عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-Jul-2018

يَوميّات (هَيّة الكَرَك).. و(الحَملة الحُورانية) في الصحافة العربية العثمانيّة (1910 _ 1911) (23)

 الراي-محمد رفيع

الأحداث (يوم الثلاثاء 10_1_1911)
 
رأي متصرّف الكرك (محمد طاهر بك) في (أحداث الكرك.. في حديث صحافي طويل، قال متصرف الكرك: _ الأهالي وافقوا على إحصاء النفوس، وأخذت تواقيع المشايخ، ولكن قوة الجند كانت قليلة..!؟ وبذلك هان على العصاة استباحة حمى الحكومة..! _ المشايخ استخدموا إحصاء النفوس حيلة لتهييج الأهالي، ليعودوا إلى ممارسة نفوذهم في الكرك، قبل تأليف لواء الكرك..؟ _ إحصاء النفوس جرى قبل الفتنة بعشرة أيام، إلا أن مسألة أخذ العسكر في بعض المناطق أدخل في نفوس الأهالي الميل إلى شق عصا الطاعة..؟
 
_ الحامية التي كانت موجودة في الكرك قبل الفتنة هي نحو 2000 جندي..
 
ذكرنا في الحلقات السابقة أنه؛
 
* أن الاشتبكات بين متمرّدي الكرك والجنود العثمانيين تواصلت غربي الكرك.
 
* _ نشرت الصحف شهادة لشاهد عيان (..؟) لأحداث الكرك، ويذكر فيها أن المشايخ الذين دبّروا فتنة الكرك هم تسعة، منهم؛ (شيخ المشايخ (قدر المجالي)، الشيخ حسين الطراونة، محمود الشمايلي، إبراهيم خليل، سلامة (القمص..؟) وعائلته، وأكثرية عائلة المجالي القاطنين شمال الكرك. ومن العشائر المشاركة ذكر؛ المجالي والطراونة والخراشنة ووالحمايدة والسيايدة وقسم من البدو. كماوتصف الشهادة، بحسب صاحبها، ما حلّ بالكرك والمراكز الحكومية من خراب.
 
* _ في قصيدة طويلة جدّاً، أخذت صفحتين من صفحات الجرائد، دبّج فيها (الشيخ عبد القادر المبارك) مديحاً للسلطات العثمانية، بما فيها الحملة العسكرية على (حوران والكرك)، ولن نستطيع نشرها كاملة لطولها. ولكنّي سأنشر بعض أجزائها. والشيخ المبارك، كان آنذاك هو أستاذ اللغة العربية في (مكتب عنبر) بدمشق، حيث تعلّم الكثير من الطلبة الأردنيين والعرب، منهم؛ سامح حجازي وعرار وصبحي أبو غنيمة ومحمد حجازي وعارف التل وغيرهم. والقصيدة تشرح الكثير وهي بعنوان (الفلّاح والدولة)،وسننشر منها المزيد في الحلقة القادمة..
 
_ بالإضافة إلى أخبار أخرى عن استمرار مطاردة الجيش العثماني للعشائر المتمرّدة.
 
* _ مع مطلع العام الجديد، بدأت السلطات العثمانية بتقديم تفسيرات ومبررات لما حدث في الكرك، تحت عنوان (فتنة الكرك)، كالقول بأن رجال الدرك الذين كانوا فيها كان كبار السن وعاجزين..! والقول بتواطؤ سائق القطار مع البدو..!؟
 
_ وذكرت أن شيخ مشايخ البلقاء (سالم العلي) قد حضر إلى درعا، مع مشايخ قبيلته، وأدّوا الطاعة إلى القائد العام..؟ وأن طوابير نابلس والخليل وغزّة قد دعيت إلى الخدمة.
 
_ ونفت الصحف خبر فرار العصاة إلى (وادي موسى). كما أوردت تفاصيل عن مقتل عسكريين في (غور الصافي) و(أم الرصاص) وقرب مقام (جعفر بن أبي طالب). وأنه تم فتح خط سكة الحجاز لقرب عودة الحجاز، ما عدا المسافة بيت تبوك وعان. وأن (البدو) بدأوا بإعادة المنهوبات، وأن بعضهم بدأ بتسليم نفسه للسلطات.
 
_ كما نشرت خبر سفر وأسماء لجنة التحقيق بأحداث الكرك. وكذلك أخباراً واردة من قائم مقام السط (حليم أبو الشعر)، بأن بعض العصاة يجتمعون في تلال الزرقاء، وأخباراً من مدير ناحية مادبا بأن (عبد القادر المجالي) جمع بعض العصاة للهجوم على (مادبا)، وأخبارا أخرى بخصوص بعض عشائر مادبا كـ(السلايطة) وغيرها.
 
