عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Dec-2024

السؤال الغلط: ‏مع الأسد أم مع الجولاني؟*حسين الرواشدة

 الدستور

يا خسارة، ثمة من لا يزال يسأل: ‏مع من تقف؟ مع سوريا القديمة في ظل حكم عائلة الاسد المخلوع، ام مع سوريا الجديدة برعاية التنظيمات المسلحة، و قائدها أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع)؟‏
 الإجابات التي ترددت في مجالنا العام (في الأردن تحديدا ) خلال الأيام الماضية تبدو متضاربة، ومخجلة ايضاً، البعض ( تصوروا إلى أين وصل تفكيرهم) يعتقد أن سوريا الاسد كانت القلعة الاخيرة للممانعة والصمود، وان ما تعرضت له هو جزء من مخطط دولي يستهدف تقسيمها، وتحويلها إلى حديقة خلفية للقوى المتصارعة عليها، وفي مقدمتهم إسرائيل، وبالتالي فإنه بقاءه، او استعادتة(!) ( على الرغم من وحشيته) ضرورة قومية.
  الاخرون، وهم أغلبية، يعتقدون ان ما فعله هذا النظام بحق الشعب السوري أسوأ مما قد تفعله أي سلطة قادمة، مهما كان شكلها، وأن واقع سورية الحقيقي، ومواقفها -طيلة الحقبة الماضية- لا ينصرف باتجاه أي ممانعة أو مقاومة، وبالتالي فإنه خلاص السوريين من هذا النظام الدموي، بأي وسيلة، يستحق الاحتفاء، حتى لو تم بالتحالف مع الشيطان، وحتى لو كانت النهاية هي فدرلة سوريا، المقسمة أصلا.
 ‏مع الاحترام لكافة الآراء والمواقف، هذا السجال الذي يدور، وقد تكرر في دول عديدة سقطت فيها أنظمتها، يندرج -بتقديري- في إطار (السؤال الغلط )، ليس فقط لأن ما حدث أنتهى وأصبح من الماضي، وإنما لأننا للأسف افتقدنا الشرعيات الأخلاقية، والمعايير المحددة والواضحة التي يمكن أن نستند إليها في تصحيح اختيارات المواقف وإصدار الأحكام تجاه ما يحدث في بلداننا، وآخرها سوريا، نحن نتعامل مع نوازلنا بناء على مواقف أيدولوجية. وانفعالات وقتية، ونُغيّب اهم قيمة معتبرة وهي قيمة الإنسان وكرامته، هذة التي لا يمكن ادراجها في قائمة «الخسائر التكتيكية» او الفضائل النضالية، او غيرها من المقولات المغشوشة التي ضيعت الأوطان وأهدرت قيمة الإنسان.
 ‏من المفارقات، في بلدنا، أن الذين اجتمعوا على شعار المقاومة في غزة ولبنان، والحرب ضد الاحتلال، افترقوا على عتبة سوريا، بين مؤيد للأسد ومؤيد للجولاني، من المفارقات، أيضا، أن إطار الأمة الواحد الذي يفترض أن يكون معيارا للفرز بين مواقف الطرفين تكسر على أبواب سوريا، البعض يرى النظام القديم هو الممثل للقضايا العربية، فيما يرى الطرف الآخر عكس ذلك، من المفارقات، ثالثا، أن الشعب السوري الذي تعرض للقهر والظلم، على امتداد العقود الماضية، لا يملك القرار ولا الخيار، وأن من يقرر مصيرة أطراف أخرى، داخلية وخارجية، لا تراه إلا من ثقب أبواب مصالحها وصراعاتها على سوريا.
 ‏ما يحدث الآن في سوريا حدث في ليبيا، والعراق والسودان واليمن، وغيرها من اقطارنا العربية، كان ذلك عشية الربيع العربي، الدول التي كانت شعوبها تعاني من الظلم ولاستبداد تحولت إلى دويلات، الشعوب التي حلمت بالحرية والعدالة والديمقراطية غرقت، وما تزال، بالدم والخوف والإرهاب، من يلوم من؟ لا إجابات لدى الإنسان العربي ولا خيارات أمامه، يهرب من الدلف إلى المزراب، يبحث عن أوطان يحس بها لكنها لا تحس به، وبالطبع لا نهايات للصبر والمعاناة.
  ‏في بلدنا، لابد أن نستدعي كل هذا الخراب الذي يحيط بنا كالسوار، وكل هذه النيران التي تحاصرنا من كل اتجاه، لكي نرسخ في ذاكرتنا قيمة الأردن /الدولة، ونخرج من دوائر التلاوم والمكاسرات والمقارنات، ومن حالات التقمص التي أورثتنا الانفصام الوطني، ومن التسلق على عرائش الآخرين وأسوارهم، ألا يستحق بلدنا الشكر مهما كانت الظروف والأحوال، ألا يستحق الأردنيون ادارات ونخبا ومسؤولين من يليق بتعبهم وتضحياتهم، أليس من واجبنا اليوم أن نضع الأردن في صميم أولوياتنا، وأن نلتف حول عرشه وجيشه ومؤسساته، بدلا من أن نغرق في الأسئلة الغلط، والنقاشات التي لا تولد الا مزيدا من الانفعال والكراهية الانقسام؟