عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Jan-2021

من خواطر مئوية الدولة*د. زيد حمزة

 الراي

والأردن يحتفل بالمئوية الأولى لتأسيس دولته فإن أبناءه من كل الاصول والمنابت يعتزون بما أنجزوه من تقدم في معظم مناحي الحياة بفضل طموحهم وتمسكهم بحقهم ‏في النقد من أجل التحسين والتصويب وفضح الانحراف والفساد ولأسباب أخرى من بينها الموقع الجيواستراتيجي للدولة الناشئة، ولعل أكثرهم ‏إدراكاً لهذه الحقيقة أولئك الذين عاشوا هذا التاريخ نفسه او معظمه فقد شهدوا بدايات متواضعة تكاد تكون صفراً في بعض المجالات وأصبحت اليوم تضاهي بعض الدول الغنية المتقدمة، ولعلي كواحد منهم‏ قادر الآن على أن أسخر ذاكرتي لاستحضار تلك السنوات الأولى فأتذكر بالأسى أمراض الطفولة التي كانت تحصد الأرواح او تخلّف العاهات قبل ‏ان توفر وزارة الصحة المطاعيم الكافية ثم ألتقط اليوم للمقارنة مشهد المواطنين يتقاطرون بالآلاف على مراكز التطعيم ضد الكورونا في طول البلاد وعرضها بجهد رائع ال?نظيم تقوم به وزارة الصحة والمؤسسات المساندة مقابل صورة سيئة لأميركا ‏ودول أخرى متقدمة لكنها مرتبكة لأنها لم تأخذ بمبادئ الرعاية الصحية الأولية قليلة الكلفة كما أخذت بها حكومة الأردن منذ زمن طويل وصمدت للمحافظة عليها في وجه محاولات قلب المعادلة الناجحة لأخرى فاشلة تعتمد ‏على الجانب العلاجي الكبير الكلفة..
 
في خضم هذا الازدهار الصحي الكبير نُفاجأ أحياناً بمحاولات إضعاف وزارة الصحة و تفتيتها بإنشاء مؤسسات بيروقراطية موازية لا ضرورة لها غير أنها تخرب على الوزارة و ‏تشتت جهودها، وآخر الأمثلة الصارخة ابتداع مركز مكافحة الأوبئة والأمراض السارية كهيئة مستقلة وكأن الوزارة لم تكن تقوم بذلك منذ اول يوم لإنشائها وحققت نجاحاً منقطع النظير بين دول المنطقة في استئصال الملاريا تحديداً،وللعلم فإن المركز الأمريكي CDC الذي جرى التشبه به هو جزء من وزارة الصحة هناك وليس مستقلاً عنها و لا نريد هنا ان ننكأ الجراح‏ بمثل قديم حين ج?ى اختراع المؤسسة الطبية العلاجية ونهايتها الكارثية قبل نيف وثلاثين عاماً ودعونا نعرج على مثل صغير ورد في $ قبل ايام (١٨/١/٢٠٢١) حول شكوى موزعي الغاز في شوارعنا وحاراتنا من فقد حاسة السمع بسبب الضجيج الموسيقي الصاخب الذي يتعرضون له ‏في سياراتهم طول النهار لترويج بضاعتهم، لكن التقرير الإخباري أغفل ان وزارة الصحة تنبهت للمشكلة منذ ثمانينات القرن الماضي ووضعت (نظام الوقاية من اضرار الضجيج) وما كادت تبدأ بتطبيقه بإجراءات تكنولوجية بسيطة ورقابة روتينية حتى نُقلت المهمة لوزارة البيئة التي أنشئت بعد ذلك وظلت المشكلة تائهةً حتى اليوم كما جاء في الصحيفة، ولا تعترف بها وبأهميتها وزارة العمل التي لا تعلم أنها تؤدي عند هؤ?اء العمال مع الوقت الى صمم لا دواء له بعد ضياع فرصة الوقاية الأكيدة منه.. ويسكت عليها ‏الاتحاد العام لنقابات العمال!
 
‏وبعد.. فإلى اللقاء مع خاطرة أخرى من خواطر مئوية الدولة ليست بالضرورة عن الصحة..