عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    01-Jun-2019

ما يــوحــد قــارة أوروبـــا

 

افتتاحية- «كرستيان سيانس مونيتور»
ليس ثمة شيء ينجح في توحيد شعوب قارة اوروبا على صعيد كونها تملك ثقافة عالمية مثل يوروفيجن، وهي مسابقة الغناء الني تنعقد كل عام في شهر ايار ما بين متسابقين منفردين من كل دولة، وفي هذا العام، حل المغني القادم من بريطانيا في المرتبة الاخيرة، وقد قادت هذه النتيجة الى ظهور مطالبات غاضبة من العديد من الناس في المملكة المتحدة- التي تعد موطن فرقة البيتلز والمغني الشهير التون جون واديل- بالانسحاب من المسابقة الى الابد.
من الجدير بالذكر ان مثل هذه العزلات التي تفرضها الشعوب على نفسها نظرا لدوافع قومية لا تحدث كثيرا على الارجح، اذ ان الاعجاب بالغناء الجميل وكلمات الاغاني الرائعة لا يتقيد بحدود معينة، كما ان مسابقة يوروفيجن تمتعت بشعبية كبيرة ولمدة طويلة على شاشات التلفاز في بريطانيا.
ربما كانت هذه الواقعة ذات فائدة في استيعاب حدث اخر على مستوى القارة الاوروبية في شهر ايار، وهو الانتخابات التي جرت قبل فترة وجيزة من اجل اختيار برلمان اوروبي جديد، لقد توقع الخبراء ان الحركات القومية التي تشكك بجدوى الاتحاد الاوروبي سوف تصعد الى السلطة من خلال مجلس تشريعي يمثل اكثر من نصف مليار شخص في الاتحاد الاوروبي الذي يتضمن 28 دولة، وقد ذكر الخبراء انه وعقب عشر سنوات من التحديات الصعبة في اوروبا، سيميل المقترعون الى تاييد المصالح المحلية التي تعنى بالشؤون الداخلية بدلا من الالتفات الى ايجاد الحلول المشتركة التي تبنى على القيم الشائعة ما بين سكان بلدان القارة. 
غير ان هذا التوقع لم يتجسد على ارض الواقع، بينما حصدت الاحزاب السياسية ذات التوجه المناهض للاتحاد الاوروبي نجاحات ملحوظة في اربع من اصل اكبر ستة بلدان من حيث التعداد السكاني، كانت المفاجأة الكبرى صعودا سريعا لاحزاب اصغر حجما تعكس قضايا مثل التغير المناخي والهجرة والتجارة والفساد الذي يجتاز الحدود- ويتطلب جهودا عابرة للحدود في الوقت عينه، من جهة اخرى، فان الاحزاب التقليدية في القارة الاوروبية التي تعكس بشكل رئيس خلافات اليمين واليسار حيال الاقتصاد الوطني لكل بلد، لم تلق النجاح المنتظر.
وخلص الاستاذ في جامعة برنستون هارولد جيمس الى ان «هذه الانتخابات كانت في الحقيقة اول انتخابات برلمانية اوروبية تمتاز بافكار اوروبية صادقة»، لقد كان معدل مشاركة المصوتين في السباق البرلماني هو الاعلى منذ ربع قرن، ما يعكس اتجاه اربعين عاما من التراجع، وهذا الامر يشير الى ازدياد جديد في الاهتمام باوروبا ذاتها، بل ان الفائز الاكبر بين الاحزاب القومية وهو حركة خمس نجوم في ايطاليا يعرف عن نفسه بوصفه احد المصلحين للاتحاد الاوروبي، وقد صرح زعيم الحزب ماتيو سالفيني بالقول انه يرغب في ان تتولى بلدان اوروبية اخرى مزيدا من العبء في التعامل مع المهاجرين الذين يقدمون من قارة افريقيا، وقد تعهد بان يغير قوانين الاتحاد الاوروبي فيما يتعلق بالتقشف المالي في الدول الاعضاء التي تتصف بالانفاق المفرط،
لقد قام الاتحاد الاوروبي على مبادئ تسعى الى ضمان الازدهار غير انه يؤكد ايضا على ضرورة الحد من النزعات القومية التي ادت فيما مضى الى حربين عظيمتين في القرن العشرين، ربما تكون سياسته معقدة ومتحفظة وهشة امام العراقيل ، كما هي الحال مع خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، غير ان مشروعه الرامي الى تجاوز المصالح القومية الضيقة ما زال قائما، اذ ان بعض القيم والحلول، مثل الصدح بأغان جميلة تمتاز بشعبية عالمية تتغلب على كل العقبات.