الراي
وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاثنين الماضي، رسالة إلى الشعب الإيراني قائلاً إن إسرائيل تقف إلى جانبكم، مضيفاً أنه لو اهتم بكم نظامكم لتوقف عن إنفاق الدولارات من أجل الحروب في الشرق الأوسط و إنّ النظام في إيران يُغرق المنطقة في الظلام والحرب، مدعياً أن الغالبية العظمى من الإيرانيين يعرفون أنّ نظامهم لا يهتم بهم على الإطلاق وصرخ نتيناهو مهددا أن ليس هناك على وجه الأرض مكان لا يمكننا الوصول إليه، وقبل ذلك وجه ذات الرسالة إلى اللبنانيين يحرضهم على حزب الله، قائلا إن الحزب استخدمكم لفترة طويلة ك?روع بشرية، وقد وضع صواريخ في الغرف التي تعيشون فيها، وصواريخ في مرائبكم.
المحزن هنا، إن نتنياهو خرج عن الطاعة لجميع القيادات العالمية التي اكتفت بالتمترس أمام شاشات التلفزة لرؤية الأمين العام الراحل حسن نصر الله وغالبية القيادات التي اغتالتهم الفرق الاستخبارية أو استهدفتهم من الجو، حتى ابنته ذهبت إلى خالقها، فيما صمت الجميع في جزء غير بعيد عن الجنوب اللبناني يترقبون ما الذي سيحدث بعد ذلك.
وما هي إلا يوم واحد حتى جاء الرد المزعوم من قبل إيران بإطلاق مئات الصواريخ العابرة للحدود تجاه إسرائيل، ولكن تلك الصواريخ سقط بعضها على الأراضي الأردنية، ورغم كل تلك الصواريخ الإيرانية التي سقطت على أراض فلسطينية ومدن إسرائيلية و مطارات عسكرية فلم يسجل أي إصابة تذكر، بل كان الهلع يسيطر على السكان في حيفا و تل أبيب وعكا ومدن شمال فلسطين، و أما بعد فقد التزم نتنياهو وعصابته بعدم الرد على إيران حتى الساعة.
لذلك نرى أن هذه الرشقات الصاروخية القادمة من الشرق ليست سوى رفع عتب عقب اغتيال القائد إسماعيل هنية في عقر دارهم ولم يصدر عنهم أي بيان يذكرون فيه كيف تم الاغتيال، وبعد شهرين جاء الرد الثاني عقب مقتل حسن نصرالله و مجموعة من القادة الميدانيين قبل أسبوع مضى، فأصبحت القضية بالنسبة لإيران إغلاق الملف المزدوج، ولكن جيش نتنياهو المثقل بالأعباء لا يزال يضع قدم على أراض لبنانية وقدم أخرى متأخرة تحسبا لما قد تقوم به حماس من انقضاضة تروع فيها الكيان الصهيوني، فضلا عن الاستشهاديين محمد مسك 19 عاما وأحمد الهيموني 25 عام? والذين أسقطوا سبعة أشخاص داخل مقصورة للقطار الخفيف وأصيب سبعة عشر آخرين، قبل أن يواصلا سيرهما على الأقدام قبل أن تقتلهم قوات الاحتلال.
وفي ظل كل هذا الهوان لا تزال دول عربية تقف خلف الحائط فلا صوت ولا منادي، بينما الشعب الفلسطيني يذبح من الضفة الغربية حتى رفح وحتى الساعة لا تزال قوات العدو الصهيوني تنكل بالأطفال والنساء، وليس هناك موعد للخلاص من مجرم الحرب نتنياهو وزمرته اللعينة، فليس الفلسطيني وحده الذي يعاني من فرط القتل للجميع وعشرات الآلاف من الأبرياء الشهداء في كل مناطق فلسطين، بل إن يهود نتنياهو يعانون أيضا من الآلام والقتل، فالعين بالعين والبادئ أظلم.
و لكن المعيب أننا بدأنا بالتعايش مع جثث الشهداء ورغم الويلات نقيم الأفراح و نتاجر بالغواني ونستجلب حثالة «الهبيز» و نرقص على أشلاء الجثث رغم بعدهم عنا، ثم نقول: كل مُر سيمر، ولكن الطريق طويلة إن لم يأت خبر السماء بالفرج، فالميدان أصبح أضيق وأضيق، فيما «هاغاري» يسرح ويمرح نافشاً ريشه و يعدد الكم من آلاف الطلعات الحربية على غزة ولبنان وسوريا، ولا أحد يرد الصاع بنصف صاع.