عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    03-Oct-2022

العنف الأسري وراء ربع جرائم القتل في 2021.. من يقرع الجرس؟

 الغد-غادة الشيخ – فيما يقرع التقرير الإحصائي الأخير لمديرية الأمن العام الذي كشف عن أن 25 % من جرائم القتل التي حدثت العام الماضي هي جرائم “عنف أسري”، جرس الإنذار حول مدى فعالية منظومة الحماية الاجتماعية للأسر التي يتعرض أفراد فيها للعنف، يطرح سؤال عن جدوى برامج متابعة العنف الأسري التي تنفذها جهات مختصة.

وكان التقرير الإحصائي لمديرية الأمن العام كشف عن أن 103 جرائم قتل حدثت العام الماضي، و25 % منها جرائم عنف أسري راح ضحيتها 29 امرأة و14 طفلاً، كما كشف أن 202 شخص أحيل للقضاء بتهمة ارتكاب تلك الجرائم.
وفي هذا الصدد، ينفي الأمين العام للمجلس الوطني لشؤون الأسرة محمد المقدادي لـ”الغد”، وجود تصنيفات لدى المجلس حول فئوية ضحايا جرائم القتل من حيث العمر أو الجنس أو التصنيف الديموغرافي التي تصل للمجلس، لكنه نوه بأنه في حال حدوث جريمة عنف أسري تؤدي إلى القتل، وتكون مسجلة سابقا لدى المجلس بأنها عنف أسري مقتصر على الإيذاء فقط، فيتم تشكيل فرق تقص لمعرفة أسباب تحولها إلى جرائم قتل.
وأوضح أن المجلس يستقبل حالات العنف الأسري ويحولها إلى الجهات المختصة لمتابعتها، وفي حال تطور ذلك العنف من أشكال متعددة للإيذاء إلى حدوث جريمة قتل يشكل المجلس آلية تقص وتحقيق حول السبب، ويتابع ذلك مع الجهات المختصة للبحث حول مدى جدوى الإجراءات والبرامج التي تقدم في حالات العنف الأسري.
وينص قانون الحماية من العنف الأسري، في المادة السادسة منه: “تلتزم إدارة حماية الأسرة بالاستجابة لكل شكوى، أو إخبار، أو طلب مساعدة، أو حماية، تتعلق بالعنف الأسري، بالسرعة القصوى، وعلى الجهات، حال تلقيها أي شكوى، أو إخبار عن أي حالة عنف أسري، تحويلها إلى إدارة حماية الأسرة، لاتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها، ومن بينها نقل المتضرر إلى أقرب مستشفى، أو مركز صحي، إذا اقتضت الضرورة ذلك، ونقل المتضرر، وبموافقته، إلى مكان آمن إذا اقتضت الضرورة ذلك”.
واعتبرت المديرة التنفيذية لمركز العدل للمساعدة القانونية هديل عبد العزيز أن نسبة الـ25 % الخاصة بالعنف الأسري، مؤشر على خلل في منظومة الحماية الاجتماعية ما قبل القتل، موضحة أن كثيرا من قضايا وشكاوى العنف الأسري يتم التساهل معها، مثل قضايا الإيذاء التي تفتقر لمنظومة حماية فعالة تمنع تحول قضايا الإيذاء إلى قضايا جرائم قتل.
وبينت عبدالعزيز أن المساءلة في قضايا العنف الأسري تمارس عند حدوث جريمة قتل فقط، ولا توجد ثقافة للمساءلة والمتابعة قبل ذلك، داعية إلى تفعيل الإطار الوطني للحماية من العنف، والتأكد من أن الإجراءات التي تتخذ في قضايا وشكاوى العنف الأسري هي إجراءات فاعلة ومستجيبة.