* تواترت الأخبار الصحفية بأنباء شتّى، مع تصحيح لبعض المعلومات الواردة سابقاً؛
 
_ القوة التي رفعت الحصار عن الطفيلة كانت مؤلفة من سرية وطابور وبطارية مدفع.
 
_ الخط البرقي بين معان والعقبة لم يتعطل، ولكن أثناء الأحداث كانت الاتصالات تجري مع العقبة عن طريق بعض أقضية القدس كبئر السبع وعوجا حفير بواسطة الهجّانة.
 
_ حديث عن إنقاذ ثمانية أمريكيين ومترجم نزلوا عند (سليم) في الكرك قبل الأحداث بيوم، وإرسالهم مع محافظ من (الحباشنة) إلى أريحا ومن ثم القدس.
 
_ حديث عن اختلاط بعض العشائر المتمردة مع العشائر المطيعة للتخفّي..؟ وتصحيح معلومة يفيد (أنّه لم يصب أحد من مسيحيي الكرك بأي أذى)، ما عدا ضياع إمرأة وولدها كانت في السوق أثناء الغوغاء. وحديث عمّن تم أسرهم من المسؤولين الحكوميين في الكرك.
 
_ حديث عن وضع فرسان من الدرك بأطراف أريحا لمنع المتسللين من الكرك. وحديث عن تخييم نحو (150) خيمة من (عرب النعيمات) قرب معان، وهم من المشاركين في الأحداث.
 
_ حديث عن بعض عربان (عشيرة الحجايا) البعيدين عن (محطة سواقة) نحو ثلاث ساعات، وإرسال مفرزة من الجند لمطاردتهم، وقتل نحو 15 منهم..؟
 
_ لأول مرّة تقدّم الصحف رواية تفصيلية لما حد في الكرك، على لسان شاهد عيان عاين الوقائع، وفيها؛ أن العربان هاجموا المراكز الحكومية ليلا يوم الإثنين بتاريخ (5_12_1910) ميلادي الموافق لتاريخ (22_11_1326) مالي رومي _حيث أخطأ كثير من المؤرخين في أخذ التاريخ المالي (22_11) كتاريخ لبدء الأحداث، والصحيح هو تاريخ (5_12_1910) الذي يوافق بالتاريخ الهجري (3 ذي الحجّة 1328))؛ وأن الجند حوصروا عشرة أيام في القلعة، ولم يستطيعوا مغادرة القلعة إلا بوصول نجدة صلاح الدين بك؛ وأن القتلى من الجانين بلغ نحو (150) شخصاً. بالإضافة إلى الحديث المتواصل للصحف عن طبيعة وجغرافية وأحوال لواء الكرك وأراضيه وقراه.
 
_ من تاريخ الكرك وجواره، انتقلت الصحف للحديث التفصيلي عن أحواله الراهنة، وعن تركيبة عشائره الاجتماعية وعدد بيوتها وأراضيها ونوعيتها. هذا بالإضافة إلى تحريض واضح ضد زعماء العشائر، وخصوصا آل المجالي، ودعوة إلى نزع ملكية الأراضي منهم..!؟ كما حرصت الصحف على تفصيل ذكر أسماء أهل النفوذ بين عشائر الكرك، كالمجالي، واتهامهم بأنّهم غير متعلمين (المبعوث (النائب) توفيق المجالي أكمل تعليمه العالي في استنبول..!؟)، فيما يشبه تحريضا مباشراً للسلطات العثمانية ضدهم..!؟ ومن اللافت جداً، أن المراسل بدأ بتقدير ما يحتاجه التمرّد من قوة وأسلحة عثمانية للقضاء عليه، ومقارنة ذلك بتسليح الدروز في جبل العرب، الذي كان أكثر جودة وفاعلية..!؟
 
_ واصلت الصجف الحديث عن الكرك في صدر صفحاتها الأولى، في تقارير صحفية ميدانية، وعن تاريخ تأسيس الإدارة العثمانية فيها. كما ذكرت أن هناك أنباء عن تعيين الأميرلاي ناجي بك وكيلا لمتصرفية الكرك.
 
_ عادت الصحف للحديث عن ماضي الكرك وتاريخها، وعشائرها وأعدادها وشيوخها وأحوالها (فيما يشبه تقريراً أمنياً أكثر من تقرير صحفي..!؟)، وذلك بعد وصول خليل رفعت الحوراني إلى الكرك، كمراسل صحفي، الذي أصبح بعد هذه المهمة لاحقاً عضواً في مجلس إدارة ولاية سورية.
 
