عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    18-Jan-2019

إرضاء الآخرین بتجاھل الذات.. ھل یفقد المرء حقیقتھ؟

 ربى الریاحي

عمان–الغد-  بعداء وتنكر تتعامل العشرینیة مریم مع مشاعرھا التي تصر على أن تظل مخفیة عمن حولھا، تتبع سیاسة القمع لذاتھا، وتعتقد أنھا بھذه الطریقة ستكون محبوبة من قبل الجمیع، وستصبح الأقرب لھم، لكن ھذا الأمر یزید من ضغوطاتھا .النفسیة ویفقدھا القدرة على البوح وتوضیح كل ما تشعر بھ إزاء موقف ما تخشى مریم أن تخسر من تحب، وعلیھ تتجھ للاحتفاظ برأیھا لنفسھا، مما یجردھا من حقھا في قول ”لا“ للخطأ. وھذا لأنھا اختارت أن ترضي غیرھا حتى لو على حساب نفسھا، مبینة بأنھا أصبحت تابعا للطرف الآخر، یحركھا كیفما شاء، وتجد أنھا لم تعد تشبھ نفسھا، بل باتت شخصیتھا تفتقر لتلك الملامح الخاصة الممیزة، مبینة أن ھذا الضعف یتیح للآخر استغلال ھذا العیب، وتحقیق مآرب دنیئة تخدم .مصالحھ الشخصیة
خطأ كبیر ومؤذ یرتكبھ بعض الأشخاص في حق أنفسھم، ھؤلاء بالذات یختارون أن یتصرفوا مع الاخر بخلاف طبیعتھم معتقدین أن تشویھھم لشخصیتھم الحقیقیة ومعاداتھم الصریحة لھا ھو شكل من أشكال الاحترام لمن حولھم وطریقة سھلة لكسب قلوبھم. تنازلھم عن الكثیر من حقوقھم لأشخاص وإبداء القسوة تجاه ذواتھم .یحولھم إلى نفسیات مھمشة ضعیفة لا قیمة لھا أما الثلاثینیة غدیر صلاح فتخاف دائما من أن تكون سببا في جرح من تحب وإیلامھم، لذا تقرر أن تتجاھل ما یسعدھا ویحقق لھا النجاح في سبیل إرضاء أشخاص تعتبر أن وجودھا معھم ھو القوة بالنسبة لھا وابتعادھا عنھم خسارة كبیرة .لا تستطیع تحملھا مطلقا غدیر، وبعیدا عن التفكیر بمصلحتھا تلجأ بدون أن تشعر لإیذاء نفسھا واضطھادھا..
لا تتردد أبدا في أن تضع وقتھا تحت تصرف الآخر راضیة بأن تضیع أجمل سنوات عمرھا على أعتابھم، غیر مبالیة بحجم الأذى الذي تجلبھ لذاتھا. ضعفھا أمامھم وشعورھا باحتیاجھا الشدید لھم أسباب تدفعھا لأن تؤجل كل المھام .والالتزامات المطلوبة منھا
تقبل غدیر على فعل ذلك، مراعاة لمشاعر الآخرین ومن أجل أن تقضي معھم أطول وقت ممكن، رغبتھا الدائمة في إسعادھم رغم عدم اكتراثھم بسعادتھا تحول بینھا وبین ضرورة إعطاء نفسھا الأولویة والأھمیة وتغیب عن ذھنھا حقیقة مضمونھا أنھ .سیأتي وقت علیھا لن تجد سوى نفسھا
سامر حسین شاب اعتاد على أن یرضى بظلم الآخر لھ، وبتلك الاتھامات التي قد تسلبھ احترامھ لذاتھ سامحا للكثیرین ممن حولھ بتشكیل شخصیتھ حسب أھوائھم، متخلیا بذلك عن حقیقتھ. موافقتھ لكل ما یقولونھ أو یفعلونھ تخلق منھ حتما شخصا تسیره ظروف الآخرین غیر قادر على اتخاذ أي قرار یخصھ یظل مرھونا بآرائھم .الجائرة في حقھ
ویرى حسین أن تصرفھ بھذه الطریقة وعدم دفاعھ عن نفسھ وتبرئتھا من كل ما قد ینسب إلیھا أدلة قویة على احترامھ لھ وتقدیره لمشاعره، ویتغافل عن نقطة جوھریة تتلخص في أن كل من یخشى خسارتھم ویتفنن في إیذاء نفسھ من أجلھم یوقنون .بحقیقة ضعفھ وصولا للاستغلال والاحتقار أحیانا وحول ذلك، ترى الأخصائیة النفسیة الدكتورة سلمى بیروتي أن ھناك أشخاصا في الحیاة یبحثون باستمرار عن إرضاء الآخر حتى لو كان ذلك على حساب سعادتھم وراحتھم وھؤلاء تحدیدا یھتمون كثیرا برأي من حولھم عنھم، كما أنھم یجھلون فھم ذواتھم، لا یعرفون أن قدرتھم على حمایة أنفسھم تأتي من وعیھم بحقیقتھم ومعرفة .حاجاتھم
