عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Mar-2019

حماس نجحت في قمع الاحتجاج لکنها خسرت الکثیر - عمیرة ھاس
ھآرتس
 
في ھذه الاثناء یبدو أن التخویف فعل فعلھ. سلطة حماس في غزة نجحت في قمع الاحتجاج،
ولكن القمع الفوري والعنیف نجح في أن یضعضع أیضا من یمیلون إلى تأیید حماس في نزاعھا مع السلطة الفلسطینیة، أو أن یروا في قیادة رام الله القیادة المسؤولة الأساسیة، بعد إسرائیل.
بالطبع، عن الضائقة الفظیعة لسكان القطاع.
ادعاء حماس بأن المظاھرات تم ترتیبھا وقیادتھا ودعمھا من قبل الاجھزة الامنیة للسلطة وفتح لم یجد لھ تصدیقا. حماس اثبتت في الاسبوع الماضي إلى أي مستوى ھي تخاف من الانتقاد الشعبي الذي في البدایة لم یكن بالضرورة سیاسیا بصورة مباشرة. ھناك میل للتصدیق بأن قیادة حماس اكثر اصغاء للجمھور من قیادة فتح. وقد اعطیت لھا الفرصة لتبریر ھذا الاعتقاد وأن تربح نقاطا أیضا في اوساط من لیسوا مؤیدین ایدیولوجیا، ولكن ھذه الفرصة تمت اضاعتھا.
من بین المراسلین الذین 23 من بینھم اعتقلوا وأمس كان ما یزال ثلاثة منھم في المعتقل، نشرت دعوة لمقاطعة مسیرات العودة في یوم الجمعة القادم وعدم الكتابة عنھا، في اعقاب قمع الاحتجاج. ”ھذا سیكون اختبار حركة الشباب“، قالت احدى سكان القطاع للصحیفة، ”اذا لم یشاركوا في المظاھرة وأبقوھا فقط لرجال حماس، ھذه ستكون طریقة اخرى لاظھار قوتھم وقوة الاحتجاج“.
رغم الثمن الباھظ الذي دفع من حیاة الناس وصحتھم وأداء الجھاز الصحي، مسیرات العودة اعتبرت نشاطات تعطي معنى للسكان المسجونین في القطاع، وانجازا سیاسیا لحماس لقیادة احتجاج یصل إلى آذان كل العالم. الاستعداد لمقاطعتھا – حتى لو كان الامر یتعلق بأقوال فقط – یدل على أن حماس لا یمكنھا أن تبني إلى الابد على احتكارھا كقائدة لمقاومة الاحتلال.
حماس اثبتت أنھا متمسكة بموقفھا كحزب حاكم في غزة، مثل حركة فتح التي تتمسك بموقفھا
كحزب حاكم في الضفة الغربیة. بالضبط مثلما نظمت السلطة الفلسطینیة مظاھرات تأیید مصطنعة لمحمود عباس، ھكذا فعلت حماس مؤخرا في غزة في الوقت الذي تمنع فیھ المظاھرات الاصلیة. في یوم الاحد استغلت العملیة في مفترق اریئیل من اجل اخراج مؤیدیھا إلى الشوارع، الامر الذي تمنعھ عن معارضیھا وتسمح بھ لرجالھا.
حركة الشباب التي بادرت إلى المظاھرات وعدت في یوم الاحد أنھا تنوي تجدیدھا ولكن ھذا لم
یحدث. مع ذلك فإن من تحدثت معھم لدیھم انطباع بأنھم لا یخافون من التحدث علنا عما حدث ومشاركة آخرین في الابلاغ عن ذلك. في الافلام القصیرة القلیلة التي نشرت كان یمكن رؤیة كیف أن رجال أمن حماس ضربوا المتظاھرین، رغم مصادرة الھواتف المحمولة للمراسلین وآخرین. ھذه الافلام تذكر بنوع الافلام التي صورت في المظاھرات في ایران، مثلا، بالھواتف التي خبئت تحت الملابس أو خلف الستائر.
عدد المعتقلین الشامل وعدد المعتقلین الذین اطلق سراحھم غیر معروف. ومشكوك فیھ أن ینجح
أحد ما في احصائھا. أیضا غیر معروف عدد المعتقلین الذین ما یزالون في الاعتقال لدى الشرطة. الحدیث عن التعذیب في المعتقل ھو الاكثر تخویفا. في التقاریر یتم ذكر مشاركین ثابتین في مسیرات العودة في ایام الجمعة الذین اعتقلوا وعذبوا، لكن بقي فقط فحص إلى أي درجة ھذه التقاریر صحیحة.
