عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    11-Jan-2021

نتائج الإرهاب الأميركي الداخلي سياسياً واجتماعياً*أمين المشاقبة

 الراي

لم يجرِ عبر تاريخ الولايات المتحدة ما جرى في عهد دونالد ترمب، وخصوصاً عملية الاقتحام الشعبي لمبنى الكابيتال (مبنى الكونجرس) باستثناءات بسيطة إبان الحرب في فيتنام، إن عملية اقتحام مبنى الكونجرس والدخول إلى أروقة المجلس الذي هو مجلس الشعب والعبث بالممتلكات العامة من قبل أنصار الرئيس الخاسر، وهم يمثلون العديد من المنظمات اليمينية المتطرفة من بُعدين: ديني وعرقي، فالمحافظون الجدد الذين يؤمنون بالربط الديني بين اليهودية والمسيحية وتشكل هذه ما يزيد على 70 مليون مواطن فيهم فئات متطرفة دينياً بشكل غائر في التطرف، والبُعد الآخر هي المنظمات التي تؤمن بسمو العرق الأبيض ورقيّه أو علوّه عن بقية الأعراق، وباعتقادنا أن ذلك كان مخططاً مرسوماً يوم المصادقة على نتائج الانتخابات لجميع الولايات، فبعد ساعة واحدة من بدء الجلسة اقتحمت الحشود المنظمة المبنى وخلقت حالة من الفوضى داخل وخارج المبنى.
 
إنه إرهاب داخلي خطّط له الرئيس الخاسر ترمب قائم على مبدأ دفع المجلس إلى رفض التصديق على النتائج، بالإضافة إلى خلق حالة من الفوضى تقود إلى تخريب العملية الديمقراطية. إن هذه الفوضى التي تمت من قبل أنصار الرئيس الخاسر منظمة ومدعومة من الرئيس نفسه، وكان يشاهد عبر التلفاز محتفلاً هو وأفراد العائلة بالمعركة للإطاحة بالديمقراطية ونتائج الانتخابات التي لم يعترف بها بعد.
 
إن هذا السلوك السياسي للرئيس ترمب يبعث على القول أنه غير متزن وهناك خلل في قواه العقلية للمزاجية في تصرفاته وعدم استماعه للآخرين وأنه لا يضع مصلحة الولايات المتحدة في المقدمة، المهم مصلحته الشخصية وبقاؤه في السلطة رغم خسارته الواضحة والجلية، فالأبعاد الشخصية والنفسية للرئيس تدفع البلاد إلى الانقسام الحزبي والمجتمعي وتهدد الأمن المجتمعي برمته.
 
إن أقواله في مواقع مختلفة تعزز الانقسام والوحدة الوطنية للبلاد، وتدفع نحو حالة من الانقسام المجتمعي، فالحادثة الأخيرة أدت إلى مطالبات بتطبيق التعديل الدستوري رقم 25 الذي يقضي بسحب السلطة من قبل الحكومة أولاً، وتصديق الكونجرس على ذلك، وهذا أمر يجب أن يبدأ من قبل نائب الرئيس، ويستعد الحزب الديمقراطي لتقديم اتهام يبدأ من مجلس النواب ويمر بمراحله الدستورية استناداً إلى التحريض وإساءة استخدام السلطة، والخوف من تصرف أرعن ينعكس سلباً على البلاد، وهذا سيأخذ وقتاً، وإن الوقت قصير جداً للإجراءات المتعلقة بهذا الأمر، وأمام هذا الواقع، فإن الاحتمالات هي:
 
أولاً- تقديم نائب الرئيس مايكل بنس طلباً بسحب السلطة بموافقة أعضاء الحكومة ثم التصديق عليه من الكونجرس، وهذا لن يحدث خوفاً من تفاقم الأوضاع في جناج المؤيدين للرئيس الخاسر.
 
ثانياً- تقديم الاتهام من قبل مجلس النواب بإساءة استخدام السلطة، وهذا تحصيل حاصل في بداية الأسبوع وخصوصاً يوم الاثنين، والمشرعون قد أعدّوا المسودة الأولى للمناقشة، لكن ضيق الوقت، اثنا عشر يوما لا تكفِ لإنهاء الاتهام، إلا إذا تعاون أعضاء الحزب الجمهوري وإعطاء الموضوع صفة الاستعجال.
 
ثالثاً- استقالة الرئيس نفسه من المنصب، وهذا مستبعد.
 
رابعاً- ضبط سلوك الرئيس ومنعه من التصرف سياسياً واستراتيجياً من قبل المؤسسات العميقة (البنتاجون، الجيش، المخابرات، السلطة التشريعية وبالذات مجلس الشيوخ) إلى أن تنتهي مدته الدستورية يوم 20 من الشهر الجاري، وهذا هو الاحتمال الأقوى.
 
ونتيجة لكل ما جرى، فإن مرحلة جديدة ستبدأ على الصعيد السياسي والاجتماعي وتحمل في طياتها متغيرات كبيرة على الصعيدين يمكن اختصارها بالآتي:
 
أولاً- انقسام مجتمعي حاد داخل البلاد وفي العديد من الولايات وخصوصا المحافظة.
 
ثانياً- انقسام حزبي خصوصاً في الحزب الجمهوري بين الجناحين المحافظ والمتطرف، وباعتقادنا أن ترمب سيقود هذا الشرخ ويسعى لتأسيس حزب يميني متطرف يعتمد على المنظمات والقوى الدينية المتشددة والعرقية الحاقدة.
 
ثالثاً- دور سياسي قوي للملونين السود، والهسبانك وغيرهم من الأقليات، حيث إن الزيادة السكانية والتغير الديمغرافي حاصل وسيحصد نتائجه في المستقبل، وبالنظر إلى ما جرى في ولاية جورجيا أول مرة في التاريخ الأميركي ينجح في مجلس الشيوخ ممثل من أصول إفريقية.
 
رابعاً- تراجُع دور الحزب الجهوري سياسياً على جميع الصعد وفي الولايات كافة.
 
خامساً- إن احداث الكونغرس قد هزت صورة الديمقراطية في الولايات المتحدة خارجياً، لكن عمق الديمقراطية وقوة المؤسسة العميقة للسلطة التشريعية قد أحبطت محاولة تقويض الديمقراطية المتجذرة، وهناك متغيرات أخرى لا مجال للتعامل معها، ولكن عش رجباً ترى عجباً.