عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Sep-2020

الضلع الثالث ومبادرة الأردنية*د. أحمد يعقوب المجدوبة

 الراي

في مجتمعنا العديد من الإيجابيات التي نُغبَط عليها: الأصالة والشّهامة والكرامة والطّيبة وعزّة النفس والعمق الحضاري. وهذه ليست شعارات نرفعها، بل حقائق تتجلى في سلوكاتنا اليومية.
 
وفيه العديد من الإنجازات اللافتة التي تحقّقت بفعل تضافر الجهود عبر عقود في ميادين العلم والسياسة والتربية والتعليم والطب والصناعة والتجارة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات وريادة الأعمال وغيرها.
 
ويكفينا فخراً - وطنياً وقومياً وإسلامياً وإنسانياً = التمسك بالثوابت والقواسم المشتركة. إننا أمة وسط.
 
وهنالك المزيد المزيد.
 
بيد أن هنالك في ذات الوقت، كما هي الحال في المجتمعات الإنسانية كافة لكن ربّما بنسبة أكبر، إخفاقات وسلبيات وسمات غير حميدة تشدّنا إلى الخلف.
 
وهي كثيرة أيضاً، ولا مجال للخوض فيها هنا.
 
من أهمّها العديد من الممارسات السلبية الخارجة عن القوانين والأعراف والثوابت والقواسم المشتركة، القائمة على الإيذاء والتخريب والهدم والمنبثقة من أزمة أخلاق وقيم لدى الفئات التي تمارسها.
 
هي فئات قليلة، لكن تأثيرها مع الأسف كبير.
 
الُبعد القِيَمي الأخلاقي بُعد مهم في ضبط سلوك الأفراد وتنظيم العلاقات المجتمعية والدفع نحو النهوض والتقدم والازدهار.
 
خذ على سبيل المثال العبارة التي أصبحث مثلاً على أهمية الأخلاق في ضبط السلوك، والتي نستحضرها عندما نتحدث عن الحالة المرورية المتردية: «القيادة فن وذوق وأخلاق».
 
إنها عبارة دقيقة وتُشخّص الواقع تشخيصاً مُحتَرِفاً، فمعظم الحوادث التي تقع ومعظم الفوضى المرورية التي نشهد، مردّهما ليس نقص في فن القيادة أو مهاراتها، بل نقص في الذوق والأخلاق.
 
والمبدأ ذاته - مبدأ الشُّح أو العجز في الذوق والأخلاق - يتعدى الحالة المرورية لينطبق على الحالات المجتمعية كافة، الرسمي منها وغير الرسمي.
 
ففي معظم الحالات التي يحدث فيها الخلل يكون للبعد القِيَميّ أو الأخلاقي دور أساسي.
 
من هنا يتوجب علينا أخذ هذا البعد على محمل الجد الآن أكثر من أي وقت مضى لوضع حدّ للتردي في كل الحالات والسياقات.
 
ومعالجة هذا الأمر لا بد أن تتم على عدة مستويات، ويشارك فيها كلّ المعنيين. لكن، وكما هي الحال في معظم الإشكالات المشابهة، لا بد من أن نُعوّل على المؤسسة التربوية، مدرسياً وجامعياً، في أن تقوم بدورها في هذا المجال.
 
ونُذكّر هنا أن العملية التربوية، كالقيادة في المثل المذكور أعلاه، مؤسسة أيضاً على ثلاثة أبعاد: المعرفة والمهارة والأخلاق. وحتى تنجح التربية في أداء مهمتها لا بد لها من إنجاح العمل في المحاور الثلاثة.
 
تقليدياً، التركيز في القطاع التربوي كان وما يزال على ضلع المثلث الأول: المعرفة، وأحياناً مجرد المعلومة، حديثاً بدأنا نتنبّه لموضوع المهارة لما لها من أهمية في إيجاد وظائف للخريجين، لكن البعد الأخلاقي، والذي كان التركيز عليه أفضل سابقاً، أصبح شبه مغيب.
 
من هنا تأتي أهمية التركيز على الضلع الثالث وأهمية المبادرة التي اتخذتها إدارة الجامعة الأردنية – من باب شعورها بالمسؤولية وبحثها عن حل – بطرح مادة ضمن متطلبات الجامعة الإجبارية يدرسها الطلبة كافة بعنوان: «الأخلاق والقيم الإنسانية»؛ علّها تساهم، وسوف تُساهم، بالدفع نحو المرجو.