الدستور
يشدنا المشهد الفلسطيني باستمرار للكتابة..ووضع النقاط على الحروف.. رغم اليأس والاحباط الذي يحاصرنا.. وبتنا نخشى أن يحاصر شعبنا في ظل عجز القيادات الفلسطينية عن الخروج من المازق الذي وصلت اليه.. بعد ان دخلت قمقم «اوسلو» وترفض ان تخرج من هذا القمقم..الذي كان بمثابة كارثة أخرى على شعبنا..أشد خطرا من كارثة 1948.
نثمن تمسك القيادات بالصمود والتجذر في الارض.. والمرابطة في الاقصى المبارك..مستفيدين من دروس وعبر نكبتي 48 و67.. ولكن هذا الصمود حتى يثمر.. ويروع الاعداء..ويلجم مجانين بني صهيون.. لابد أن يثمر مقاومة باسلة تخيف الاعداء.. وترهبهم.. وتجعلهم يعدون للالف... قبل ان يخرجوا من بيويتهم للعمل..او الى التسوق والتنزه على شواطىء حيفا وعكا ويافا..الخ..
مؤسف ان القيادة الحالية لم تقرن الصمود بالمقاومة.. وبقي الامر مقتصرا على مسيرات ومظاهرات في مناسبات وطنية لم تتطور الى فعل يوجع العدو.. بل غلب عليها طابع التنديد والاستنكار بالاستيطان وجرائم المستوطنين.. الخ..
هذا الواقع اللامعقول-اذا صح القول- هو ما جعل احد مسؤولي الشاباك لسابقين يصف الاحتلال الصهيوني «باحتلال ديلوكس»..احتلال مربح.. يدر على اسرائيل مليارات الشواقل.. ولا يكلفها شيئا يذكر..
وهذا الواقع المؤسف أيضا.. هو ما شجع المطبعين.. في ظل تمسك القيادة بالتنسيق..مع ألد أعداء الشعب الفلسطيني. مع جنرالات العدو المتهمين بارتكاب جرائم ابادة، ومطلوبين للعدالة الدولية.
لم يخبرنا تاريخ حركات التحرر الوطني ان شعبا تحرر بدون مقاومة، فالمقاومة هي الشرط الوحيد لتحرير الشعوب المستعمرة،.. فالحرية لا تعطى بالمجان..والاستقلال لا يمنح كما تمنح الصدقات.. بل هو ممهور بالدم..
وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق..
لقد قدمت الجزائر مليون ونصف مليون شهيد.. وقدمت فيتنام ثلاثة ملايين.. وقدمت الهند مئات الالوف بعد ان اختارت المقاومة السلمية.. مقاومة» المهاتما غاندي».. وقر رالشعب الهندي العصيان المدني، ومقاطع البضائع البريطانية مقاطعة شاملة.. والنوم على قضبان السكك الحديدية وتعطيل حركة القطارات... ما الحق بالاقتصاد البريطاني خسائر باهظة..
شعبنا الفلسطيني يعي هذا.. وسبق كافة شعوب الارض بتفجير ثورات وانتفاضات كسبت احترام العالم، وحازت على تقديره، وذلك على مدى مائة عام وعامين لم يمل. ولم ييأس، وقد زاد عدد الشهداء والجرحى عن مليون شهيد وجريح. وهو رقم كبير جدا مقارنة بعدد السكان..اضافة الى مئات الالوف من الاسرى..الذين خضعوالاساليب لا اخلاقية في التحقيق والتعذيب. ولكنهم صمدوا وانتصر الدم على السيف.. وانتصر السجين على السجان.. وقد حولوا السجون الى مدارس في الوطنية والصمود الاسطوري..
دوام الحال من المحال.. فصمود بدون مقاومة توجع العدو.. هو الذي اوصل القيادة والقضية كلها الى هذا المأزق الخطير.. واغرى العدو برفع وتيرة العدوان وتهويد القدس واستباحة الاقصى.. واغرى القرصان بالاقدام على «مؤامرة القرن» لتصفية القضية وقام بنقل سفارته الى القدس المحتلة..
واخيرا نذكر من نسوا او تنسوا..
ان شرعية القيادة تقوم على المقاومة.. والبندقية الثائرة هي التي اعطت الثورة الفلسطينية شرعيتها.. وهي التي جعلت منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.. فشرعية اية ثورة تنبع من فوهة البندقية.. ورصاص الثوار هو الذي يكسر الاغلال ويكنس الاحتلال... ويعانق الفجر ويهتك استار الظلام
باختصار..
الصمود يجب ان يثمر مقاومة موجعة..
والرفض يجب ان يتطور الى شلالات من الرصاص..
فهذه هي اللغة الوحيدة التي يفهمها العدو.