عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    10-Sep-2025

في حضرة المكتبة الشرقية بالجامعة اليسوعية* حمزة عليان

الجريدة -

 
​أقدم جامعتين في لبنان والشرق الأوسط هما: الجامعة الأمريكية 1866، والجامعة اليسوعية 1875، الأولى تكبر اليسوعية بـ 9 سنوات فقط.
 
نتحدَّث عن جامعات عُمرها الزمني يزيد على 160 عاماً، وهي فترة ليست بالقصيرة، فقد شهدت هاتان الجامعتان حربين عالميتين وحروباً إقليمية أخرى، كما أنهما شاهدتان على ثلاثة كيانات سياسية مختلفة، وإن شِئت ثلاثة أشكال من أنواع الحُكم والهيمنة على مصائر البلاد والعباد، وهي مرحلة الإمبراطورية العثمانية، ومرحلة الانتداب الفرنسي والإنكليزي، وصولاً إلى عهود الاستقلال.
 
تكمن أهمية هذه الجامعات في وجود مكتبات حفظتْ ودوَّنت تاريخ المنطقة، وما حدث فيها من تغيُّرات وتحوُّلات سياسية واجتماعية واقتصادية.
 
زُرت المكتبة اليسوعية، وكانت لي جلسة مُطوَّلة مع مدير المكتبة الشرقية التابعة للجامعة، الأستاذ جوزيف رستم، وجولة في أقسامها وأرجائها، والاطلاع على محتوياتها وأساليب الحفظ والفهرسة والتوثيق للكتب والوثائق والصور وترميم المخطوطات.
 
سألت الأستاذ توني قهوجي عن عدد الرسائل الجامعية (ماجستير، ودكتوراه)، التي أعدَّها ونالها دارسون كويتيون حول الكويت، فأفادني مشكوراً بأنها قاربت الخمسين رسالة جامعية عُليا، تناولت موضوعات في التاريخ، واللغة العربية، والإسلامية، والفلسفة، والتربية، من بينها دكتوراه حول نظرية النبوة عند ابن تيمية، ومسألة زيارة القبور عند المسلمين، ودور آل الصباح الكرام في تأسيس الكويت وتطورها خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر، وغيرها من الرسائل الجامعية.
 
في الجامعة يدرس حوالي عشرة آلاف طالب، من جنسيات مُختلفة، من بينها الكويت، ولا تزال تؤدي عملاً ينبع من بناء مركزٍ أكاديمي بالشرق يتميَّز بمصداقية التقليد والدعوة المستمرة للحداثة.
 
هناك نحو 3700 مخطوطة، وهي من النوادر المحفوظة بالمكتبة الشرقية، من أثمنها وأقدمها كتاب مقدَّس مكتوب باللغة السريانية منذ عام 1895 حصل عليه الأب لويس شيخو أثناء زيارته للعراق، ومخطوط كتاب مزامير داود في اللغة العربية والسريانية، وكذلك كليلة ودمنة من القرن الخامس عشر.
 
بعض تلك المخطوطات جرت لها عمليات ترميم دقيقة جداً داخل المكتبة، وتم تصويرها بكاميرات خاصة، لتحويلها إلى ديجيتال وحفظها.
 
تحتفظ المكتبة الشرقية بأكبر مجموعات من الصور الفوتوغرافية، وأول صورة تعود إلى عام 1865 لمنطقة البقاع من أصل حوالي 400 ألف صورة، جرى تحويل وتصنيف وفهرسة نحو 70 ألف صورة ووضعها بمتناول الباحثين، وهذه المجموعات بخلاف 80 ألف صورة تغطي الفترة الزمنية من 1860 إلى 1920، عبارة عن إهداءات خاصة موجودة الآن في مبنى بمنطقة الأشرفية في بيروت يعود تاريخها إلى عام 1937 تعرَّضت للتحطيم، إثر انفجار مرفأ بيروت عام 2020.
 
خصَّصت المكتبة ركناً للرسومات الكاريكاتيرية، نحو 2800 رسمة، أبرزها للرسام الأرمني اللبناني ديران.
 
المكتبة الشرقية كنز من التراث، والكتب التي تبلغ أكثر من 250 ألف عنوان وخمسة آلاف دورية، منها «حديقة الأخبار»، وهي أول صحيفة عربية بالشرق الأوسط.
 
ما لفتني الإشارة إليه، هو بعد تصفح الكتاب التذكاري الذي أهداني إياه البروفيسور الأب سليم دكاش عند زيارته في مكتبه المتواضع وشخصه الخلوق، والخاص بتاريخ الجامعة، أن شارع مونو، القريب من المكتبة الشرقية، بات ذا شُهرة واسعة، نظراً للحانات الليلية المنتشرة فيه، علماً بأن هذا الاسم (أمبروسيوس مونو) هو مَنْ أطلق جريدة البشير اليومية باللغة العربية عام 1870، وهو الذي قام بنقل «إكليركية غزير» إلى بيروت عام 1870، وأخذت اسم الجامعة اليسوعية، وأصبح مديراً لها عام 1883.