الدبلوماسية الأردنية - المصرية*د. كميل موسى فرام
الراي
تلعب الدبلوماسية الأردنية بقيادة جلالة الملك دورا محوريا وأساسيا بتوجيه وضبط بوصلة الأحداث في المنطقة والإقليم والعالم، حيث هناك إجماع دولي على بعد النظر والحكمة التي يتمتع فيها جلالة الملك، بهدف نشر محاور السلام والسلم والاطمئنان لشعوب المنطقة والعالم، فهناك قدر لهذه المنطقة أن تعيش الصراعات والفوضى، وأن تكون ساحة حروب بالوكالة أو اصطناع الحروب لتسويق أحدث الأسلحة الفتاكة وتجربتها، فاستقلال المنطقة عن دول الاستعمار، ارتدى ثوباً مختلفاً بذات المعنى، تحت فاصل التهديد والإرهاب، أو إعادة أمجاد إمبراطوريات اندثرت أمجادها بعد اكتشاف وهنها وسطحيتها، والأردن الهاشمي يحتل قلب المنطقة جغرافيا، ويسيطر على جميع ممرات العبور بين الدول، والأردن الهاشمي مهد الديانات السماوية لمعظم سكان البشرية، لأنه بلد التوافق والتسامح والاعتدال، والأردن الهاشمي هو النواة لحضارة الشرق الموعود بالرخاء والاستقرار، وهو البلد المعتدل والقادر على ضبط معادلة الحكمة، فقراءة التاريخ للاستفادة، هي حكر على العظماء باستقراء وتحليل يعطي بصمات الفائدة بكل الخطوات، وربما التحديات التي فرضها واقع الوباء، لم تمنع الإضطلاع بالدور القيادي والتنسيق مع الأشقاء والأصدقاء وبخاصة في دول القرار المؤثرة، فأنين عمان وفرحها يسمع بالقاهرة.
مصر العروبة هي ضابط القوة العربية بهيبتها وتاريخها وحضارتها، لأنها المدرسة التعليمية بجميع مفاصل البناء للأوطان؛ مدرسة الطب والأدب والسياسة والصناعة والسياحة والعبرة، احتضنت القوة والحضارة والمكتبة والمدرسة، وهي ثقل بشري يفرض قوته بالتعامل، وتحتل موقعاً جغرافياً بين القارات وممرات العبور، يصعب إنكار تأثيرها أو القفز عن دورها الأساسي، واحتضانها لمقر الجامعة العربية منذ تأسيسها يبرهن نيتها وقدرتها على الجمع ولم الشمل العربي، بالرغم من التحديات ذات المدى الواسع، لأن دول الاستعمار ومن يدور بأفقها وأفلاكها، تدرك جيداً الحجم الموقر لمصر العروبة بجميع المحافل والمنتديات، وهي تحاول عبر أذرعها الواهنة إحداث البلابل الداخلية أو الحدودية.
التنسيق والتوأمة بين الدبلوماسية الأردنية والمصرية ممثلة بالحضور القوي لجلالة الملك عبدالله وأخيه سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، هي الترجمة الحقيقية لمعنى العروبة التي تتدفق بشرايين الشعب؛ وهي المثال الواقعي على ترجمة الأمنيات لأفعال على أرض الواقع، وربما الزيارة الأخيرة للرئيس السيسي لعمان تلبية لدعوة من جلالة الملك، بعد الجولة الملكية بزيارة دولة الامارات العربية المتحدة ودولة البحرين، ومشاوراته المستمرة للتنسيق الأخوي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، للمحافظة على قدسية القضية الفلسطينية واعتبارها العنوان والمفتاح للسلام بالشرق الأوسط، فجميع اراتدادات بركان «الربيع العربي» هي بالأساس للتأثير على مسار القضية الفلسطينة، التي يؤكد البلدان العربيان؛ الأردن ومصر، إن الحل الشامل والعادل بإقامة الدولتين حسب قرارات الشرعية الدولية وقرارات الاجماع العربي، ويضاف إليها نتائج الزيارة بالتوقيت لوزير الخارجية الأردني للمملكة العربية السعودية الشقيقة، وبعد تواصل ملكي مع دول المحور والقرار الأوروبي، تمهيداً لرسم سياسة التحرك العربي مع المعطيات الدولية الجديدة وخصوصاً تولي الإدارة الديمقراطية سدة الحكم في الولايات المتحدة، صاحبة النصيب الأكبر من أسهم القرار بالقضايا والحلول.
تأتي دعوة جلالة الملك للرئيس السيسي انطلاقاً من إيمان جلالته بأهمية دور مصر في تعزيز الاستقرار في المنطقة وتوسيع العلاقات العربية وتقويتها بما يخدم مصالح الدول والشعوب، فالتنسيق بين القادة سيصنع الرقم الصعب الذي يفرض الحضور، ويكون له مساحة ضمن خطط السلام لأنها تبنى على منطق التنسيق المتواصل بين الأردن ومصر، وهي تأكيد على دور جلالته المحوري في تنسيق المواقف العربية لخدمة الأمتين العربية والإسلامية وحماية مصالح الأردن ومصر، وهي تأكيد على دور الأردن بوصايته على المقدسات في القدس، ودورها في حمايتها، ضمن قاموس التحديات الذي يحيط بأمتنا، فتنسيق (عمان-القاهرة) هو شريان الاستمرار لحياة الشعوب العربية، وسنفرد لها حديث الغد، وللحديث بقية.