عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Feb-2020

خطة السلام لا تتضمن تهدئة - عاموس هرئيل

 

هآرتس
 
الايام الاخيرة كانت مليئة بالنشاطات العسكرية في عدة ساحات: في القدس حدثت عملية دهس اصيب فيها 12 جنديا من غولاني؛ اطلاق نار في البلدة القديمة أدى الى اصابة شرطي وقتل مطلق النار؛ في جنين قتل فلسطينيان اثناء تبادل لإطلاق النار؛ غرب رام الله اصيب جندي اصابة طفيفة؛ في قطاع غزة هاجم سلاح الجو انفاق لحماس بعد ليلة اخرى اطلقت فيها الصواريخ على بلدات غلاف غزة؛ في دمشق ابلغوا عن قصف اسرائيلي وجه كما يبدو لإرسالية سلاح ايرانية. الهجوم الذي نسب لاسرائيل في سورية يبدو خطوة اخرى في الصراع المتواصل ضد تهريب السلاح وضد التواجد العسكري الايراني في المنطقة الشمالية.
مع ذلك، في الساحة الفلسطينية يوجد خيط يربط بين كل الاحداث الاخيرة: مبادرة السلام الاميركية التي تم الرد عليها بخط اكثر تصلبا من التنظيمات المتنافسة، وبصورة غير مباشرة تقلل احتمالية التوصل الى تهدئة بعيدة المدى في القطاع.
في عملية الدهس في القدس في ليلة أول من أمس نجح السائق بشكل نادر في الهرب من ساحة الحدث وتم اعتقاله أول من أمس فقط. الجنود الذين اصيبوا كانوا اغرار من مجندي دورة تشرين الثاني (توفمبر) 2019 وشاركوا في دورية تعرف على التراث في منشأة المحطة التي تقع في غرب المدينة، وكانوا في طريقهم الى احتفال أداء اليمين للجيش في حائط المبكى. في حادثة مشابهة في العام 1986 حدثت قرب حائط المبكى قتل والد جندي عندما ألقيت قنبلة على القادمين لأداء اليمين من لواء جفعاتي. والآن سيكون على الجيش فحص لماذا لم يتمكن أحد قادة هؤلاء الجنود الاغرار المدربين اكثر من اطلاق النار على السائق.
في جنين ايضا سيكون هناك ما يمكن فحصه، وعلى مستويات اعلى: خلال الاسبوع الماضي ظهر تسخين تدريجي في ارجاء الضفة في اعقاب عرض صفقة ترامب وتصريحات اسرائيل عن نية الضم. فقط أول أمس القيت زجاجات حارقة كثيرة على قوات الجيش الاسرائيلي التي عملت في بير زيت قرب رام الله وفي الخليل قتل شاب إبن 17 سنة. وحسب اقوال الجنود هذا الشاب قام بإلقاء زجاجة حارقة. ومع ذلك، كان ملحا على الجيش أن يهدم فجر أول من أمس بيت لمقاوم عضو في خلية قتلت الحاخام رزئيل شيفح. عملية هدم البيت (الذي هدم في السابق) لم تتوقف رغم أنه في الوقت الذي تحركت فيه القوات نحو المدينة ظهر في صور الطائرة بدون طيار مئات الفلسطينيين وهم يستعدون للمواجهة قرب البيت. البيت هدم، لكن في المكان تطورت احداث اطلاق نار. في احد هذه الاحداث قال المتحدث بلسان الجيش بأنهم اصابوا قناصة في خلية اطلقت النار على قواتنا. في هذه الاحداث قتل فلسطينيان وشرطيان. هذه نتيجة نادرة وبالتأكيد ستزيد من قتامة الجو مع الاجهزة الامنية الفلسطينية.
من الصعب تجاهل الخلفية السياسية للتمسك بتنفيذ عملية الهدم. وبالتحديد في الوقت الذي ترتفع فيه الحرارة في الضفة بصورة ثابتة في الاسبوع الماضي. وزير الدفاع نفتالي بينيت اعلن في الشهر الماضي عن تشديد سياسة هدم البيوت التي تتضمن ايضا بيوت المساعدين لخلايا المقاومة منظمات يمينية ومستوطنون يستخدمون بصورة دائمة الضغط على المستوى السياسي والجيش من اجل تسريع وتيرة هدم البيوت. التواصل الحالي يمكن أن يدل على بداية موجة عمليات تقليد بعد نجاح اصابة جنود غولاني.