عندما لا یكون المراسلون احرارا ولا یتجرؤون على التحقیق في الاحداث مثلما حدث، تبرز اھمیة منظمات حقوق الانسان الفلسطینیة التي تعمل في القطاع، وخاصة الھیئة الفلسطینیة المستقلة لحقوق الانسان (التي تعمل كأمینة للمظالم للسلطة الفلسطینیة وسلطة الامر الواقع في
غزة) والمركز الفلسطیني لحقوق الانسان ومركز المیزان لحقوق الانسان. ھذه المنظمات تنتقد في الوقت الحالي حكم السلطة الفلسطینیة وتوثق بصورة یومیة الخروقات الإسرائیلیة للقانون الدولي وحقوق الانسان.
في ایام الحروب والھجمات العسكریة الإسرائیلیة، الباحثون المیدانیون لھذه المنظمات خاطروا بحیاتھم وسجلوا شھادات ووثقوا الاحداث القاسیة جدا. بعد وقت قصیر من التفریق العنیف لمظاھرات یوم الخمیس نشرت ھذه المنظمات تقاریر وادانات بالعربیة والانجلیزیة. وقد وفرت للمنظمات الموازیة في رام الله معلومات جاریة وارسلت رجالھا لمواصلة جمع الشھادات.
أیضا ھنا أظھرت اجھزة امن حماس الخوف من نشر الحقائق. رجال شرطتھا ھاجموا شخصیتین كبیرتین في الھیئة الفلسطینیة المستقلة، مدیر الفرع في غزة جمیل سرحان والمحامي بكر تركماني، الاثنان كانا في اطار عملھما یوم الجمعة في منزل صحفي في دیر البلح. وھناك جرت أشد المظاھرات قوة. رجال شرطة حماس صادروا ھواتفھما المحمولة واخرجوھما من البیت. عندما كانا في الاعتقال لدى الشرطة وحتى عندما عرفت ھویتھما، انھال علیھما رجال شرطة آخرین وضربوھما إلى أن نزفا. سرحان ما یزال یعاني من ضربة في رأسھ.
ھذا لم یتوقف ھنا. اربعة باحثین من ثلاث منظمات لحقوق الانسان (المركز والمیزان والضمیر) اعتقلوا یوم السبت اثناء قیامھم بجمع الشھادات وتم اخذھم للتحقیق. عندما ذھب محامي المركز الفلسطیني إلى الشرطة لفحص سبب اعتقالھم تم اعتقالھ أیضا. الخمسة اطلق سراحھم بعد بضع ساعات. ھذه المنظمات اثبتت في السابق أنھ لا یمكن تخویفھا. ھكذا من ناحیة حماس محاولة تخویفھم ھي أیضا عمل غبي.
یبدو أن القمع اعاد ھذا الاسبوع ولو لفترة قصیرة الحاجز النفسي والایدیولوجي الذي فصل في
الثمانینیات بین تنظیمات م.ت.ف الوطنیة وبین التنظیمات الاسلامیة في مرحلة ما قبل حماس.
منظمات علیا لـ ”التنظیمات الوطنیة والاسلامیة“ اجتمعت في یوم الجمعة وطلبت من حماس الاعتذار امام الجمھور واطلاق سراح المعتقلین. حماس وفتح منذ فترة ترفضان الجلوس معا في ھذه اللقاءات، أو في معظمھا. والتنظیم یكون عدیم الجدوى.
مع ذلك، اھمیة التنظیم الاعلى ھو في أنھ یقابل في اوقات الازمة كبار المندوبین للاحزاب والحركات حتى لو لم تكن جمیعھا. ھذه التنظیمات تحاول الحفاظ على تبادل الآراء وتھدئة النفوس عند الحاجة. في اللقاء ھذه المرة حضرت كل التنظیمات الوطنیة باستثناء حماس والجھاد الاسلامي. غیاب الاخیر مھم. في فترة توتر سابقة بین حماس وفتح حافظ ھذا التنظیم الصغیر على الحیاد وكان شریكا في الجھود الخارجیة للمصالحة بین الطرفین. ھذه المرة یمكن تفسیر غیابھ عن اللقاء كإظھار الدعم لحماس التي تقمع أو الارتباط بالتنظیم الدیني الكبیر.
من بین الموقعین على الدعوة لحماس بالاعتذار یمكن أن نجد أیضا الجبھة الشعبیة القریبة جدا من حماس في كل ما یتعلق بانتقادھا لاتفاق اوسلو والسلطة الفلسطینیة. رغم أن الجبھة الشعبیة
تقلصت ولیس لدیھا زعماء ونشطاء بارزون مثلما كان لھا في السابق، إلا أنھا ما تزال تحظى بھالة الماضي. وحتى لو خاف المتظاھرون من العودة للتظاھر لفترة طویلة، فإن سلطة حماس تلقت ضربة قویة على ایدیھا ھي نفسھا.