افتتاحية – واشنطن بوست
إن الثقة، وحتى لو كانت نوعا من الرضا عن الذات، والتي تطورت حول احتمالية وجود نهاية ناجحة للمحادثات التجارية بين الصين والولايات المتحدة كانت قد مهدت الطريق للتوتر وعدم اليقين. في يوم الأحد، كان الرئيس ترمب، الذي ألقى اللوم على بكين بالتخلي عن الالتزامات التي تم التفاوض عليها في السابق، قد نشر تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر عبارة عن تهديد مفاده أنه سيرفع التعريفة الموجودة أصلا بنسبة 10 بالمئة على الواردات الصينية بقيمة 200 مليار دولار إلى 25 بالمئة يوم الجمعة، مع تعريفة بنسبة 25 بالمئة على بضائع إضافية صينية قادمة «في وقت قصير».
تعرف التقارير الإخبارية الشكوى المحددة المقدمة من إدارة ترمب بأنها تراجع الصين المزعوم عن الوعود التي وعدت بها بوضع التغيرات السياسية التي طلبتها الولايات المتحدة ضمن القانون. من جانبهم، كانت مصادر صينية قد أخبرت وسائل الإعلام الغربية أن بكين كانت قد فسرت شكاوى السيد ترمب بشأن السياسة النقدية المشددة للاحتياطي الفيدرالي كدليل على الضعف الاقتصادي الذي يمكن أن تستغله الصين.
يمكن لأي أحد أن يخمن ما سيأتي من الاجتماعات الحالية في واشنطن بين وفد الصين التجاري وفريق السيد ترمب. وعلى أي حال، ما لا يجب الشك فيه هو أنه خلال فترة عملية التفاوض مع بكين، تقوض الإدارة موقفها بمحاولة شن معارك جمركية متزامنة مع دول أخرى. كما أظهر تشاد بوون من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، فإن تعريفات السيد ترمب الجمركية تغطي الآن 50.5 بالمئة من الواردات الصينية - ولكن أيضًا 7.3 بالمئة من الواردات من كندا، و 2.5 بالمئة من واردات الاتحاد الأوروبي، و 9.6 بالمئة من واردات كوريا الجنوبية و 3.8 بالمئة من الواردات من اليابان.
على الرغم من أن التعريفات لا تزال متواضعة في تأثيرها الاقتصادي، إلا أنها لها تأثير رمزي يلدغ هؤلاء الحلفاء والشركاء التجاريين الأمريكيين القدماء. بالنسبة للجزء الأكبر، فإنهم لا يسيئون استخدام قواعد التجارة الدولية كما تفعل الصين. في الواقع، إنهم يتشاركون العديد من قلق الولايات المتحدة من سياسة الحماية الصينية، وسرقة الملكية الفكرية والمؤسسات الحكومية المدعومة. ومع ذلك، من خلال حصر أسماء الأصدقاء القدامى مع بكين، وحتى تبرير بعض الرسوم المفروضة عليهم (على الصلب والألومنيوم) لأسباب «الأمن القومي»، جعل السيد ترمب من الصعب عليهم سياسياً أن يحتشدوا إلى الجانب الولايات المتحدة في النزاع مع الصين. كانوا في الواقع مضطرين للانتقام.
هذا الخطأ المباشر هو أمر مؤسف بشكل مضاعف لأن السيد ترمب كان له اليد العليا في محادثاته مع الصين. يعتمد الاقتصاد الصيني على الصادرات إلى الولايات المتحدة أكثر مما يعتمد على العكس، وإن معدل النمو في الصين يتباطأ، في حين أن اقتصاد الولايات المتحدة (على عكس سياسات السيد ترمب غير المناسبة وغير المبنية على سياسة الاحتياطي الفيدرالي) يخلق فرص عمل في وتيرة سريعة. في عالم لا يتمتع فيه السيد ترمب بشعبية كبيرة، فإن شكاواه - التي شاركها رؤساء الولايات المتحدة السابقون - ضد الصين تمثل حالة نادرة اعترفت به دول أخرى بأنه الأساس الأعلى للأخلاق. إن الرئيس الأكثر ذكاء سيستفيد من ذلك الأمر.
قد تصل المفاوضات مع الصين إلى نتيجة مفيدة للطرفين، أو ربما قد تنهار. في كلتا الحالتين، فإن السيد ترمب سوف يتحدى درس التاريخ: الحروب متعددة الجبهات هي الأصعب للفوز بها، سواء كانت من النوع العسكري أو الحروب التجارية. القتال من دون حلفاء لاتزال هي الاصعب.