فرصة حماس
مبادرة ترامب والاحداث في الضفة الغربية تؤثر ايضا على ما يحدث في القطاع. منذ بضعة اسابيع وجهود التسوية في القطاع تراوح في مكانها. بعد جولة القتال الاخيرة في تشرين الثاني (توفمبر) التي بدأت عند اغتيال قائد الجهاد الاسلامي بهاء أبو العطا، قدرت الاستخبارات الاسرائيلية بأنه توجد فرصة حقيقية من اجل التوصل الى تهدئة بعيدة المدى. حماس اختارت في حينه عدم المشاركة في المواجهات بين اسرائيل والجهاد الاسلامي في اعقاب عملية الاغتيال. وبعد ذلك اعلنت عن وقف مظاهرات ايام الجمعة على حدود القطاع، على الاقل حتى نهاية شهر آذار (مارس) القادم. في الاستخبارات اعتبروا ذلك خيار استراتيجي لحماس لتحسين ظروف الحياة في القطاع، حتى على حساب التخلي بشكل مؤقت عن راية النضال ضد اسرائيل (المقاومة).
في هذه الاثناء حدثت ثلاثة أمور. الاول، التسهيلات الاقتصادية التي تقدمها اسرائيل للقطاع لم تتقدم بالوتيرة التي توقعتها حماس، مصر غضبت على قيادة حماس بسبب تصميم اسماعيل هنية على زيارة ايران وترامب قام بالتهام الاوراق عندما طرح مبادرة السلام التي رافقتها تصريحات (لا اساس لها حاليا) حول نية اسرائيل ضم غور الاردن والمستوطنات في الضفة الغربية. الربط بين هذه التطورات هو الذي يقف كما يبدو من وراء التغيير البارز في سلوك حماس.
قبل بضعة اسابيع بدأ الذراع العسكرية في حماس باطلاق البالونات المتفجرة نحو اسرائيل. وبالتدريج فهم الجهاد الاسلامي بأن قواعد اللعب قد تغيرت، فزاد إطلاق القذائف والصواريخ. جزء من الاطلاق نسب لاصدقاء أبو العطا، الذين شعروا بأنهم لم ينتقموا لموته بشكل كاف. في حالات اخرى، من اطلقوا الصواريخ كانوا نشطاء في تنظيمات اصغر، تسميها اسرائيل بـ “المارقة”. وخلافا لفترات متوترة سابقة في السنة الماضية، الجيش الاسرائيلي لا يتطوع لتقديم تفسيرات متسامحة على افعال حماس. هذا يبدو سياسة تم املاؤها من الاعلى، من رئيس المنظمة في القطاع يحيى السنوار.
حماس خائبة الأمل لأنه حسب رأيها قامت بالتضحية بورقتها الاساسية وهي المظاهرات، التي استخدامها المستمر لها اجبر اسرائيل على الموافقة على التسهيلات – لكن المقابل لم يكن كافيا. من هنا، قرار السنوار اطلاق العنان لاستئناف اعمال العنف ما يزال في حجم محدود. في هذه الاثناء ازدادت الازمة الداخلية في القطاع بسبب الخلافات مع مصر ايضا. القاهرة قامت بعقد دورة تعليمية لاسماعيل هنية، الذي لم يرجع حتى الآن الى القطاع وهو يفحص البقاء في دول الخليج لبضعة اشهر. وهي ايضا تصعب على ادخال الغاز السائل، مصدر التدفئة الاساسي في الشتاء في غزة. ويضاف الى ذلك صفقة القرن. الخط المتشدد الذي تبناه رئيس السلطة محمود عباس أثر ايضا على منافسيه في الداخل. واذا قادت السلطة مرة اخرى النضال فان حماس لا يمكنها البقاء مكتوفة الايدي وذلك لسببين. الاول هو أنها لا تريد أن تظهر للجمهور الفلسطيني مثل المتصالحة مع اسرائيل مقابل التسهيلات، في الوقت الذي يتمسك فيه محمود عباس بالرفض. والثاني هو أنه نشأت هنا فرصة لحماس. عباس تحدث هاتفيا بصورة استثنائية مع هنية وهو مستعد للتحدث عن تنسيق النضال المشترك الذي يمكن في المستقبل أن يؤدي ايضا الى محادثات حول اجراء الانتخابات. هذه فرصة لحماس من اجل العودة الى الضفة الغربية من البوابة الخلفية. وفي نفس الوقت اغلاق الدائرة نهائيا على قناة المفاوضات السياسية مع اسرائيل، وهي القناة التي قادها ياسر عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية منذ اتفاقات اوسلو في العام 1993 والتي عارضتها حماس بشدة دائما.
