عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    05-Dec-2019

يجب البدء بعملية إعادة إعمار - بقلم: تسفي برئيل

 

هآرتس
 
لقد اصبحت لدينا حرب اهلية في اسرائيل، وهي لا تشبه التي دمرت لبنان خلال 15 سنة ولا الحرب في العراق. حتى الآن لا يوجد فيها سفك للدماء، لكن في مجال السايبر هي مندلعة، في ميادين تل ابيب يتبادلون اللكمات ويهددون بمظاهرات مليونية. الدولة تديرها حكومة انتقالية مذعورة، والاسباط التي تحدث عنها رئيس الدولة تنقسم الى مليشيات سياسية، ومشاعر عدم الثقة والاحباط واليأس تخلق الارضية الضرورية لاندلاع لحرب اهلية.
يبدو أن هذه حرب على رأس نتنياهو. عمليا، هذا صراع ضد الاسلوب. خصوم رئيس الحكومة يعرضون استمرار حكمه كجريمة ضد الديمقراطية، واهانة للاخلاق والاستقامة وأسس الحكم الرشيد. مؤيدوه يتمسكون بالقانون الذي سمح لرئيس الحكومة بمواصلة منصبه في ظل وجود لائحة اتهام، والقانون هو بالفعل القاعدة التي عليها يقوم العقد بين المواطنين والحكومة. حسب رأيهم، من يعارض شرعية حكم نتنياهو فهو مثل من يرفض القانون نفسه. هكذا، تحول طلب عزل نتنياهو من صراع شخصي الى معركة ايديولوجية على مكانة القانون في دولة ديمقراطية، والجدال حول صورة المجتمع الاسرائيلي.
هل من المسموح ويجب تقديم روبين هود للمحاكمة لأنه تلقى، كما يبدو، الرشوة وهدايا بمئات آلاف الشواقل من اثرياء العالم، لكنه منح الطبقات الفقيرة، و”اسرائيل الثانية” والمقربين، مكانة وسلطة قوية، أم أنه يجب أن نرى فيه قاطع طريق بائس؟ في نظر المخلصين له لا يوجد شك؛ “سلطة القانون ليست فوق القانون”، كما قالت الوزيرة ميري ريغف. يمكننا الاستهزاء من جهلها، لكن ريغف تمثل بصورة امينة معضلة من يخدمهم القانون ويمنح نتنياهو السلطة في مواصلة تولي منصبه، وفي نفس الوقت يؤدي الى تقديمه للمحاكمة. كيف نسوي هذا التناقض؟.
فقط المواطنون في اسرائيل هم الذين سيقررون من سيقود الدولة. فقط أنتم السيد. لا يمكن تجاهل صوتكم. فصوتكم هو ايضا حكم قطعي”، قالت ريغف. القانون هو بالاجمال كلمات وحروف، ارادة الشعب هي القانون الحقيقي، والميدان هو المحكمة المناسبة التي يجب التقرير فيها حكم رئيس الحكومة. من ناحية المخلصين لنتنياهو فإن الخضوع للقانون المكتوب ليس مجرد خضوع سياسي، بل هو هزيمة طبقية ونهاية للتاريخ وعودة الى سلطة المافيا البيضاء، التي من البداية حددت قوانين الدولة المشوهة التي لا ترى أن امامهم يقف زعيم جليل يحظى بالتأييد.
هناك من يطلبون من الليكود البدء بالفطام من بيبي. وآخرون يريدون عدم قطع رأسه في محاكمة عامة، بل أن يعطوا للمحكمة نفس المحكمة التي هي موضوع الصراع أن تحسم مصيره، وربما حتى منح نتنياهو الفترة المتبقية لأنه لم يبق له أي شيء الى حين تقديمه للمحاكمة. هذا سخاء يستحق الثناء، حيث فقط من هو واثق من فوزه يمكنه أن يسمح لنفسه بذلك. العدو خسر، يقولون، و”قانوننا” انتصر على قانونهم. ولكن دون التطرق الى الدمار الذي يمكن لنتنياهو أن يتسبب به في فترة ولاية لبضعة اشهر، أو دون التطرق الى تهديد الحصانة الذي لم يختف حتى الآن، فان هذا الامر سيؤدي في النهاية الى تمديد ولايته حتى اصدار قرار حكم قطعي، في حين ان عزله الفوري هو امر حيوي اذا اردنا البدء في اعادة اعمار الخراب وتفكيك المتاريس واعادة البيت لاصحابه.
المستشار القانوني للحكومة لا يمكنه حبس نفسه وراء نص القانون الحرفي عندما يريد تفسير هل نتنياهو يمكنه تشكيل حكومة جديدة، بعد أن صاغ هو نفسه بحرص لائحة الاتهام ضده. لأنه ليس من نتنياهو يجب على الليكود والجمهور الاسرائيلي أن ينفطموا، والتخلي عن التماثل الذي خلقه نتنياهو بين زعامته وبين كراهية القانون. إن اسقاطه فورا من المنصة السياسية لا يعتبر انتقام لطائفة ضد طائفة اخرى. تفسيره هو اعادة النقاش القيمي والايديولوجي الى المكان المناسب والطبيعي الذي أُبعد عنه عندما حوله نتنياهو الى نقاش حول شخص ما.