_ كما تمّ البدء بتسريح الطوابير العسكرية، التي أعدّت لإخماد فتنة الكرك، وعودتها إلى مواقعها السابقة عن طريق ميناء حيفا. كما وصلت إلى ولاية سورية برقية شكر من بطريرك اللاتين في القدس للسلطات العثمانية على (محافظتها) وحمايتها لمسيحيي الكرك، خلال إخماد العصيان.
 
_ كما أعلنت القوة العسكرية العثمانية الموجودة في الكرك مدة محدد لعودة الأهالي إلى منازلهم في الكرك، وأنّ من لا يعود، ستعتبره فاراً وتواصل تعقّبه.
 
_ وذكر أن رفيفان المجالي، رئيس بلدية الكرك، هو أحد المحرّضين على (الفتنة)، وأنّه لا يزال فاراً. كما أشارت إلى أن المحرضين على العصيان هم (زعماء بني المجالي). وأنّ الحكومة سترسل هيئة تحقيق في البحث عن (أسباب الفتنة).
 
_ بدأ الحديث عن محاولة الدولة العثمانية عن أسباب حقيقية لأحداث الكرك. كما بدأت الصحف بالحديث عن عودة موظفي الدولة في الكرك ومأموريها، الذين أشيع في بداية الأحداث أنهم قتلوا، بينما تشير الوقائع إلى اختبائهم في الكنيسة، إلى حين وصول النجدة العسكرية للكرك.
 
كما بدأت الصحف بالإشارة إلى منح الحكومة راتب شهرين لموظفي الكرك الذين تقل رواتبهم عن ألف غرش،وراتب شهر واحد لمن تزيد رواتبهم عن ذلك، وذلك تعويضا لهم عما لحق بهم من أضرار..
 
_ واصلت الصحف الحديث عن إصلاح العطال التي لحقت بمحطة جرف الدراويش؛ وعن نجاة المهندس غالب بك الذي كان يُظن أنه قُتل. كما قامت بنشر أعداد القتلى والجرحى والمصابين والغائبين والأضرار حتى محطة جرف الدراويش جنوباً. وذكرت أن أهالي معان ساعدوا حامية الجند هناك المكونة من 500 عسكري، وأنهم اشتركوا مع الجند في مطاحنة (البدو)..؟. كما أشارت أن قائد الحملة سامي باشا الفاروقي أرسل برقية إلى وزارة الحربية بأن قوات الحملة قد دخلت الكرك..؟ وأن (عبد القادر المجالي) قد قدم طاعته للحكومة..؟ وأن بعض الدرك كانوا يقدمون البنادق للمتمردين..؟
 
_ كما بدأت الصحف بتقديم رواية شبه متماسكة للأحداث على لسان مراسلها في درعا، وكذلك رد فاضل باشا والي سورية السايق على هذه الرواية، حول أسباب الحداث.
 
_ كما أشارت إلى أن المتمردين اتفقوا مع مسيحيي الكرك في البداية أن يكونوا محايدين، وأن المسيحيين رفعوا على كنيستهم رايتين بيضاوين، فساء ذلك المتمردين، فنهبوا أملاكهم دون أن يمسوا أرواحهم..؟!
 
_ كما أشارت إلى إرسال ولاية سورية إلى سامي باشا كمية من (العباءات) لتوزع على مشايخ العربان في قضاء الطفيلة الذين لم يشتركوا مع عصاة الكرك.
 
_ كما بدأت السلطات العثمانية بتقديم رواية تفصيلية، وشبه متماسكة، بالإضافة إلى التلميح عن رواية أخرى متعارضة. وتمهيداً لذلك، عادت الصحف للحديث عن ماضي الكرك، وعن تاريخ تأسيس الإدارة العثمانية فيها، أي قبل 17 عاما من أحداث العام 1910، أي في العام 1893م (1309 شرقي).
 
_ ومنها أن متصرفية الكرك تأسست في العام 1893م (1309 شرقي)، على يد المتصرف حسين حلمي باشا. ومن المعلومات العمرانية المستفادة، أنه في عهد المتصرف رشيد باشا تم بناء؛ المدرسة الرشدية في الكرك؛ ودار البرق والبريد ومدرسة الإناث وتجديد بناء الجامع العمري؛ وتجديد بناء مقام نوح؛ ودار الحكومة في السلط؛ ودار الحكومة في مأدبا؛ ودار الحكومة في الطفيلة وغيرها.
 
وأنه تمّ تعيين غالب بك والياً جديداً لسورية، وهو قاض في محكمة التمييز. كما تمّت إشاعة أن مشايخ الكرك المتمرّدين بدأوا يطلبون الاستسلام والعفو من الحكومة، وأنّهم نادمون على ما فعلوا، وأنّ الحكومة عازمة على تأديبهم، وأنّه تم إلقاء القبض على أربعة من المحرضين وتوقيفهم في القدس. ونشر أن اليوزباشي جلال بك الذي أشيع أنه قتل، لا يزال حياً، وأن عائلته اختبأت في بئر في دار سليمان أفندي الحدّادين.
 
