عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Jul-2024

المستوطنات مشروع كذب وخداع للذات

 الغد-هآرتس

 
بقلم: ايريس ليعال   21/7/2024
 
 في يوم الاربعاء الماضي كنت في كفار تفوح، مستوطنة شرق السامرة. الشمس كانت ملتهبة، وامرأة شابة، التي كانت الحياة مثل شوكة في حلق الفلسطينيين وتنغيص حياتهم، تركت الحياة آثارها عليها، مرت بين قاطرتين قبل أن ننطلق، ثلاثة شباب تعرفوا على الاسم "مجدي" الذي كتب على حافلتنا الصغيرة وطاردونا وضربوا على غطاء المحرك وطلبوا امام السائق الخائف معرفة لماذا ادخلوا عربيا الى مستوطنتهم.
 
 
هم كانوا شباب صغار، لكنهم يعرفون كيف يقومون بالتصنيف العنصري. هذه هي الصورة التي اخذتها معي من جولتي الصحفية التي نظمتها مبادرة جنيف: امرأة وعدد من الشباب يعيشون في فيلم سينمائي بأنه يمكنهم السيطرة على المناطق والاحتفاظ بها بدون ازعاج، لأن ممثليهم في الكنيست لديهم قوة هستيرية. هذا هو الاستيطان الذي يتحدث عنه سموتريتش واوريت ستروك. هذه هي قسمات "المعجزة"، ليس فقط كتل استيطانية، بل عدة كرفانات في كفار تفوح وافيتار، التي تخدم الهدف الاسمى، قتل امكانية حل النزاع بالطرق السلمية.
 اضافة الى حقيقة أن المستوطنات هي مشروع للسلب، هي ايضا مشروع ضخم الابعاد من الكذب وخداع النفس، الذي اسرائيل كلها تستسلم له بسعادة. مرت 24 ساعة والكنيست وافقت على مشروع قرار ينص على "الكنيست الاسرائيلية تعارض بشكل قاطع اقامة الدولة الفلسطينية غرب نهر الاردن". مجموعة من الواهمين الذين يؤمنون بأنه بعد عشرات السنين من النضال الفلسطيني الوطني والدموي سينجحون في اقناع ملايين الاشخاص بأن يكونوا رعايا في اراضيهم، التي لم يتوقفوا للحظة عن رؤيتها كوطن. زئيف الكين غرد مثل عريس في يوم زفافه وقال بأن اقامة دولة فلسطينية في قلب البلاد هو الذي سيديم الصراع، الامر الذي جعلني اتساءل حول نوع المخدرات التي يتعاطاها.
 كل سنوات حكم نتنياهو ادار فيها الصراع من خلال الايمان الكاذب بأنه يمكن نسيان وجود الفلسطينيين في البلاد وفي العالم، وتجاهل مطالبتهم بدولة. حول اتفاقات ابراهيم قال برضى بأنها الاثبات على وجود سلام مقابل السلام وليس مقابل الارض. 7 تشرين الاول كان تذكير مخيف له بخطئه. والادراك في العالم لضائقة الفلسطينيين، والحاجة الحيوية للعثور على حل سياسي لم تكن في أي يوم اكبر مما هي في الوقت الحالي. ولكن بدلا من اصلاح الخطأ الكنيست قامت بترسيخه.
هذا الامر يقودنا الى قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي أول من أمس. من اجل استباق الضربة بتقديم العلاج لها، اعلن سموتريتش بأن الامر يتعلق بجسم سياسي، ليس لاسامي، وأن "مصدر حقنا في كل اجزاء ارض اسرائيل نحن نأخذه من الوعد الالهي". قضاة المحكمة في لاهاي تأثروا بدرجة أقل بالوعد الالهي وتأثروا اكثر مما يحدث في الواقع وقالوا إن وجود اسرائيل في الضفة وفي شرقي القدس غير قانوني؛ والنشاطات التي تقوم بها اسرائيل في هذه المناطق من بين ذلك بناء المستوطنات وتوسيعها، تصل الى حد ضم اجزاء كبيرة من اراضي الفلسطينيين؛ اسرائيل فشلت في منع اعمال عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين ومعاقبتهم؛ وأنها تقوم بمصادرة الاراضي وتوطن فيها المستوطنين؛ العار الاكثر فداحة منها جميعها هو أن اسرائيل تدير منظومة فصل عنصري وربما هي اوجدت نظام ابرتهايد.
رد اعضاء الصهيونية الدينية على الفتوى ظهر بصيغة موحدة: "الاجابة على لاهاي هي السيادة الآن". نتنياهو اعلن أنه لا يوجد شعب يحتل بلاده. ويئير لبيد قال إن الفتوى مقطوعة عن الواقع وهي مشوبة باللاسامية. بدءا بسموتريتش وانتهاء بلبيد، وبدءا باليمين المسيحاني وانتهاء بالوسط – يسار، الجميع اختاروا انكار الاحتلال وكونه الموضوع الذي يشكل حياتنا. زعماء عميان وغير شجعان، أبقوا لليسار الراديكالي الانشغال بالواقع، سيواصلون استبعاد أن كلمة ابرتهايد قيلت. ولكن الجميع على جانبي الخط الاخضر الذي قامت اسرائيل بمحوه سيشعرون في الوقت القريب بهزة ارضية ثانوية لقرار لاهاي. اللعبة انتهت.