وتضیف، الجمیع دون استثناء یولدون ولدیھم حاجة ملحة للتواصل مع من حولھم، .موضحة أن أكبر ألم قد یتعرض لھ الإنسان ھو افتقاده للغة التواصل وتبین أن تأثرھم الكبیر بما یقولھ الآخرون عنھم ھو نتیجة عدم تكوینھم لھویتھم بالشكل الصحیح وبصورة صحیة بل تبقى قید الإنشاء، وھذا حتما یتسبب في إرغامھم على بناء ھویتھم وشعورھم بقیمتھم وبكفاءتھم وبانتمائھم، فقط من خلال .تفاعلھم مع غیرھم
احتیاجھم الشدید للآخر وخوفھم من فقدانھ ومن عدم حصولھم على رضاه واستحسانھ، یجعلھم یتنازلون عن كامل حقوقھم ومشاعرھم، وفق بیروتي، لكونھ من وجھة نظرھم ھو وحده القادر على إشعارھم بالقیمة والأھمیة وھو فقط الذي یسقي ھذا الشعور لدیھم غیر مكترثین بتلك المعاملة السیئة التي یتعرضون لھا من قبل، كقلة الاحترام وعدم الاھتمام بھم وبآرائھم، المھم بالنسبة لھم أن یحافظوا على .تواصلھم معھ وانتمائھم إلیھ
وتذھب إلى أن إیذاء ھؤلاء الأشخاص لأنفسھم وتصرفھم بقسوة معھا ھو في حقیقتھ یرجع لإدانة للذات أو قد یكون تقدیر ذات متدنیا یمنعھم من التعبیر عما یشعرون بھ بجرأة وشجاعة ھؤلاء یكتفون بمجاراة الآخر وموافقتھ الدائمة على كل ما یقول حتى لو كان رأیھ عنھم خاطئا، حاجتھم لأن یرضوا الآخر تدفعھم لإلغاء كلمة ”لا“ من قاموسھم، وترسخ لدیھم تلك النظرة السلبیة عن ذواتھم بالإضافة إلى أنھا تجعلھم .یتصرفون ضد مبادئھم ورغباتھم
وتوضح أن إدانة الذات تعني الشعور الكبیر بالذنب تجاه تلك الحاجات الأساسیة الموجودة لدیھم أصلا والتي یحتاجون إلیھا، تفكیرھم بسلبیة عن تلك الحاجات عندھم یعمق لدیھم الإحساس بوجود خلل ما، وھذا الشعور بالطبع لا یولد معھم بل یتطور .داخلھم بالتدریج من خلال تفاعلھم مع البیئة والأشخاص المحیطین بھم وتضیف، اعتمادھم على تكوین صورتھم الذاتیة بناء على تصورات من حولھم، وخاصة الأھل الذین یطلقون عددا كبیرا من الرسائل السلبیة المنتقدة لأبنائھم ھؤلاء یتسببون بخلق أزمة حقیقیة لدیھم تفقدھم القیمة بھویتھم وتدفعھم إلى التشكیك بذاتھم .وبإنجازاتھم وحتى بإمكاناتھم
وتؤكد أن الإحساس بقیمتنا الذاتیة یجب أن ینبع من الداخل حتى نستطیع أن نتحرر من ذلك العداء الذي نمارسھ ضد أنفسنا مستندین في ذلك على تقدیرنا الحقیقي لكل .ما ھو إیجابي في شخصیتنا
وتشدد على ضرورة تجنبنا لتلك المصادر الخارجیة كالشھرة والغنى وتقبل الآخرین لنا، لأن جمیعھا قد تزول یوما ما. وقوفنا على أرضیة صلبة یتطلب منا أن نؤمن بذواتنا وبتنمیة بعض الأسس المھمة كالتفكیر بالمستقل وتحمل المسؤولیة الذاتیة والإنتاجیة والنضوج الفكري والعاطفي والتوكید الذاتي، وبالتالي تحقیق الأمان النفسي لدى ھؤلاء لیتمكنوا من التعبیر عن كل ما یجول في دواخلھم بعیدا عن .الخوف والتردد والاكتراث برأي الآخر