وتجرد المنظمات النسوية في الأردن، حملات مستمرة لمناهضة العنف المبني على النوع الاجتماعي، منها ما يكون موسميا ومنها ما يتزامن مع ارتفاع منسوب الجرائم على أساس النوع الاجتماعي، مثل حملة “تقاطعات” التي تعتبر مديرتها التنفيذية بنان أبو زين الدين أن مثل هذه الحملات يكون لها أثر مجدٍ، خصوصا في ظل عدم اتخاذ الدولة إجراءات محورية تتعلق بالقوانين والتشريعات، وتعزز منظومة حماية النساء، بالإضافة إلى تفعيل آليات المراقبة، لحماية ضحايا العنف داخل بيوتهم، وليس داخل مراكز الإيواء.
واقترحت بعض الإجراءات التي تساعد في الحد من جرائم القتل المبني على العنف الأسري، من قبل الدولة مثل نشر أسماء مرتكبي الجرائم والضحايا كذلك، ما من شأنه أن يبث الخوف لدى من يفكر في ارتكاب عنف ضد زوجته، أو أخته، أو أمه أو ابنه.
وعزت الخبيرة في علم الاجتماع الدكتورة فاديا الإبراهيم سبب وصول نسبة جرائم القتل المبنية على العنف الأسري إلى 25 % بقولها إن: “سلوكيات الأفراد داخل الأسرة ترجع لظروف بيئية لها علاقة بمستواهم العلمي والاقتصادي والأخلاقي، فالعوامل الاجتماعية قد تكون سببا في زيادة الجرائم الأسرية، مثل الأفكار الذكورية، وتقسيم الأدوار الجندرية التي تعطي الذكور الوهم بالأفضلية وتدفعهم إلى استخدام العنف والجرائم داخل الأسرة”.
وتحدثت أيضاً عن العوامل الاقتصادية كالبطالة وانخفاض الدخل المادي وضغوط العمل وعدم القدرة على تلبية احتياجات الاسرة، وهو ما يشكل ضغطا نفسيا على الآباء ويدفعهم للجريمة، ناهيك عن آفة المخدرات وإدمان الكحول التي تذهب بعقل الأشخاص وتدفعهم للجريمة.
وأضافت الإبراهيم أن هناك سببا رئيسيا أيضاً للجريمة داخل الاسرة، “لكن للأسف الجميع يغفل عنه وهو ما يعبر عن بالتواصل الانسدادي، أي عدم قدرة الأفراد داخل الأسرة على التواصل والحوار لحل مشكلاتهم، فتتفاقم هذه المشكلات وتتطور وتؤثر نفسيا وسلوكيا على الأفراد ما قد يدفعهم أو يوصلهم لارتكاب الجريمة داخل الأسرة”.
وللتخفيف من حدة الجرائم الأسرية، دعت الإبراهيم لإيجاد منظومة وطنية شاملة تتناول جميع الجوانب الاقتصادية والدينية والاجتماعية والتعليمية والثقافية والقانونية التي تحمي الأسر وتخفف من نسب الجريمة، وكذلك نشر ثقافة الحوار داخلها وتعليم أفرادها مهارات حل المشكلات، من خلال وسائل الاعلام او الورش والتدريبات وفتح المراكز المختصة بذلك.
وكان معهد “تضامن النساء” نشر في وقت سابق موقفاً أكد فيه أن جرائم القتل الأسرية “ستستمر لا بل قد تزداد وتيرتها، ما دامت تشريعاتنا تتضمن أعذاراً مخففة لمرتكبيها بذريعة “الشرف”، وما دام القانون يجيز ضرب الأطفال تأديباً، وما دام التنمر والعنف يزدادان انتشاراً وتوسعاً، وما دامت إجراءاتنا وتدابيرنا مكبلة بتقديم شكاوى من عدمها، وما دامت العقوبة رهن التخفيف في حال إسقاط الحق الشخصي اختياراً أو إكراهاً”.
وبين “تضامن” أن النساء “لا يملكن من الخيارات ولا تتاح أمامهن الفرص للنجاة من العنف الأسري ما لم تتخلص النساء من ثقافة الصمت، وما لم تتحمل الجهات المعنية مسؤولياتها الكاملة في الوقاية والحماية والعلاج والتأهيل، وعلى كافة المستويات التشريعية والإجرائية والإيوائية، وعلى مستوى السياسات في المجالين الخاص والعام”.