عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    29-Jul-2020

حديث في فضاء التواصل الاجتماعي العربي - سامر محمد العبادي

الراي - لم يحظ جيل عربي من قبل بهذا الترف من التواصل وتبادل المعلومات والصور وعناصر الميديا وتوثيق الأحداث والآراء، وبشكل مطلق، بما وفرته منصات التواصل الاجتماعي من فضاءٍ بات يستغرق الواقع.

فهذه الأدوات القادمة من العقل الغربي، المعبرة عن تفكيرها بأنّ تكون الحرية مطلقة دون حواجز أو قيود أو قوانين تحدّ منها، باتت بشكل أو آخر عبئاً علينا، إن لم تصاحبها القيم الأخلاقية للنشر والتي لم نهضمها بعد.
هذه الأدوات ولدت في بيئات لطالما آمنت بالقيم المدنية والأخلاقية، ومقدرتها على ضبط الإيقاع، وحين تخرج عن المعايير التي تتواءم معها بأدوات ضغط تتشكل من الشارع.
عِلّة هذه الأدوات في مجتمعاتنا العربية، أنها جاءت في لحظة تحولٍ ويأسٍ، علاوة على أنّ هذه المجتمعات ذاتها كانت تودع بيئاتها الريفية القروية نحو المدنية، وكانت على مشارف المرحلة الموسومة بـ «المادية والنزعة الاستهلاكية».
مجتمعاتنا العربية ما زالت تعاني من عدم مقدرتها على استيعاب حجم الاستهلاك الذي تبثه الميديا وتصنع «يوتوبيا» أو مخيال أسهم في تنميطها وإدمانها للصورة والشكل.
من المعقول (جداً) أن تنتج الحضارة الغربية هذه الأدوات إثر رواسب مخيالها الجمعي
القائم على الأيقونات وفائض المخيال الذي راكمته عبر عقودٍ من إنتاج أفلام خيال وصلت في حدها إلى محاربة عدوٍ قادمٍ من السماء.
أما نحن المفتونين بالأدب، وتشكل خيالنا من روافد الشعر وصحونا على القصص والمرويات، المثقلون أيضاً، بعبء الواقع العربي، فقد وجدنا أنفسنا دون مقدمات أمام أدواتٍ لم ننتجها، فما لبثنا أنّ استغرقتنا ناقلين همومنا كافة وكل بغضٍ نحملّه إلى هذه المنصات.
هذا الشحن المتراكم عبر سنوات قليلة مؤخراً أسهم في تشوهات عميقة في الشخصية العربية وملامحها، وأفرز آثاراً طالت كل أنماط معيشتنا وصوغ تعابيرنا.
ولا شك أنّ هناك محاولات ما زالت تحبو لتهذيب أو استدخال المنظومة القيمية إليه، ومن المؤكد أنّ طبيعة هذه الأدوات والمنصات لا تسمح بضبطها، لذّا فالقيم هي الثقافة المضادة الوحيدة التي نصبو إليها، حتى لا يزداد منسوب الكراهية عبر ما نبثه.
فمن المفارقات أنّ المحتوى العربي المتولد عبر فضاء شبكة الإنترنت لا يتجاوز الـ 1 بالمئة من محتواها الكلي، وما تبقى من بيئات تواصل اجتماعي عربية تعج بالأغلب بشكوى من الواقع أو استجلاب القوالب الأدبية الجاهزة دون إبداع، أو تكريسها لفضاءات باتت اليوم تثقل كواهلنا بآراء مشحونة.