عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Mar-2019

اقتـراع حاســم لتحديـد هـويــة الـوطـــن
 
 
افتتاحية- «كرستيان سيانس مونيتور»
لقد اثارت انتخابات البرلمان الاوروبي التي من المقرر عقدها في شهر ايار المقبل رؤى متضاربة لفرنسا وألمانيا حيال منع الاحزاب المعارضة للاتحاد الاوروبي من تحقيق النصر. اذ ان واحدا من اهم الانتخابات لعام 2019 تجرى في شهر ايار المقبل حين يختار مقترعو الاتحاد الاوروبي برلمانا جديدا يمثل اكثر من نصف مليار شخص. وعادة ما يكون هذا الانتخاب ممارسة ديمقراطية تثير السأم، لكنها هذه المرة قد تسفر عن احزاب قومية يمينية تكسب المزيد من المقاعد. ويشكل بروزها المتصاعد تهديدا وجوديا لمستقبل الاتحاد الذي يضم 28 بلدا. 
على الرغم من ذلك، فإن اهمية موازية تنبع من اسلوب اقوى المدافعين عن الكتلة- فرنسا وألمانيا- في التعاطي مع هذا الامر. في الايام الاخيرة، يحاول القادة في كل بلد ان يعيدوا تعريف الكيفية التي تمكن الاتحاد الاوروبي من اعطاء هوية اقوى لمواطنيه، حتى وان كانت شعورا بوجود وطن مشترك رغم النزاعات القائمة بشأن قضايا مثل الهجرة. هذا النقاش الاوروبي لا يتعلق بالسياسة كما هو معتاد. ومن الممكن ان تكون النتيجة أهم من خروج بريطانيا المحتمل من الاتحاد الاوروبي.  
في الخامس من شهر اذار، نشرت رسالة كتبها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في 28 صحيفة في انحاء القارة. وهي تقترح ايجاد مؤسسات اقوى واكثر مركزية، مثل قوة امنية واحدة لحدود الاتحاد الاوروبي. كما انها تستعمل لغة الاحزاب الشعبوية. على سبيل المثال، يوجه الرئيس ماكرون كلماته الى «مواطني أوروبا». وهو يطلب منهم تعزيز الاتحاد «لان الحضارة الاوروبية هي التي توحدنا وتحررنا وتحمينا». وكتب قائلا ان القوميين المشككين بجدوى الاتحاد مخطئون «حين يزعمون بانهم يدافعون عن الهوية عن طريق الانسحاب من الاتحاد الاوروبي».
لقد اثارت رسالته ردا في الحادي عشر من اذار من انغريت كرامب- كارنبور، زعيمة الحزب الحاكم في ألمانيا، الاتحاد الديمقراطي المسيحي. وبصفتها المرشحة الاولى لتحل محل المستشارة انجيلا ميركل، فقد تصبح صانعة القرارات السياسية التالية في الاتحاد الاوروبي. وهي ايضا معارضة قوية لرؤية ماكرون. 
انها تعارض ما تسميه دولة اوروبية عظمى، وتفضل ان ترى الهوية في اوروبا بوصفها لا تزال متجذرة في كل بلد ولكن بالتزامن مع ما يجمع بين البلدان من مصالح وقيم وغايات مشتركة. لا يمكن لمؤسسات الاتحاد الاوروبي الكثيرة ان تدعي افضلية اخلاقية على المجهود الجماعي للحكومات الوطنية. وقد كتبت قائلة: «لن ينجح المسعى الاصلاحي لاوروبا من دون الدول القومية. فهي ضمانة الشرعية الديمقراطية والشعور بالانتماء». 
وتتلخص رؤيتها في تحسين توازن المصالح والموارد لكل بلد عضو. وتقترح قائلة «كلما زاد اسهام بلد في مجال معين، قل اسهامه في المجالات الاخرى». وترى ان جاذبية اوروبا تكمن في تنوعها وقدرة دولها على العمل سويا. وغالبا ما تقتبس مرشدتها السيدة ميركل مقولة الكاتب التشيكي كارل تشابك: ان الخالق جعل اوروبا صغيرة بل وقسمها الى دول، بحيث تجد قلوبنا المتعة في تنوعها لا في حجمها».
لقد تشكل الاتحاد الاوروبي في اعقاب الحرب العالمية الثانية من اجل ان يكون مجتمعا اقتصاديا ويقوم على المبادئ التي تحول دون العودة الى القومية المستمدة من العرق والارض. والان في ظل الانتخابات المقبلة، يعرض اثنان من قادته رؤى لنوع جديد من القومية. ربما يختلفان لكنهما يهدفان على الاقل الى مواجهة نوع القومية الذي يغلق الحدود وينقلب على القيم الديمقراطية. والاهم من ذلك كله، كل يرى اوروبا موطنه.