بعد إيران.. هل يتوقف العدوان الصهيوني على غزة؟
"حماس" لـ"الغد": نأمل بأن يسهم اتفاق إيران والاحتلال في وقف حرب الإبادة ضد غزة
الغد-نادية سعد الدين
بعد إعلان وقف إطلاق النار بين إيران والكيان الصهيوني؛ يسّود انطباع عند الفلسطينيين بإمكانية التوصل لاتفاق مماثل في قطاع غزة، إزاء وجود مؤشرات إيجابية يأملون في ترسيخها واقعاً يقود لإنهاء جرائم الاحتلال المتواصلة ضد القطاع وفكّ الحصار عنه وبدء مرحلة إعماره.
ورغم أن أهداف الاحتلال في طهران مغايرّة لمراميّه من غزة؛ إلا أن فشله في تحقيق الأمريّن قد يؤلب الداخل الصهيوني عليه، ويجعل مصير حكومة بنيامين نتنياهو على المحّك مجدداً، في ظل تململ قادة المعارضة الصهيونية وتزايد الدعوات من أوساطه السياسية والشعبية لتسوية واسعة في غزة بعد تثبيت وقف إطلاق النار في إيران.
وقال القيادي في حركة "حماس"، علي بركة، في تصريح خاص لـ"الغد"، إن حركته تأمل "بأن يسهم الوصول لاتفاق لوقف إطلاق النار بين إيران والعدو الصهيوني، في التوصل إلى وقف حرب الإبادة التي يشّنها الاحتلال ضد قطاع غزة على مدار أكثر من 20 شهراً".
وأضاف بركة، في حديثه لـ"الغد"، إن "العدوان الصهيوني على إيران ما كان ليحصل لولا الدعم الإيراني للمقاومة الفلسطينية، خصوصاً في قطاع غزة، حيث أراد العدو الصهيوني بهذا العدوان إضعاف جبهة المقاومة الإسلامية والعربية في المنطقة، من أجل الاستفراد بالقطاع".
وأكد حرص حركة "حماس" على تفعيل التواصل مع الوسطاء في مصر وقطر من أجل استئناف المفاوضات غير المباشرة للوصول إلى اتفاق لوقف الحرب بشكل دائم على قطاع غزة والاتفاق على صفقة لتبادل الأسرى، ورفع الحصار عن غزة وإدخال المساعدات الإنسانية، وكذلك البدء بإعادة إعمار قطاع غزة.
وأوضح بأن حركة "حماس" أبلغت كل الوسطاء أنها لا تريد البقاء في السلطة في قطاع غزة، وأنها منفتحة على تشكيل حكومة توافق وطني فلسطيني أو تشكيل لجنة إسناد مجتمعي، حسب المبادرة المصرية التي وافقت عليها "حماس" سابقاً.
وتابع بركة قائلاً: "نحن نعتبر أن المشكلة تتمثل في الاحتلال وبرئيس حكومته، المجرم بنيامين نتنياهو، الذي يواصل حرب الإبادة والتجويع على الشعب الفلسطيني، ويستخدم التجويع كسلاح لقتل المزيد من الفلسطينيين، ويرتكب المجازر يومياً عند توزيع المساعدات على أبناء الشسعب الفلسطيني".
وقال "نحن نطالب الإدارة الأميركية بالضغط على الكيان الصهيوني من أجل وقف حرب الابادة والتجويع على الشعب الفلسطيني، حتى لا تتدحرج الأمور مرة أخرى كما حصل في 13 حزيران (يونيو) الحالي حينما تطورت الأمور ووصلت إلى حرب إيرانية – صهيونية".
وشدد بركة على ضرورة الاستفادة مما حصل والضغط على الكيان الصهيوني من أجل وقف الحرب على الشعب الفلسطيني، مؤكداً أن حركة "حماس" متجاوبة مع الجهود العربية من أجل وقف العدوان على الشعب الفلسطيني.
