عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    09-Jan-2020

اغتيال سليماني وما سيترتب عليه..! - د.عبد الرحيم جاموس

 

 الدستور- مقتل قاسم سليماني فجر يوم الجمعة 3/1/2020م مَثلَّ ذروة التصعيد في التوتر القائم بين الولايات المتحدة وإيران خلال فترة رئاسة الرئيس ترامب.
إيران التي لم تخف عدائها المعلن للولايات المتحدة وللكيان الصهيوني منذ نجاح ثورتها في سنة 1979م، لم تخف سياستها القائمة على مبدأ تصدير الثورة لدول الجوار منذ ذلك الحين، وقد تولى حرسها الثوري مسؤولية تصدير هذه الثورة، وأشرف على صناعة الأحزاب الموالية لإيران ولفكرها السياسي والطائفي في العديد من دول الجوار، هذه السياسة الاستفزازية من طرف إيران الثورة وما أحدثته من قلق لدى دول المنطقة، جعل الصراع العربي الإسرائيلي يحتل مرتبة ثانوية، أمام تهديداتها المباشرة لها، فوقعت على أثره الحرب العراقية الإيرانية التي دامت عشر سنوات، وما خلفته من قتل ودمار لدى الجانبين، كانت بمثابة جائزة كبرى للكيان الصهيوني، فكان ذراعها السياسي والعسكري (الحرس الثوري) وفي مقدمته المسمى (فيلق القدس) الذي كان يقوده الجنرال قاسم سليماني، أداتها الرئيسية في تنفيذ هذه السياسات، من لبنان إلى سوريا والعراق واليمن وفلسطين وغيرها..
هذه السياسات المعلنة من جانب إيران لم تجد المواجهة والمجابهة الحقيقية والمباشرة من قبل الولايات المتحدة، بل كانت تقابل بإثارة مزيد من المخاوف منها لدى دول الجوار، لتبرير تواجدها الأمني والعسكري في تلك الدول المهدده بالتدخلات الإيرانية..!
بعد احداث 11سبتمبر 2001م وجدنا التعاون التام والوثيق والتنسيق الكامل ما بين الولايات المتحدة وإيران في احتلال كل من افغانستان، والشراكة في غزو واحتلال العراق وتدمير الدولة العراقية ومؤسساتها والمجتمع، وقد مكنت الولايات المتحدة أنصار إيران في العراق من الإمساك بدفة الحكم في بغداد.
هنا نطرح السؤال ماذا سيترتب على هذا الاغتيال السياسي لقاسم سليماني، من طرف سلاح الجو الأمريكي، بغض النظر عما أعلنه الطرفان الأمريكي والإيراني بشأن هذا الحدث من مبررات وردات فعل إعلامية؟ والذي رفع درجة التوتر والقلق ليس فقط بين الأمريكان والإيرانيين، وإنما بين دول وشعوب المنطقة ودول العالم بشكل عام، هل تسعى أمريكا فعلا إلى إعلان حالة الحرب على إيران، وهل ستتوقف الشراكة بينها وبين إيران في الغزو والاحتلال وتقاسم الهيمنة والنفوذ على العراق وغيره؟
أسئلة كثيرة واستراتيجية ومهمة يطرحها تغييب قاسم سليماني من المشهد السياسي، هل يثني إيران عن مواصلة سياستها القائمة على تصدير الثورة، ودعم فصائل المقاومة ودعمها للأحزاب الطائفية التي أسستها ودعمتها بغرض ضرب الاستقرار في تلك الدول...؟
الحقيقة لا أحد يرغب بالحرب، لا إيران ولا أمريكا ولا دول الخليج العربي، ولا أي دولة من دول العالم لما لها من أضرار بالغة على الجميع، بإستثناء الكيان الصهيوني المؤسس والقائم على العنف والحرب والدمار لكل شعوب المنطقة، حيث يجد فيها وظيفته وغايته، وضالته في استمرار قضم الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.
لذا سوف يستوعب الحدث رغم أهميته وخطورته من قبل الطرفين، وسيتم تجاوزه دون الإنزلاق إلى إعلان حالة الحرب الشاملة، لكنه سيؤدي إلى إعادة صياغة العلاقة بين الطرفين فيما يخدم مصالحهما، والإتفاقِ على إجهاض الحراك الوطني والقومي العربي في العراق وفي لبنان وفي غيرها من بلاد العرب، وإعادة إحياء الاصطفاف الطائفي الذي يخدم مصالحهما ويتوافق واستراتجيتهما واستراتيجية الكيان الصهيوني فيما يتعلق بالشأن العربي عامة.. والمستقبل القريب سوف يثبت ذلك.