يحافظون على الصمت
الخطوات التي تتبعها اسرائيل ردا على اطلاق الصواريخ والبالونات ما تزال محدودة في حجمها. ومن الافضل عدم الانفعال اكثر من اللازم من الهجمات العقابية للجيش الاسرائيلي، والتي تقسم الى نوعين من الاهداف: الضرر الفوري بعد الاحداث، على الاغلب بواسطة الدبابات، لمواقع حماس القريبة من الجدار، ومهاجمة انتقائية لاهداف بنى تحتية (انفاق ومخازن سلاح وما اشبه) التي اصابتها لا يتوقع أن تؤدي الى تدهور حقيقي. في نفس الوقت فرضت عقوبات اقتصادية محدودة: وقف ادخال الاسمنت الى القطاع والغاء تصاريح الدخول الى اسرائيل لـ 500 شخص من رجال الاعمال والعمال، والخطوة المؤلمة أكثر هي التقليص الجزئي لمنطقة الصيد على شواطيء القطاع، من 15 الى 10 أميال.
عتبارات الحكومة واضحة. لقد بقيت ثلاثة اسابيع ونصف على موعد الانتخابات، وفي هذه الاثناء طالما أنه لا يوجد مصابين كثيرين في الطرف الاسرائيلي فإن عملية عسكرية في القطاع يكتنفها خطر اكبر من الفائدة المتوقعة منها. بلغة الاقتصاد، التفضيل الظاهر لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو معروف منذ سنوات. فهو حذر جدا في كل ما يتعلق بالقطاع. وهو لا يسارع الى التورط في حرب لا يوجد لها هدف واضح بالنسبة له، بل يوجد لها فقط ثمن كبير معروف مسبقا.
المشكلة هي أن كل ذلك على الاغلب لا يتم قوله بشكل علني أمام الجمهور، واقل من ذلك، لسكان بلدات غلاف غزة المكشوفين للتنكيل النفسي المتواصل، وعلى الاغلب يوجد تهديد على حياتهم. نتنياهو يقلل من تصريحاته مؤخرا عن الوضع في غزة. ووزير الدفاع نفتالي بينيت الذي وعد بتغيير السياسة تجاه القطاع عند تسلمه لمنصبه، كان منشغلا هذا الاسبوع في زيارة عمل اولى، بالتأكيد مهمة بحد ذاتها، في البنتاغون.
صمت الحكومة اعتبر تجاهل واضح لمشكلات المواطنين. رئيس الحكومة استغل في بداية الاسبوع حساباته في الشبكات الاجتماعية لارسال التهنئة للفائزة في مسابقة “النجم القادم للاورفزيون”، والتشاجر مع اعضاء ازرق ابيض، واحياء الذكرى الـ 23 على موت الـ 73 جندي اسرائيلي في تحطم المروحيات، ونشر توجيهاته للمحققين في المعهد البيولوجي للمساعدة على ايجاد مطعوم لفيروس الكورونا. وبشكل علني كرس وقته للانشغال بغزة مساء يوم الاربعاء الماضي، في لقاء مع رؤساء المجالس المحلية في الجنوب. وحسب التقارير، تم استدعاء الممثلين المتماهين مع الليكود وليس رؤساء المجالس الاقليمية في غلاف غزة، التي معظم مصوتيها يميلون بشكل تقليدي الى الوسط واليسار.
سياسة نتنياهو في القطاع بقيت على حالها: احتواء تقريبا بكل ثمن، يغطي على هذه السياسة بتصريحات قتالية، وصمت مدوي أو خطوات معظمها تمت تجربته في السابق. هذا لم يزعج في هذا الاسبوع لينون ميغال، من أتباع رئيس الحكومة البارزين في الاعلام، من مهاجمة المربيات في روضات الاطفال اللواتي لم يظهرن حسب رأيه الصمود الوطني الكافي لأنه في الفيلم الذي نشر في الشبكات الاجتماعية ظهرن وهن يصرخن على الاطفال في الروضات كي يغادروا الساحة بسرعة بسبب باقة بالونات ظهرت في السماء.