا تجاریا.
بینما عانق رئیس الوزراء بحرارة الانتصار الاول ونشر بیان تأیید فوري، بقي ممتعضا بالنسبة
للانتصار التل أبیبي. وبدلا من التعاطي معھ كمصدر عزة اسرائیلیة، حظي الایروفزیون من
نتنیاھو بتجاھل ظاھر. واستمرارا لذلك، لم تستثمر الحكومة شیكلا في الحدث. الھیئة، كما نشر،
اضطرت لان تجمد خططا وبرامج للعقد القادم وان تقوم باعمال شقلبات استثنائیة كي تمول القرض
الذي حصلت علیھ من الدولة لإنتاج كلفھا 130 ملیون شیكل. مبعوثو نتنیاھو في الاعلام بالغوا في
العمل، وعلى مدى اسبوع بحثوا بالشمعات نقاط انتقاد سلبیة تساعدھم، على ما یبدو، في الحملة
لاغلاق الھیئة الامر الذي یوجد على جدول اعمال نتنیاھو.
لقوة اسرائیل السیاسیة وجوه عدیدة. فإلى جانب الدعم الدولي لحقھا في الوجود تستند بقدر لا یقل
الى قدرتھا على ان تقیم مجتمعا منفتحا، لامعا وتقدمیا. بكلمات اخرى، الانتصارات على البي دي
اس مھمة، ولكن لا تقل اھمیة عنھا الانتصارات الثقافیة التي تضع اسرائیل لیس فقط في ساحات
الحرب والمناوشات بل في ساحات حریة التعبیر والروح الحرة. فھذه تجلب في أجنحتھا غیر مرة
انتقادا شرعیا على سلوك اسرائیل تجاه الفلسطینیین، وتشكل تذكیرا دائما على الفجوة بین قواھا
اللیبرالیة وقواھا المحافظة المتشددة. الانتصارات التالیة لاسرائیل تكمن في الحفاظ على حقھا في
الوجود في ظل حربھا ضد اللاسامیة وبین الحفاظ على وجھھا المتنور، وفي الفھم بان الجانبین لا
یتناقضان بالضرورة الواحد مع الآخر.