عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Feb-2021

نداء عاجل إلى وزير الثقافة* د. سليمان صويص
الأول نيوز – لا أدري كم من المثقفين والعاملين بالشأن العام هزّهم الخبر الذي نشره موقع «الأول» أمس حول إضطرار الكاتب والناقد الأدبي نزيه أبو نضال بيع مكتبته وسيارته لأسباب تتعلق بأوضاعه المعيشية، بعد أن وصل إلى سن الشيخوخة الذي غالبا ما ترافقه مشكلات صحيّة.
 
أعفاني الصديق أسامة الرنتيسي في تعليقه أمس من التعريف بهذا المثقف الذي ينطبق عليه مفهوم المفكر الإيطالي الماركسي، أنطونيو غرامشي، حول «المثقف العضوي». لم يكتف نزيه بالكتابة والإهتمام بالأدب (يُسجّل له أنه كان أول من لفت الإنتباه إلى الروائي الأردني الراحل زياد قاسم)، بل جسّد مبادئه من خلال الممارسة والنضال في صفوف المقاومة الفلسطينية في ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. كان من بين أردنيين كثيرين آمنوا في تلك الحقبة بأن النضال من أجل فلسطين هو في الآن نفسه نضال من أجل الأردن (والعكس صحيح)، إضافة إلى أنه نضال من أجل الدفاع عن الأمة العربية والشرف العربي.
 
يُذكّرنا الوضع الذي يُعاني منه الأستاذ نزيه بحالة المثقف الحقيقي في بلادنا : قيودٌ معنوية ومادية، وحرية تعبير محدودة وحقوق سياسية واجتماعية لا تجد طريقها إلى أرض الواقع في معظم الأحيان. لا أزال اتذكّر تعليقاً كتبه الروائي المرحوم مؤنس الرزاز قبل سنوات قليلة من وفاته يقول فيه بانه كان يتمنى لو كان يتقن أية «صنعة» أخرى غير الكتابة لهرب إليها؛ تصوروا، كان يتألم لأنه روائي وكاتب ! أما الفنان العظيم توفيق النمري، «أبو الأغنية الأردنية»، فقد ذكر ذات مقابلة صحفية معه بانه لم يتمكن من بناء منزل له ولعائلته بعد ان أمضى أربعين عاماً في مجال التلحين والأغنية التي أغنت تراثنا الفنّي والوطني. أما حالة شاعر الأردن الخالد عرار «مصطفى وهبة التل»، فقد عكست سياسة تلك الفترة التي كانت ترى في المثقف الحقيقي خصماً يجب مطاردته وسجنه واضطهاده إذا كان في المعارضة، أو موظفاً يمكن احتواؤه إذا كان الحاكم راضياً عنه.
 
كم عدد المثقفين والمبدعين الأردنيين الذين واجهوا في حياتهم ـ على مدى مئة عام من عمر الدولة ـ أوضاعاً أكثر أو أقل حدة من تلك التي يواجهها الأستاذ نزيه أبو نضال حالياً، أو الذين اضطروا للعيش في المنفى في فترات سابقة وعانوا من الفقر والتشرد والمرض ؟  القائمة طويلة ولا حاجة لذكر أسماء بعينها، وهي لا تمنعنا من التذكير ببعض الحالات التي وقفت فيها الدولة الأردنية إلى جانب مثقفين وسياسيين معارضين عندما واجهوا المرض أو ظروفاً صعبة، كحالة المرحوم سالم النحاس، على سبيل المثال. وفي حالات عديدة، جرى تكريم مثقفين ومنحهم جوائز… لكن ذلك، على اهميته، لا يعكس سياسة واضحة تجاه المثقفين، وبدرجة أقلّ لا يقدّم حلولاً للمشكلات المعيشية التي قد يواجهونها بدرجات متفاوتة. من حق المثقف والكاتب والروائي والمبدع الذي ساهم في البنيان الثقافي لوطنه أن يعيش «آخر عمره» بكرامة واستقرار وطمأنينة.
 
بإختصار : هناك حاجة ماسة لوضع سياسة واضحة للتعامل مع المثقفين الأردنيين الحقيقيين، سواءٌ كانوا في المعارضة أو الموالاة. لا يمكن إعلاء شأن الثقافة في الوطن إذا لم نُعلي من شأن المثقفين الذين وقفوا حياتهم لخدمة الثقافة وتطويرها في مجتمعنا. 
 
وإلى أن يتحقق ذلك، نوجّه نداءاً حاراً ملحاً إلى معالي وزير الثقافة، د. باسم الطويسي لإيجاد حلٍّ يؤمن شيخوخة مستقرة للأستاذ نزيه أبو نضال. كما ندعو المؤسسات الأهلية كمنتدى الفحيص الثقافي، ورابطة الكتاب الأردنيين واتحاد الأدباء الأردنيين ومؤسسة عبد الحميد شومان الثقافية إلى تقديم المساعدة للكاتب والناقد الأدبي والمناضل نزيه للخروج من الوضع الصعب الذي يعاني منه والذي دفعه لعرض أثمن ما يملكه، وهي كتبه للبيع من أجل مواجهة هذا الوضع.