يأتي ذلك بينما يحدث حراك نشط في صفوف قادة المعارضة الصهيونية وعائلات أسرى الاحتلال لمطالبة حكومة نتنياهو بتوسيع نطاق اتفاق وقف إطلاق النار مع إيران بحيث يشمل غزة أيضاً، من أجل استعادة أسراهم وإنهاء الحرب.
وفي هذا السياق، توقّع المحلل والخبير في القانون الدولي، أنيس قاسم، بأن يكون لاتفاق وقف إطلاق النار بين إيران والاحتلال تأثير ايجابي على الوضع في قطاع غزة، إزاء وجود إشارات تصدر من الكيان المُحتل للمطالبة بالتوصل إلى صفقة تبادل الأسرى وإنهاء الحرب في القطاع.
ولم يستبعد قاسم، في حديثه لـ"الغد"، أن يتم الآن بدء الحديث الجاد لوقف إطلاق النار في غزة، مشيراً إلى أن ثمة تململ واضح ليس فقط من أهالي أسرى الاحتلال، بل أيضاً من داخل الأوساط العسكرية والأمنية الصهيونية التي باتت أصواتها تتعالى أكثر للمطالبة بوقف الحرب على القطاع.
وأوضح بأن جيش الاحتلال بات منهكاً، عقب عدوانه على إيران، بالإحالة إلى تصريحات الضباط وقادة الجيش أنفسهم، وفق ما يتم تناقله عبر وسائل إعلام الاحتلال، فيما يهرع المستوطنون بقوارب الصيد خارج الكيان المُحتل بعدما فقدوا الثقة في قواتهم وحكومتهم، مما يشكل تطوراً مهماً.
ورجّح قاسم بأنه في أعقاب تثبيت وقف إطلاق النار بين إيران والاحتلال ستبدأ تساؤلات من الداخل الصهيوني لنتنياهو عن الأهداف التي حققها من وراء عدوانه على إيران، بما قد ينعكس على مصير حكومة الاحتلال نفسها.
يأتي ذلك بينما تواصل قوات الاحتلال العدوان على قطاع غزة، حيث ارتفع عدد الشهداء الذين ارتقوا جرّاء ما يُسمى "آلية توزيع المساعدات" الصهيونية - الأميركية إلى 454 شهيداً، إضافة إلى 3,466 مصابا، منذ بدء العمل بها قبل أقل من شهر، بما "يكشف عن الطبيعة الإجرامية لهذه الآلية"، وفق حركة "حماس".
وأضافت الحركة، في تصريح أمس، إن ما يُطلق عليه "نقاط توزيع المساعدات" ليست سوى مصائد موت مدروسة، تُستخدم ضمن سياسة ممنهجة لإدارة التجويع والإذلال، بهدف ارتكاب إبادة جماعية ضد أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وأكدت "حماس"، أن الجريمة المتواصلة التي تُنفّذ بغطاء دولي وصمت مخزٍ تُعد انتهاكاً صارخاً لكل القوانين والأعراف الإنسانية، وتفرض على المجتمع الدولي والأمم المتحدة تحمّل مسؤولياتهم الأخلاقية والقانونية، من خلال التدخل الفوري لوقف هذه المجازر، وتوفير آلية إنسانية بديلة وآمنة وخاضعة للأمم المتحدة والرقابة الدولية المستقلة، لإيصال المساعدات بعيدًا عن قبضة الاحتلال وتحكمه.
ودعت "حماس" إلى تفعيل المساءلة الدولية وملاحقة قادة الاحتلال كمجرمي حرب على ما يرتكبونه من جرائم ضد المدنيين العزّل، مطالبةً بـ"تحرّك عاجل وفاعل من أجل فرض وقف شامل وفوري لحرب الإبادة التي تستهدف أكثر من مليوني فلسطيني محاصر في قطاع غزة".
واستشهد أمس 80 فلسطينيا في غارات جديدة للاحتلال، بينهم 56 من المنتظرين للمساعدات أمام المراكز الأميركية بغزة، في حين أعلنت القسام الإجهاز على 3 من جنود الاحتلال في اشتباكات مباشرة.