عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    10-May-2021

تطبيقات الذكاء الصناعي تتمدد في الإعلام الهندي

 الشرق الاوسط-نيودلهي: براكريتي غوبتا

يوماً بعد آخر، تتحول الهند إلى مركز للذكاء الصناعي. ويسمح الذكاء الصناعي للآلات بمحاكاة الذكاء البشري وقدرة الإنسان على التعلم، الأمر الذي يمكنها من الاضطلاع بمهام إدراكية معقدة. واحتلت الهند المرتبة الثالثة، بعد الولايات المتحدة الأميركية والصين على صعيد تطبيقات الذكاء الصناعي.
وتبعاً لدراسة عالمية أجرتها مؤسسة «برايس ووترهاوس كوبرز»، جاءت أعلى زيادة في معدلات استخدام الذكاء الصناعي خلال فترة جائحة فيروس «كوفيد - 19» داخل الهند. وسجلت الهند ارتفاعاً بنسبة 45% في استخدام الذكاء الصناعي، المعدل الأعلى بين دول العالم، بينما سجلت الولايات المتحدة زيادة بنسبة 35%، وفي بريطانيا 23% وفي اليابان 28%، وذلك في أعقاب تفشي الجائحة.
إلى جانب ذلك، فإن مستقبل الذكاء الصناعي في الهند ربما يتخذ مساراً مغايراً تماماً لما هو عليه الحال في بعض الدول المتقدمة. على سبيل المثال، يكشف البحث الصادر عن «برايس ووترهاوس كوبرز» أن غالبية استخدامات الذكاء الصناعي في الهند تركزت في مهام المكاتب الأمامية فيما يتعلق بالسعي لاكتساب إدراك أعمق للطلب وتحسين مستوى التفاعل ورضا العملاء.
بوصف الهند أسرع اقتصاديات العالم نمواً وثاني أكبر دول العالم من حيث عدد السكان، فإن لديها مصالح كبرى في ثورة الذكاء الصناعي. ولقد أشار رئيس شؤون الحكومة الإلكترونية الوطنية أبيشيك سنغ، إلى أن «الهند تحظى بأعلى معدل اختراق مهارات على مستوى العالم. ونحن بحاجة لتعزيز التعاون بين الحكومة والشركات في مجال الذكاء الصناعي. وقد جاءت الهند في المرتبة الثانية في ترتيب (مؤشر ستانفورد لحيوية الذكاء الصناعي) نظراً للقوة العاملة الضخمة لديها المتدربة بمجال الذكاء الصناعي. وتملك المعاهد التكنولوجية الرائدة لدينا مثل المعاهد الهندية للتكنولوجيا، وتُعرف اختصاراً باسم (آي آي تي)، والمعاهد الهندية لتكنولوجيا المعلومات (آي آي آي تي)، والمعاهد الوطنية للتكنولوجيا (إن آي تي)، إمكانات تؤهلها لأن تصبح معقل الباحثين والمؤسسات الناشئة بمجال تكنولوجيا المعلومات».
 
