عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    10-Feb-2020

المراهقون يغيرون عالم الأخبار - د. ياسر عبد العزيز
 
الشرق الاوسط- إذا كان ثلث سكان كوكبنا في أعمار لم تبلغ العشرين، وأكثر من نصفهم متصلون بـ«الإنترنت»، حيث يمضون نحو سبع ساعات يومياً في التنقل بين الشاشات، فنحن بصدد تحول إعلامي جوهري وخطير، أو هذا على الأقل ما خلصت إليه «الإيكونومست» في تقرير مثير، نشرته في نسختها المطبوعة، في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
عنوان التقرير، الذي سعى إلى استشراف حالة الإعلام في العالم، جاء على هذا النحو: «المراهقون يعيدون كتابة قواعد الأخبار»، وكالمعتاد، فقد استطاعت المجلة أن تثبت صحة هذا العنوان في المتن، مستخدمة عدداً من وسائل الإثبات والإقناع الوجيهة.
ويمكن تلخيص أهم ما وصل إليه التقرير بخصوص تغير المشهد الإعلامي، بفعل القوة المتزايدة للمراهقين، في أربعة محاور؛ أولها يتعلق بأن الشباب الأصغر سناً، الذين يمثلون كتلة رئيسة ضمن جمهور المحتوى الإعلامي الآن، والذين سيكونون معظم هذا الجمهور غداً، يذهبون إلى الشاشات، وخصوصاً مواقع التواصل الاجتماعي، باطراد، حتى إن 80 في المائة من الشباب العرب بين 18 إلى 24 سنة، يحصلون على الأخبار من مواقع التواصل الاجتماعي حالياً، مقارنة مع 25 في المائة فقط في 2015.
ووفقاً لبرنامج تقييم الطلاب الدولي (بيزا)، فإن نسبة الشباب الذين يقرؤون الصحف في العالم انخفضت من حوالي 60 في المائة إلى 20 في المائة، في وقت يتزايد لديهم الاعتقاد فيه بأن التكنولوجيا «تمنحهم القوة».
ويتعلق المحور الثاني بما يمكن أن نسميه «منظور التعرض»؛ إذ تشير المجلة إلى بحث أجراه معهد «رويترز» لدراسة الصحافة على المراهقين البريطانيين والأميركيين، وهو البحث الذي خلص إلى أن هؤلاء يتعرضون إلى الأخبار التي يمكن أن تعالج أوضاعهم كأفراد، أو تحقق لهم شيئا كأفراد، وليس ما يمكن أن يكون مهماً للمجتمع أو يعالج شؤونه.
حاولت «الإيكونومست» أن ترفد تقريرها بالحيوية اللازمة عبر تجسيد التحولات الإعلامية الكبرى في مصادر من المراهقين الذين تم التحدث إليهم حول العالم، ومن بين هؤلاء المراهقة الهندية «مافي»، التي تبلغ من العمر 15 عاماً، وتعيش في دلهي، وتشترك عائلتها في صحيفتين هنديتين كبيرتين، لكن «مافي» تؤكد أنها لا تقرأ الأخبار في الصحيفتين، وأنها فقط تقرأ كل ما يظهر أمامها من أخبار حين تفتح محرك البحث «كروم» Chrome من دون أن تشغل بالها بهوية المصدر.
يفسر سلوك «مافي» المحور الثالث الذي خلصت إليه المجلة؛ إذ يبدو أن الناشر لم يعد له ذات الدور المركزي في صناعة الإعلام كما حدث على مدى أكثر من قرنين من الزمان من جانب، كما يبدو أن فكرة «المصدر» كاستحقاق جوهري في الصناعة تضمحل تماماً من جانب آخر.
وفي دراسة بريطانية، اعتبر مكتب الاتصالات OFcom أن استهلاك الأخبار بهذه الطريقة يضيق إلى أقصى حد احتمالات الاهتمام بمراجعة المصادر.
أما المحور الرابع، فقد توصلت إليه المجلة نتيجة لما رصدته من ضعف كبير في قدرات المستطلعة آراؤهم من المراهقين على استرجاع أسماء العلامات التجارية الكبرى في عالم الإعلام؛ وهو أمر ينذر بمخاطر كبيرة تحيط بمؤسسات استثمرت المليارات وكافحت كثيراً لتحصد ثقة الجمهور، لكن هذا الأخير بات يتغير بسرعة، ولم يعد مكترثاً سوى بتصفح ما يلفت نظره، أو يلبي مصلحته الفردية، على أي شاشة.