كما نشرت الصحف خطاب الصدر العثماني الأعظم (رئيس الحكومة) محمود شوكت في مجلس المبعوثان (النواب)، الذي أشار فيه تلميحاً إلى أعمال التمرد في المملكة العثمانية، فرد عليه عبد الحميد الزهاوي عضو المجلس ومبعوث حماة. كما تم نشر مزيد من الوقائع الجارية في الكرك باسم أعضاء حكومة الكرك المحلية. وهم؛ (المتصرف طاهر. النائب شكري. المحاسب محي الدين. مدير التحريرات خيري. المفتي صالح. العضو عودة القسوس).
 
هذا ومع بدء الأحداث، فإن الصحف كررت النشر عن تاريخ الكرك وماضيها، منذ العهد المملوكي، وفي صفحاتها الأولى، ولأغراض إعلامية وسياسية مفهومة. وفي الوقائع؛ إرسال 18 طابورا عسكريا من دمشق إلى القطرانة؛ حديث عن تعداد نفوس بعض العشائر في جبل العرب؛ عودة موكب الحج من مكة؛ إشاعات عن مشاركة بعض دروز الجبل في عصيان الكرك؛ إشاعات عن تعيين غالب بك واليا لسورية؛ حديث عن ديوان الحرب العرفي.
 
مقدّمة تاريخيّة وملاحظات؛
 
_ هَيّة الكَرَك؛ هي عصيان مدنيّ، ما لبث أن تحوّل إلى ثورة مسلّحّة، ضدّ التجنيد الإجباري وتعداد النفوس. حيث اندلع العصيان في 22 تشرين الثاني (11) عام 1910، واستمرّ نحو شهرين، وكان أعنف الاحتجاجات ضدّ العثمانيين، التي اندلعت قبيل الحرب العالميّة الأولى، حيث قمعتها السلطات العثمانيّة بعنف شديد.
 
_ المصدر الصحفي الدمشقي لهذه الوثائق هو من أكثر المصادر الصحفية توازناً في تلك الفترة، وهي صحيفة (المقتبس) الدمشقيّة لصاحبها محمد كرد علي، غير أنّها تبقى صحيفة موالية للسلطة العثمانية، ولا تخرج عن طوعها. لا يتدخّل الكاتب في الوثائق المنشورة إلّا في أضيق الحدود، بهدف الشرح أو التوضيح فقط لا غير. هنا في صفحة فضاءات، سننشر الرواية الصحفية العربية العثمانيّة الرسميّة لأحداث الكرك، والتي استمرّت لما يزيد عن شهرين، كما رأتها السلطات العثمانيّة في حينه، على هيئة يوميات ومتابعة صحفية للأحداث. وتشكّل هذه المادّة جانباً وثائقيّاً صحفياً لـِ(هَيّة الكَرك)، كرؤية رسمية للسلطات آنذاك. أما السلطات العثمانيّة فقد أسمتها؛ (فتنة الكَرَك)..!
 
الفريق سامي باشا الفاروقي؛ (1847م ـ 1911م)
 
 
 
ولد في الموصل سنة 1847م تقريباً، وهو ابن علي رضا بن محمود الفاروقي. انتسب إلى السلك العسكري، وتخرج من الكلية الحربية العالية في استانبول، برتبة ضابط (أركان حرب)، وتخطى مراحل الترفيع في الخدمة، فوصل إلى رتبة فريق أول. قاد الحملة العسكرية النجدية سنة 1906م. حيث أرسلت حملة عسكرية لنجدة ابن رشيد أمير نجد، حيث كانت مهمة هذه الحملة العسكرية هي الوقوف بين الطرفين المتحاربين آل سعود وآل الرشيد، وقد كان نصيب هذه الحملة الفشل الذريع. قاد الحملة العسكرية على جبل الدروز عام 1910؛ وكانت فيها الضربة القاضية واستطاع رد الدروز إلى طاعة السلطان. وقاد الحملة العسكرية على الكرك عام 1910، بعد إخماد ثورة الدروز حيث ثار عربان بني صخر والمجالي وغيرهم في الكرك وجوارها، ويذكر أن تصرفات القائمقام التركي صلاح الدين بك الشاذة من أكبر العوامل لهذا العصيان، وكانت أشد هولاً وطغياناً من عصيان جبل الدروز. اقترن سامي باشا بكريمة عمّه عبد الله حبيب بك العمري ولم يعقب ولداً. توفي في العام 1911