 
الإعلام والترفيه
أما في مجالي الإعلام والترفيه، فإنه شيئاً فشيئاً تتحول الهند من الاعتماد على الإنسان باتجاه الاعتماد على الآلة. وإلى جانب «أتمتة» العمليات اليومية أو التي تجري من دقيقة لأخرى، يعاون الذكاء الصناعي الشركات الهندية في اتخاذ قرارات استراتيجية. على سبيل المثال، تعتمد مؤسسات إعلامية وإذاعية رائدة على التعلم الآلي وتوليد اللغة الطبيعية لخلق تقارير أداء للقنوات من بيانات تحليلية خام الصادرة عن المجلس الهندي لأبحاث الجمهور.
وعادةً ما تَصدر بيانات أسبوعية عن المجلس الهندي لأبحاث الجمهوري في صورة جداول «إكسل» ضخمة. وكانت مسألة تحليل هذه الجداول بصورة أسبوعية لاستخلاص نتائج مفيدة منها، مهمة بالغة الضخامة أمام الفريق البشري المعنيّ بالتحليل.
ومن خلال الاعتماد على أدوات تحليل بيانات تعتمد على الذكاء الصناعي وأدوات كتابة تقارير تعتمد على تكنولوجيا توليد اللغة الطبيعية، أصبح باستطاعة قادة المؤسسات وضع تقارير أداء بلغة سهلة الفهم في وقت قصير، تحوي معلومات مفيدة ودقيقة يمكن الاعتماد عليها في اتخاذ قرارات.
من جهته، قال نيراف باركه، مؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «في فريز» الناشئة في مجال الذكاء الصناعي، إن شركته تخوض مباحثات مع اثنتين من كبريات القنوات الإعلامية لنشر تكنولوجيا الذكاء الصناعي بهما. وأضاف: «رغم أن مجال الذكاء الصناعي لا ينمو داخل الهند بالسرعة التي تشهدها دول أخرى، فإن ثمة اهتماماً كبيراً تُبديه شركات الإعلام بهذا المجال، وتخطط هذه الشركات لإنجاز بيانات التحليل المالي من خلال روبوتات». واستطرد موضحاً: «بوجه عام، لا يميل الناس داخل الهند إلى الأتمتة كثيراً. في الوقت الحالي، يزداد أعداد القراء للمطبوعات في الهند في الوقت الذي تفقد وسائل الإعلام المطبوعة في الغرب جزءاً كبيراً من قرائها سنوياً. وفي اللحظة التي يتسطح فيها المؤشر أو يبدأ في الانخفاض، سينطلق حينها السعي الحثيث وراء الأتمتة».
مع ذلك، تجري تجارب في هذا الشأن. وفي هذا الصدد، قال ساتيان جاجواني، نائب رئيس إصدار «تايمز إنترنت»، شارحاً: «بدأنا في اختبار روبوتات بخصوص عدد من القصص الإخبارية المتمركزة حول بيانات، وسنُجري الفترة المقبلة بضعة اختبارات سعياً للحصول على معلومات استرجاعية».
لكن التساؤل الأكبر هنا هو: هل سيحل الذكاء الصناعي محل الصحافيين ويؤدي لموجة ضخمة من إجراءات تسريح العمالة؟
في هذا الصدد، يرى مانيش تشيبار، الصحافي البارز أن «هذا أمر في حكم المستحيل، بل سيعين الذكاء الصناعي الصحافيين على إنتاج محتوى يحمل طابعاً سلعياً أقل، ما يشكّل حاجة ماسّة أمام معظم المطبوعات اليوم. وسيحصل الصحافيون الجيدون دوماً على وظائف، ولا يمكن لأحد أن يحل محلهم في عالم الغد حين ستزداد الحاجة إليهم أكثر من أي وقت مضى». وأضاف تشيبار أن الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة التي تشكّل تحديات قوية «ستُجابَه بالاعتماد على الذكاء الصناعي... ولذا أعتقد أن الذكاء الصناعي سيوجد جنباً إلى جنب مع العنصر البشري داخل غرفة الأخبار كمساعد لفريق التحرير».
من ناحيته، قال فاسوفيدا فارما، الخبير في مجال تكنولوجيا المعلومات من «المعهد الهندي لتكنولوجيا المعلومات» في مدينة حيدر آباد: «من الممكن أتمتة صحافيي العلوم مستقبلاً. في مجال الصحافة، يتسم المحتوى بأهمية محورية، وليس الشخص الذي يكتب». في حين يقول كريشنا بهارات، مؤسس «غوغل نيوز»، إن أحد السبل التي تَستخدم من خلالها «غوغل نيوز» الذكاء الصناعي «يتمثل في نقل الأخبار الواردة من مختلف أرجاء العالم إلى مكان واحد يمكن للقراء من خلاله الاطلاع على وجهات نظر مختلفة، الأمر الذي يشجّعهم على القراءة بتوسع أكبر».
من ناحية أخرى، من المنتظر أن يشهد عام 2021 تنامياً في الإعلان الرقمي، خصوصاً الذكاء الصناعي والتعلم الآلي، بما يمكّن العاملين في مجال التسويق من إمداد جمهورهم بالمحتوى المحدد الذي يرغبونه، حسبما شرح أملان باتي، مدير الشؤون الرقمية لدى مؤسسة «ريلم إنديا». وتابه باتي: «بالنظر إلى أن كثيرين من عملائنا المستهدفين يستخدمون قنوات عبر الإنترنت، فإن توزيع مخصصات موازنتنا يميل دوماً بشدة نحو الاتجاه الرقمي، وبعد ذلك تأتي الوسائط الأخرى مثل التلفزيون ودور السينما والمطبوعات والراديو وسبل الإعلان الأخرى. ونتوقع من جانبنا أن يقترب الوضع من مستواه الطبيعي خلال الربع الثاني من عام 2021، بحيث تجدنا نعود إلى النمط المعتاد لدينا لتوزيع مخصصات الموازنة».
علاوة على ذلك، تخطط المؤسسة لتنفيذ مزيد من النشاطات التفاعلية وستعزّز وجودها خارج الإنترنت من خلال نشر متاجر لها عبر مختلف أرجاء الهند.
وعلى صعيد متصل، من الملاحَظ أن استخدام الذكاء الصناعي في إطار جهود رصد «كوفيد - 19» وتطوير اللقاحات وتقنيات التعرف على الوجوه مع ارتداء أقنعة حماية الوجه، نالت دَفعة كبرى في أثناء الجائحة. كذلك تعاونت الهند مع دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي وأستراليا لإطلاق «الشراكة العالمية حول الذكاء الصناعي». ويرمي هذا التحالف إلى تنمية الاستخدام المسؤول للذكاء الصناعي بحيث يأخذ في الاعتبار حقوق الإنسان ودمج جميع فئات المجتمع والتنوع والابتكار والنمو الاقتصادي.
علاوة على ذلك، فإن شركات مثل «غوغل» و«مايكروسوفت» و«أمازون» تحاول تلبية احتياجات الحكومة المتعلقة بالحوسبة السحابية والتعلم الآلي. وتتسابق الشركات الكبرى للفوز بتعاقدات كبرى وتعزيز استثماراتها في مجال الابتكار التكنولوجي وتأسيس شركات جديدة ناشئة في مجال الذكاء الصناعي والبيانات، بينما تتحرك الحكومة الهندية بقوة نحو التحوّل الرقمي وتقرّ يوماً بعد آخر مزيداً من مبادرات الذكاء الصناعي.
مع ذلك، تجابه الهند بعض التحديات الكبرى في طريق إقرار الذكاء الصناعي. مثلاً، إذا تحدثنا عن الأبحاث في مجال الذكاء الصناعي والتعلم الآلي داخل الهند سنجده لا يزال في طور الطفولة. وعن هذا، قال ساتيش كومار الرئيس التنفيذي لشركة «إيفرست آي إم إس تكنولوجيز»، والتي يوجد مقرها في مدينة بنغالور (جنوب الهند)، إن «الهاردوير» بحاجة إلى تحديث كبير، مشيراً إلى أن غالبية الكومبيوترات الهائلة التي تساعد في دعم الذكاء الصناعي توجد في الغرب والصين. وشدد على أهمية أن تؤسس الهند بنية تحتية نشطة في مجال تكنولوجيا المعلومات.