عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    10-Jan-2021

شريحة اللقاح المزروعة* رمزي الغزوي
الدستور
 
حينما اختُرع المذياع وجد مقاومة كبيرة في كل مكان. فالناس على مر العصور كانوا أعداء ما جهلوا ويرفضون كل جديد حتى إن كان مفيداً. فالبعض كان يصف المذياع بصندوق الجن ويخافه ويخشاه. ولهذا مر زمن ليس بالقصير قبل أن يدخل إلى البيوت ويغدو من أهم وسائل الإعلام وأجملها.
 
مع بشائر وصول لقاحات كورونا إلى بلدنا نتفاجأ أن الذي سجلوا على منصة الراغبين بأخذه لا يتجاوز عددهم 150 ألف مواطن. وهذا رقم مخجل ويؤشر إلى مدى استفحال وتمكن نظرية المؤمرة في تلافيف مجتمعنا وأثرها البليغ الأليم عليه.
 
فمع أن الكورونا خطف ما يقرب 4 آلاف إنساناً وأصاب مئات الآلاف وزعزع اقتصادنا، وسبب له انكماشا غير مسبوق، إلا أن البعض منا ما زالوا يقفون تحت مظلة أن كل هذا ليس إلا مؤامرة حيكت ضدنا وأن اللقاح بيت قصيدها، كي يزرعوا فينا من خلاله شريحة تراقبنا وتسيطر علينا.
 
كل الذين يقاومون اللقاح على درجات من العلم والمعرفة، ويستخدمون هواتف نقالة ذكية، صنعها من صنع اللقاح. لكنهم يغفون هذه الحقيقة الجلية. وهذا مؤسف. فكيف يتخلى هؤلاء الناس عن ثقافتهم وقدرتهم على التحليل والتفكير، ويسمحون أن تجللهم نظرية بهذا السخف والهشاشة. ناهيك أن في سجلهم الطبي أنهم أخذوا كل لقاحات الأمراض الخطيرة التي كانت تفتك بالناس.
 
في مطلع ثمانينيات القرن الماضي وجدت التغذية المدرسية في أريافنا مقاومة عنيدة من الطلبة. رغم أنها كانت قطعة لحم معلب. ولكن نظرية المؤامرة رأتها لحم خنزير، وقد ظهرت شواهد مضحكة على هذا السخف بضمنها أن أحدهم أقسم لي بأنه وجد ظفرا لخنزير بطول اصبع. 
 
وفي بداية هذه الألفية وجدت حبة الفيتامين التي كانت توزعها المدارس على طلبتها مقاومة مماثلة، بحجة أنها تعدم الخصوبة وتفتك بها، ولهذا وبتأثير من عقلية المؤامرة كان الطلبة يرفضون تناولها، إلا أن بعضهم جمعها لتضاف إلى ماء ري نباتات الزينة في الحواكير والشرفات، والنتيجة الطيبة أن هذه النباتات كانت تنمو بشراهة كبيرة.
 
يقول الذين يرفضون اللقاح أن الذين اخترعوه يريدون زرع شريحة في الواحد من تجعله تحت السيطرة الدائمة. وهنا أضحك بملء فمي. من منا خارج سيطرة هاتفه النقال، وما فيه من تكنولوجيا. وكيف تصدقون أن في هذا اللقاح السائل شريحة تزرع فيك؟. ثم من هم هؤلاء الذين يريدون مراقبتك ولماذا يريدون السيطرة عليك. هذا أنت خطر عليهم لا سمح الله. 
 
حينما اكتشف لقاح الجدري في بريطانيا مطلع القرن التاسع عشر رفض الفرنسيون أن يأخذوه بحجج واهية رغم أن الجدري قتل منهم الملايين، ولهذا عمد نابليون بونابرت إلى أن يقدم طفله الرضيع ليكون أول من يتلقى اللقاح ويحفز الناس. وسلامتكم.